الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=14762وبالردة فيه الخلاف وكذا [ ص: 343 ] توكيله ( م 11 - 14 ) وإن لم يبطل بتعديه صار ضامنا ، فإذا تصرف كما قال وكله برئ بقبضه العوض ، فإن رد بعيب صار مضمونا ، ويبطل بتلف العين ، ودفعه عوضا لم يؤمر به ، واقتراضه كتلفه ، ولو عزل عوضه .
( مسألة 11 - 14 ) قوله : وبالردة فيه الخلاف ، وكذا توكيله ، انتهى . اشتمل كلامه على أربع مسائل :
( المسألة الأولى 11 ) nindex.php?page=treesubj&link=14762هل تبطل الوكالة بردة الوكيل أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الهداية والمذهب والخلاصة والمقنع والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم .
( أحدهما ) لا تبطل ، وهو الصحيح ، صححه في المغني والشرح والتصحيح [ ص: 344 ] وغيرهم ، وجزم به في الكافي والوجيز وغيرهما ، قال في الفصول والمستوعب والتلخيص وغيرهم : لا تبطل الوكالة بردة الوكيل وإن لحق بدار الحرب ، وقدمه nindex.php?page=showalam&ids=13168ابن رزين . والوجه الثاني تبطل .
( المسألة الثانية 12 ) nindex.php?page=treesubj&link=14755هل تبطل بردة الموكل أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه من تقدم في المسألة التي قبلها .
( أحدهما ) تبطل ، وهو الصحيح ، قال في الفصول والمستوعب والتلخيص وغيرهم : nindex.php?page=treesubj&link=14755هل ينعزل الوكيل بردة الموكل ؟ على وجهين ، أصلهما هل ينقطع ملكه وتصرفه أو يكون موقوفا . انتهى ، قال في المغني والشرح وشرح nindex.php?page=showalam&ids=13168ابن رزين وغيرهم : لو nindex.php?page=treesubj&link=14755ارتد الموكل لم تبطل الوكالة فيما له التصرف فيه ، فأما الوكيل في ماله فينبني على تصرف نفسه ، فإن قلنا يصح تصرفه لم يبطل توكيله ، انتهى . والوجه الثاني لا يبطل ، بناء على صحة تصرف الموكل بعد ردته ، والصحيح من المذهب منعه من التصرف .
( المسألة الثالثة 13 ) لو nindex.php?page=treesubj&link=14762_14755وكله ثم ارتدا معا فهل تبطل أم لا ؟ أطلق الخلاف ، واعلم أن كلا منهما يعطى حكمه لو انفرد بالارتداد كما تقدم .
( المسألة الرابعة 14 ) توكيله في ردته هل يصح أم لا ؟ أطلق الخلاف ، هذا ظاهر عبارته ، فعلى هذا يكون الخلاف فيه مبنيا على صحة تصرفه حال ردته وعدمها ، قال في المغني والشرح وشرح nindex.php?page=showalam&ids=13168ابن رزين وغيرهم : إن حكوا الخلاف في ارتداد كما تقدم ، وإن وكل في حال ردته ففيه الوجوه الثلاثة ، انتهى . والصحيح من المذهب أنه لا يصح .
{ تنبيه }
يحتمل أن يكون مراده بقوله " وبالردة فيه الخلاف وكذا توكيله " الخلاف الذي تقدم قريبا في كلامه ، وأطلقه ، وهو ظاهر عبارته ، لكن يشكل [ ص: 345 ] على هذا كون الأصحاب جعلوا المسألة الثانية والثالثة مبنيتان على تصرف المرتد ، والمذهب أنه ممنوع ، قدمه المصنف وغيره في بابه ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=13439الشيخ الموفق وغيره .
وقال ابن منجى : إن المذهب الوقف ، فحينئذ يبقى في إطلاقه الخلاف نظر ظاهر ، لكونه قدم في باب المرتد منعه من التصرف ، وأطلق الخلاف هنا ، ويحتمل أن يريد بقوله الخلاف ، الخلاف الذي في تصرف المرتد ، وهو الصواب ، ويقويه كلامه في المغني وغيره ، لما ذكروا ذلك وأحالوه على صحة تصرفه وعدمها ، وأيضا لو أراد الخلاف الذي قبله لقال : " وكذا الردة وتوكيله " لكن يرد على هذا المسألة الأولى ، فإنها ليست مبنية على ذلك ، فيما يظهر ، لأنهم لم يذكروها ، أو يقال : هي داخلة في ذلك ، لأنه إذا كان ممنوعا من التصرف في ماله فغيره بطريق أولى ، فعلى ما اخترناه إنما قصد حكاية الخلاف وإحالة الصحيح على الأصل ، كما هي عادته ، لا أنه قصد إطلاق الخلاف ، وهذا أيضا صحيح ، والله أعلم .