فصل ( الثالث ) نجس ، وهو ما تغير بنجاسة    ( و ) وكذا قليل لاقى نجاسة    . 
وفي عيون المسائل يدركها طرف ( و  ش    ) . وقيل : إن مضى زمن تسري فيه ، وعنه لا ينجس ( و  م    ) وعنه إن كان جاريا ( و هـ     )  [ ص: 85 ] اختارها جماعة ، وحكى عنه أبو الوقت الدينوري  طهارة ما لم يدركه الطرف  ، ذكره ابن الصيرفي    . وعنه تعتبر كل جرية بنفسها ، وهي أشهر ، فيفضي إلى تنجس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة ، لقلة ما يحاذي القليلة ، والجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة . 
وقال  الشيخ    : وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها ، وإن امتدت النجاسة فقيل : واحدة ، وقيل : كل جرية نجاسة منفردة ( م 16 ) ولا يؤثر تغيره في محل التطهير ، وفيه قول ، اختاره شيخنا  ، قال : والتفريق بينهما بوصف غير مؤثر لغة وشرعا . 
وإن لم يتغير الكثير لم ينجس ، إلا ببول أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت نص عليه ، وعنه : أولا من آدمي ، فيه روايتان ( م 17 )  [ ص: 86 ] وقيل بل عذرة مائعة ، ولم يستثن في التلخيص إلا بول آدمي ، وكذا قال  أحمد  في رواية صالح    . ونقل  مهنا  في بئر وقع فيه ثوب تنجس ببول آدمي    : ينزح ، ويتوجه من تقييد العذرة بالمائعة لا ينزح ، اختار أكثر المتأخرين لا ينجس ( و .  ش    ) قال  القاضي  وغيره ونقل الجماعة واختاره شيوخ أصحابنا : ينجس ، إلا أن تعظم مشقة نزحه كمصانع بطريق  [ ص: 87 ] مكة    . 
وإن تغير بعض الكثير ففي نجاسة ما لم يتغير مع كثرته وجهان    ( م 18 ) وظاهر كلامهم ; أن نجاسة الماء النجس عينية . وذكر شيخنا  في شرح العمدة لا ، لأنه يطهر غيره ، فنفسه أولى ، وأنه كالثوب النجس وذكر  [ ص: 88 ] بعض أصحابنا في كتب الخلاف : أن نجاسته مجاورة سريعة الإزالة ، لا عينية ، فلهذا يجوز بيعه  ، وحرم الحلواني  وغيره استعماله إلا لضرورة . وذكر جماعة أن سقيه للبهائم كالطعام النجس . وفي نهاية الأزجي    : لا يجوز قربانه بحال ، بل يراق ، وقاله في التعليق في المتغير ، وأنه في حكم عين نجسة ، بخلاف قليل نجس لم يتغير ، فيجوز بل الطين به ، وسقي الدواب ، ويأتي كلام الأزجي  في الاستحالة . والكثير قلتان ، والقليل دونهما ( هـ     ) وهما خمسمائة رطل عراقية ، والرطل مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، فهو سبع الدمشقي ونصف سبعه ، فالقلتان بالدمشقي مائة رطل ، وسبعة أرطال وسبع ( و  ش    ) وعنه أربعمائة عراقية ، والتقدير تقريب على الأصح ( و  ش    ) ويطهر الكثير النجس بزوال تغيره بنفسه  على الأصح ، أو إضافة قلتين بحسب الإمكان للمشقة ، واعتبر الأزجي  والمستوعب الاتصال في صب الماء ، أو بنزح يبقى بعده قلتان . وهو طهور ، وقيل : طاهر لزوال النجاسة به ، ولا يطهر القليل النجس إلا بقلتين ، فإن أضيف إلى ذلك قليل طهور ، أو مائع وبلغ القليل قلتين أو تراب ونحوه غير مسك ونحوه لم يطهر ، لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه ، فغيره أولى ، وقيل بلى لخبر القلتين ، ولزوال التغير ، وقيل : بالماء ، لأن غيره يستر النجاسة ، وقيل به في النجس الكثير فقط ، جزم به في المستوعب وغيره ، وأطلق في الإيضاح روايتين في التراب ،  وللشافعي  قولان . وإن أضيف إلى القليل قليل ولم يبلغا قلتين ، أو تراب ونحوه  ، لم يطهر ، لبقاء علة التنجيس ، وهي الملاقاة ويطهر ما لا يشق ،  [ ص: 89 ] نزحه بما يشق  ، وقيل : أو هما يشقان ، وقيل : وبقلتين ، ويعتبر زوال التغير في الكل . وإن اجتمع من نجس وطهور وطاهر قلتان بلا تغير  فكله نجس ، وقيل : طاهر ، وقيل : طهور ، وإن أضيف قلة نجسة إلى مثلها ولا تغير لم يطهر في المنصوص (  ش    ) ككمالها ببول أو نجاسة أخرى ، ( و ) وفي غسل جوانب بئر نزحت أرضها  روايتان ( م 19 ) وله استعمال كثير لم يتغير ، ولو مع قيام النجاسة فيه وبينه وبينها قليل ، وما انتضح من قليل لسقوطها فيه نجس . وإن شك في كثرة الماء ، أو نجاسة عظم ، أو روثة أو جفاف نجاسة على ذباب وغيره ، أو ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم وجد بفيه رطوبة  فوجهان ( م 20 - 24 ) ونقل حرب  وغيره  [ ص: 90 ] فيمن وطئ روثة فرخص فيه : إذا لم يعرف ما هي ؟ وإن احتمل تغيره  [ ص: 91 ] بما فيه من نجس أو غيره عمل به ، وإن احتملهما فوجهان ( م 25 ) وإن شك في طهارة شيء ، أو نجاسته  بنى على أصله ( و ) وإن أخبره عدل بنجاسته ، قيل : إن عين سببها ، وقيل : مطلقا ، وفي المستور ، والمميز ، ولزوم  [ ص: 92 ] السؤال عن السبب وجهان ( م 26 ) وإن أصابه ماء ميزاب ولا أمارة  كره سؤاله عنه ، نقله صالح  ، لقول  عمر  لصاحب الحوض : لا تخبرنا ، فلا يلزم الجواب ، وقيل : بلى ، كما لو سئل عن القبلة ، وقيل : الأولى السؤال  [ ص: 93 ] والجواب ، وقيل بلزومها ، وأوجب الأزجي  إجابته إن علم نجاسته ، وإلا فلا . وينجس كل مائع ، كزيت وسمن بنجاسة ، نقله الجماعة ( و  م   ش    ) وذكره  ابن حزم    ( ع ) في سمن ، كذا قال ، وعنه حكمه كالماء ( و هـ     ) وعنه إن كان الماء أصلا له . 
وقال شيخنا    : ولبن كزيت . وإن اشتبه طهور بنجس  لم يتحر (  ش    ) كميتة بمذكاة ، وهل يشترط لتيممه إراقتهما ، أو خلطهما أم لا ؟ فيه روايتان ( م 29 ) وإن علم النجس وقد تيمم وصلى  [ ص: 94 ] فلا إعادة في الأصح ، وعنه له التحري إذا زاد عدد الطهور ( و هـ     ) وقيل : عرفا . وهل يلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله ؟  فيه احتمالات ، الثالث يلزم إن شرطت إزالتها لصلاة ( م 30 ) وهل يلزم التحري لأكل أو شرب ؟ فيه روايتان ( م 31 ) ثم في غسل ؟ فيه وجهان ( م 32 ) ولا يتحرى أحد مع وجود غير مشتبه (  ش    ) ومحرم كنجس فيما تقدم ، وقيل : يتحرى مطلقا . 
وإن توضأ بماء ثم علم نجاسته  أعاد ، نقله الجماعة ( و )  [ ص: 95 ] خلافا للرعاية ، وإن لم نقل : إزالة النجاسة شرط ، كذا قال ، ونصه : حتى يتيقن براءته . 
وقال  القاضي  وأصحابه بعد ظنه نجاسته ، وذكر في الفصول والأزجي    : إن شك ، هل كان وضوءه قبل نجاسة الماء ، أو بعده  ، لم يعد ، لأن الأصل الطهارة ، وهذا معنى كلام غيرهما ، لعدم العلم أنه صلى بنجاسة ، لكن يقال : شكه في القدر الزائد كشكه مطلقا ، فيؤخذ من هذا لا يلزمه أن يعيد إلا ما تيقنه بماء نجس ، وهو متجه ، وفاقا لأبي يوسف   ومحمد  وبعض الشافعية ، كشكه في شرط العبادة بعد فراغها ، فهو كشكه في النية بعد الفراغ ، وعلى هذا لا يغسل ثيابه ، وآنيته ، ونص  أحمد  يلزمه ( و ) ويأتي أن من صلى ووجد عليه نجاسة لا يعلم : هل كانت في الصلاة ؟  أنها تصح في الأشهر ، لأنه الأصل ، قال في منتهى الغاية : ولهذا لو رأى نجاسة في ماء يسير ، أو أصابته جنابة ولم يعلم زمن ابتدائهما  لكانا في وقت الشك كالمعدومين يقينا ، لأنه الأصل ، كذا قال ، ولعل مراده أنه شك : هل صلى مع المانع أصلا ، أم لا ؟ وقد يفرق بتأكد رفع الحدث ، بخلاف النجاسة ، والله أعلم . 
وإن اشتبه طهور بطاهر  توضأ منهما وضوءا واحدا ، وقيل : من كل واحد ، ولا يتحرى في مطلق ومستعمل (  ش    ) ويصلي صلاة واحدة ، وإن توضأ منهما مع طهور بيقين وضوءا واحدا صح ، وإلا فلا . وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة  صلى بعدد النجس ، وزاد صلاة ، ونوى بكل صلاة الفرض ، احتياطا كمن نسي صلاة من يوم ، وقد فرق  أحمد  بين الثياب والأواني بأن الماء يلصق بالبدن ، قال الأصحاب : ولأنه ليس  [ ص: 96 ] عليها أمارة ، ولا لها بدل يرجع إليه ، ويتوجه احتمال سواء ، وقيل : يتحرى مع كثرة الثياب النجسة للمشقة ( و . هـ     .  ش   م  ر ) لا مطلقا خلافا للفنون . 
وقاله أيضا في مناظراته ، وقيل : يصلي في واحد بلا تحر ، وفي الإعادة وجهان ، ويتوجه أن هذا فيما إذا بان طاهرا كنظيره في ماء مشتبه في وجه ، ولا تصح في الثياب المشتبهة مع طاهر يقينا (  ش    ) وكذا الأمكنة . ويصلي في فضاء واسع حيث شاء بلا تحر . وإن اشتبهت أخته بأجنبية  لم يتحر ، وقيل : بلى في عشر ، وفي قبيلة كبيرة له النكاح ، وفي لزوم التحري وجهان ( م 33 ) ويتوجه مثله  [ ص: 97 ] في الميتة بالمذكاة ( م 34 ) قال  أحمد    : أما شاتان : فلا يجوز التحري ، فأما إذا كثرت فهذا غير هذا ، ونقل  الأثرم  أنه قيل له فثلاثة ؟ قال : لا أدري . 
     	
		 [ ص: 85 ] 
				
						
						
