الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قوله لزمه ثنتان ) عبارة الخانية قالوا : لزمه ثنتان ( قوله مجيء الأمر بهما ) الذي في الخانية وغيرها الأثر بالثاء المثلثة ، وهو كذلك في بعض النسخ والمراد به ما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=66015أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين } قال الشرنبلالي في شرحه : قد يقال لما بين عليه الصلاة والسلام أن أحدهما عنه وعن آله والآخر عن أمته لم يقض بثنتين على شخص بالسنية ( قوله والأصح وجوب الكل ) كذا صححه في الظهيرية . ونقل في التتارخانية عن الصدر الشهيد أنه الظاهر وسيأتي في النظم ، فيلزمه أن يضحي بالعشر في أيام النحر وبعدها يتصدق بها حية لو كانت معينة كما يؤخذ مما مر متنا . قال الشرنبلالي في شرحه : وأقول في صحة إلزامه بثنتين أو بعشر تأمل . والذي يظهر لي أنه مثل إلزامه على نفسه الظهر عشرا فلا يلزمه غير ما أوجبه تعالى ، لأن نذر ذات الواجب وتعدده ليس صحيحا نعم نذر مثله كقوله nindex.php?page=treesubj&link=4180_4074نذرت ذبح عشر شياه وقت كذا يصح ويلغو ذكر الوقت ، وتقدم في الحج : لو nindex.php?page=treesubj&link=26615قال لله تعالى علي حجة الإسلام مرتين لا يلزمه شيء غير المشروع مع أن الحج نفلا مشروع ولكن لا يسمى حجة الإسلام ، وكذلك الأضحية لم تشرع لازمة إلا واحدة فنذر تعددها إلزام غير المشروع وجوبا فلا يلزم فليتأمل ا هـ . أقول وبالله تعالى التوفيق إن كتب المذهب طافحة بصحة nindex.php?page=treesubj&link=4074_3981النذر بالأضحية من الغني والفقير ، وقدمنا أن nindex.php?page=treesubj&link=3981_4074_4180_4192الغني إذا قصد بالنذر الإخبار عن الواجب عليه وكان في أيام النحر لزمه واحدة وإلا فثنتان .
ثم لا يخفى أن الأضحية اسم لشاة مثلا تذبح في أيام النحر واجبة كانت أو تطوعا ، فإذا نذر أضحية لم تنصرف إلى الواجبة عليه ما لم ينو بالنذر الإخبار ، كما إذا قال لله علي حجة ، وعليه حجة الإسلام ، قال الزيلعي : يلزمه أخرى إلا إذا عني به الواجب عليه ا هـ ، فإذا نذر عشر أضحيات لم يحتمل الإخبار عن الواجب أصلا كما قدمناه عن البدائع من أن nindex.php?page=treesubj&link=4180_3981_4074_4192الغني لو نذر قبل أيام النحر أن يضحي شاة لزمه شاتان إحداهما بالنذر والأخرى بالغنى لعدم [ ص: 333 ] احتمال الصيغة الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=4074_3981_4180نذر وهو فقير ثم استغنى وهنا كذلك لعدم وجوب العشر فتلزمه العشر لأنها عبادة من جنسها واجب ، بخلاف ما لو قال : لله علي حجة الإسلام مرتين لأن حجة الإسلام اسم للفعل المخصوص على سبيل الفرضية فإذا قال مرة أو مرتين لا يلزمه لأن المرة لازمة قبل النذر والثانية لا يمكن جعلها حجة الإسلام التي هي فرض العمر ، ومثله nindex.php?page=treesubj&link=27079نذر رمضان مرة أو مرتين ، فالفرق بين الأضحية التي تطلق على الواجب والتطوع كالصوم والصلاة والحج وبين حجة الإسلام كصوم رمضان وصلاة الظهر أظهر من الشمس ، وحيث علمت أن الأضحية اسم لما يذبح في وقت مخصوص لم يكن فيها إلغاء الوقت ، فإذا نذرها يلزم فعلها فيه وإلا لم يكن آتيا بالمنذور لأنها بعدها لا تسمى أضحية ولذا يتصدق بها حية إذا خرج وقتها كما قدمناه ، بخلاف ما إذا نذر ذبح شاة في وقت كذا يلغو ذكر الوقت لأنه وصف زائد على مسمى الشاة ولذا ألغى علماؤنا تعيين الزمان والمكان ، بخلاف الأضحية فإن الوقت قد جعل جزءا من مفهومها فلزم اعتباره ، ونظير ذلك ما لو nindex.php?page=treesubj&link=4180_26639نذر هدي شاة فإنهم قالوا إنما يخرجه عن العهدة ذبحها في الحرم والتصدق بها هناك مع أنهم قالوا لو nindex.php?page=treesubj&link=4180نذر التصدق بدرهم على فقراء مكة له التصدق على غيرهم ، وما ذاك إلا لكون الهدي اسما لما يهدى إلى مكة ويتصدق به فيها
فقد جعل المكان جزءا من مفهومه كالزمان في الأضحية فإذا تصدق به في غير مكة لم يأت بما نذره ، بخلاف ما لو نذر التصدق بالدرهم فيها فإن المكان لم يجعل جزءا من مفهوم الدرهم فإن الدرهم درهم سواء تصدق به في مكة أو غيرها بخلاف الهدي ، فقد ظهر وجه تصحيح العشر ووجه لزوم ذبحها في أيام النحر فاغتنم هذه الفائدة الجليلة ، التي هي من نتائج فكرتي العليلة ; فإني لم أرها في كتاب ، والحمد لله الملك الوهاب