وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى معه حياة ، كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ذبحه آخر  قتل الأول وعزر الثاني ، وهو معنى كلامه في التبصرة ، كما لو جنى على ميت  ، فلهذا لا يضمنه ، ودل هذا على أن التصرف فيه كميت لو كان عبدا ، فلا يصح بيعه ، كذا  [ ص: 629 ] جعلوا الضابط : يعيش مثله أو لا يعيش ، وكذا علل  الخرقي  المسألتين ، مع أنه قال في الذي لا يعيش : خرق بطنه وأخرج حشوته فقطعها فأبانها منه ، وهذا يقتضي أنه لو لم يبنها لم يكن حكمه كذلك ، مع أنه بقطعها لا يعيش فاعتبر  الخرقي  كونه لا يعيش في موضع خاص ، فتعميم الأصحاب لا سيما واحتج غير واحد منهم بكلام  الخرقي  وفيه نظر . 
وهذا معنى اختيار  الشيخ  وغيره في كلام  الخرقي  ، وأنه ، احتج به في مسألة الذكاة ، فدل على تساويهما عنده وعند  الخرقي  ، ولهذا احتج بوصية  عمر  ، [ رضي الله عنه ] ووجوب العبادة عليه في مسألة الذكاة ، كما احتج هنا ، ولا فرق . 
وقد قال ابن أبي موسى  وغيره في الذكاة كالقول هنا في أنه يعيش أو لا . 
ونص عليه  أحمد  أيضا ، فهؤلاء أيضا سووا بينهما ، وكلام الأكثر على التفرقة ، وفيه نظر . 
وقال في المغني : إن فعل ما يموت به يقينا وبقيت معه حياة مستقرة ، كما لو خرق حشوته ولم يبنها ، فالقاتل الثاني ، لأنه في حكم الحياة ، لصحة وصية  عمر   وعلي    [ رضي الله عنهما ] وكما لو جاز بقاؤه ، وكمريض لا يرجى برؤه . 
قال : وإن أخرجه فعلى الأول من حكم الحياة بأن أبان ، حشوته أو ذبحه ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ، ويتوجه تخريج رواية  [ ص: 630 ] من مسألة الذكاة أنهما قاتلان ، ولهذا اعتبروا إحداهما بالأخرى ، ولو كان فعل الثاني كلا فعل لم يؤثر غرق حيوان في ماء يقتله مثله بعد ذبحه ، على إحدى الروايتين ، ولما صح القول بأن نفسه زهقت بهما كالمقارن ، ولا يقع كون الأصل الخطر بل الأصل بقاء عصمة الإنسان على ما كان . 
فإن قيل : زال الأصل بالسبب ، قيل وفي مسألة الذكاة . وقد ظهر أن الفعل الطارئ له تأثير في التحريم في المسألة المذكورة ، وتأثير في الحل في مسألة المنخنقة وأخواتها على ما فيها من الخلاف ، ولم أجد في كلامهم دليلا هنا إلا مجرد دعوى أنه كميت ، ولا فرقا مؤثرا بينه وبين الذكاة ، والله أعلم . 
ويلزم الأول موجب جراحة ، وظاهر كلامهم هذا أن المريض الذي لا يرجى برؤه كصحيح في الجناية منه وعليه وإرثه واعتبار كلامه إلا ما سبق من تبرعاته ، وسواء عاين ملك الموت أو لا ، وقد ذكروا هل تمنع قبول توبته بمعاينة الملك أو لا يمتنع ما دام عقله ثابتا أو يمتنع بالغرغرة ؟ لنا أقوال ( م 8 ) إلا أن يختل عقله فلا اعتبار لكلامه كصحيح ، ولهذا قال  ابن حزم    [ قبل كتاب العاقلة بنحو كراسة : مسألة في من قتل عليلا  ، عن جابر الجعفي  عن الشعبي  في رجل قتل رجلا قد ذهب  [ ص: 631 ] الروح من نصف جسده ، قال : يضمنه ] . 
     	
		 [ ص: 630 ] 
				
						
						
