ويستحب قتل كل مؤذ من حيوان وطير  ( في الحرم    )   ، جزم به في المستوعب وغيره ، وهو مراد من أباحه ، نقل  حنبل    : يقتل المحرم الكلب العقور والذئب والسبع وكل ما عدا من السباع ، ونقل أبو الحارث    : يقتل السبع عدا عليه أو لم يعد ( و  م   ش    ) وقال  أبو حنيفة    : يقتل ما في الخبر والذئب ، وإلا فعليه الجزاء ، وعن  أبي حنيفة    : العقور وغير العقور والمستأنس والمستوحش منهما سواء . لأن المعتبر في ذلك الجنس ، وكذا الفأرة الأهلية والوحشية سواء . قال أصحابه ولا شيء في بعوض وبراغيث وقراد ، لأنها ليست بصيد ، ولا متولدة من البدن ، ومؤذية بطبعها . وكذا النمل المؤذي ، وإلا لم يحل قتله ، لكن لا جزاء ، للعلة الأولى . لنا أن الله [ سبحانه وتعالى ] علق تحريم صيد البر بالإحرام وأراد به المصيد ، لقوله : { لا تقتلوا الصيد    } وقوله : { أحل لكم صيد البحر    } لأنه أضاف الصيد إلى البر ، وليس المحرم صيدا حقيقة ، ولهذا قال عليه السلام { الضبع صيد وفيه كبش   } وعن  عائشة  مرفوعا { خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحل والحرم    : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور   } متفق عليه ،  ولمسلم    { والغراب الأبقع   }  وللنسائي   وابن ماجه    { خمس يقتلهن المحرم : الحية والفأرة والحدأة والغراب الأبقع والكلب العقور   } 
 [ ص: 438 ] وعن  ابن عمر  مرفوعا { خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور   } متفق عليه  ولمسلم    { في الحرم والإحرام   }  وللدارقطني  فيه { يقتل المحرم الذئب   } وسئل أيضا : ما يقتل المحرم من الدواب  ؟ فقال : حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه { كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية ، قال : وفي الصلاة أيضا   } . رواه  مسلم  ، وعن  أبي هريرة  مرفوعا { خمس قتلهن حلال في الحرم فأسقط الغراب   } رواه أبو داود  ،  ولأحمد  عن  ابن عباس  مرفوعا { خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم في الحرم  ، فأسقط الحدأة   } ،  ولمسلم  عن  ابن مسعود    { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر محرما بقتل حية بمنى    } ، فنص من كل جنس على أدناه تنبيها ، والتنبيه مقدم على المفهوم إن كان ، فإن اختلاف الألفاظ يدل على عدم القصد ، والمخالف لا يقول بالمفهوم ، والأسد كلب ، كما في دعائه عليه السلام على عتبة بن أبي لهب    ; ولأن ما لا يضمن بقيمته ولا مثله لا يضمن بشيء كالحشرات ، فإن عندهم لا يجاوز بقيمته شاة ; لأنه محارب مؤذ ، قلنا : فهذا لا جزاء فيه . وعند  زفر    : تجب قيمته بالغة ما بلغت ، وهو أقيس على أصلهم ، وقال قوم : لا يباح قتل غراب البين  ، ولعله ظاهر المستوعب ، فإنه مثل بالغراب الأبقع فقط ، وكذا قال الحنفية المراد به الغراب الذي 
 [ ص: 439 ] يأكل الجيف ، للفظ الخاص ، لكن غيره أكثر وأصح ، والمعنى يقتضيه ، وفي المفهوم نظر هنا ، وعن  أبي سعيد  مرفوعا { أنه سأل عما يقتل المحرم ، قال : الحية والعقرب والفويسقة ويرمي الغراب ولا يقتله ، والكلب العقور والحدأة والسبع العادي   } فيه  يزيد بن أبي زياد  ، ضعفه الأكثر ، سبق أول المواقيت ، وفيه مخالفة للصحاح ، رواه  أحمد  وأبو داود  ، والترمذي  وحسنه ، واعتمد عليه  القاضي  بناء على أن العادي وصف لازم . ويدخل في الإباحة البازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها ، والذباب والبق والبعوض ، وذكره في المستوعب  والشيخ  وغيرهما ، ونقل  حنبل    : يقتل القرد والنسر والعقاب إذا وثب ، ولا كفارة ، فإن قتل شيئا من هذه من غير أن يعدو عليه فلا كفارة عليه ، ولا ينبغي له ، وما لا يؤذي بطبعه لا جزاء فيه ، لما سبق ، قال بعض أصحابنا : ويجوز قتله ، وقيل : يكره ، وجزم به في المحرر وغيره ، وقيل : يحرم ، نقل أبو داود    : يقتل كل ما يؤذيه ، ولأصحابنا وجهان في نمل ونحوه ، وجزم في المستوعب : يكره من غير أذية ، وذكر منها الذباب والتحريم أظهر ، للنهي ( م 33 ) ونقل  حنبل    : لا بأس بقتل الذر ، 
 [ ص: 440 ] ونقل مهنا    : ويقتل النملة إذا عضته والنحلة إذا آذته ، واختار شيخنا    : لا يجوز قتل نحل ولو بأخذ كل عسله ، قال هو وغيره : إن لم يندفع [ ضرر ] نمل إلا بقتله جاز ، قال  أحمد    : يدخن للزنابير إذا خشي أذاهم هو أحب إلي من تحريقه ، والنمل إذا آذاه يقتله ، واحتج في المغني على تحريم قتل غير مؤذ بالنهي عن قتل الكلاب  ، فدل على التسوية ، وأنه إن جاز ، جاز قتل كل كلب لم يبح اقتناؤه ، كما هو ظاهر كلام جماعة هنا ، وهو متجه ، ويلزم من لم يحرم قتل النمل ، وأولى ، وقد سبق قول  أحمد    : 
 [ ص: 441 ] يقتل النمل إذا آذته ، فالكلاب بنجاستها وأكل ما غفل الناس عنه أولى ، لكن ما استثناه الشرع من كلب الصيد ونحوه يحرم قتله (  م    ) كما أن الكلب الأسود البهيم يباح قتله ، ذكره الأصحاب ، لأمر الشارع به ، وعن  ابن عباس  مرفوعا { نهى عن قتل الخطاطيف  ، وكان يأمر بقتل العنكبوت ، وكان يقال : إنها مسخ   } رواه أبو يعلى الموصلي  بسند واه ، قال ابن الجوزي  في الموضوعات : ولا يجوز قتل العنكبوت  ، وفي ذلك بسط في الآداب الشرعية . ولا جزاء في محرم إلا ما سبق من المتولد ، قال  أحمد  في الضفدع : لا فدية فيه ، نهي عن قتله . 
وفي الإرشاد فيه حكومة ، ونقله عبد الله  وقاله سفيان  ، وذكر  لأحمد  فقال : لا أعرف فيه حكومة . 
وقال  ابن عقيل    : في النملة لقمة أو تمرة إذا لم تؤذه ، وخرج بعضهم مثله في النحلة . 
وقال بعض أصحابنا : في أم حبين جدي ، وهي دابة معروفة مثل ابن عرس وابن آوى ويقال أم حبينة ، سميت بذلك لانتفاخ بطنها ، شبهت بالحبلى ، ومنه الأحبن وهو المستسقى ; لأن  عثمان    [ رضي الله عنه ] قضى بذلك ، رواه  الشافعي  ، فيتوجه منه كل محرم لم يؤمر بقتله 
     	
		 [ ص: 439 ] 
				
						
						
