ومن جوز التصريح في الكذب المباح  هنا نظر ، ومع عدم توبة وإحسان تعريضه كذب ، ويمينه غموس ، قال : واختيار أصحابنا : لا يعلمه ، بل يدعو له في مقابلة مظلمته ، قال : وزناه بزوجة غيره  كغيبته ، وذكر في الغنية : إن تأذى بمعرفته كزناه بجاريته وأهله وغيبته بعيب خفي يعظم أذاه به ، فهنا لا طريق له إلا أن يستحله ويبقى له عليه مظلمة ما ، فيجبرها بالحسنات كما يجبر مظلمة الميت والغائب ، وذكر  ابن عقيل  في زناه بزوجة غيره احتمالا لبعضهم . لا يصح إحلاله ، لأنه مما يستباح بإباحته ابتداء ، قال : وعندي يبرأ وإن لم يملك إباحته ، كالدم والقذف ،  [ ص: 98 ] قال : وينبغي استحلاله فإنه حق آدمي فدل أنه لو أصبح فتصدق بعرضه على الناس  لم يملكه ولم يبح ، وإسقاط الحق قبل وجود سببه لا يصح ، وإذنه في عرضه كإذنه في قذفه وهي كإذنه في دمه وماله ، وفي طريقة بعض أصحابنا قول الحنفية : رضا المدعى عليه بتوكيل المدعي أسقط حقه ، فجاز . 
قلنا : ليس له إباحة المحرم ، ولهذا لو رضي بأن يشتم أو يغتاب  لم يبح ذلك ، وتقدم في طلاق الحائض أن الزوج ملكه بملك محله . 
وتقدم في العمري أن النهي إذا كان ضررا لم يمنع صحته ، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم { أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم  ؟   } وأنه كان يفعل ذلك ، فلا تعرف صحته ، ويحمل على إسقاط حق وحد . 
وإن أعلمه ولم يبينه فحلله فإبراء من مجهول . وفي الغنية : لا يكفي الاستحلال المبهم لجواز ، لو عرف قدر ظلمه لم تطلب نفسه بالإحلال . إلى أن قال : فإن تعذر ذلك فيكثر الحسنات ، فإن الله يحكم عليه ويلزمه قبول حسناته مقابلة لجنايته ، كمن أتلف مالا فجاء بمثله  فأبى قبوله وأبرأه حكم الحاكم عليه بقبضه . والله أعلم . 
				
						
						
