ويشترط كون القاضي بالغا عاقلا ذكرا مسلما عدلا ، ولو تائبا من قذف  ، نص عليه ، وقيل : إن فسق بشبهة فوجهان ، متكلما سميعا ، ولم يذكر أبو الفرج  في كتبه كونه بالغا . 
وفي الانتصار في صحة إسلامه : لا نعرف فيه رواية فإن سلم . 
وفي عيون المسائل : يحتمل المنع ، وإن سلم ، بصيرا حرا ، وفيهما وجه ، وقيل به في عبد ، قاله  ابن عقيل   وأبو الخطاب    . وقال أيضا فيه : بإذن سيده ، مجتهدا إجماعا ، ذكره  ابن حزم  ، وأنهم أجمعوا على أنه لا يحل لحاكم ولا لمفت تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي إلا بقوله . 
وفي الإفصاح : أن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة  ، وأن الحق لا يخرج عنهم ، ويأتي في العدالة لزوم التمذهب بمذهب ، وجواز الانتقال عنه قال  الشيخ    : النسبة إلى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة ، فإن اختلافهم رحمة واسعة ، واتفاقهم حجة قاطعة ، قال بعض الحنفية : وفيه نظر ، فإن الإجماع ليس عبارة عن  [ ص: 422 ] الأربعة وأصحابهم ، وليس في كلام  الشيخ  ما فهمه هذا ، 
قال  الخطابي  وغيره : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { اختلاف أمتي رحمة   } ذكره في شرح  مسلم  في الوصايا ، وروى  البيهقي  من رواية جويبر  وهو متروك عن الضحاك  ، عن  ابن عباس  ولم يلقه مرفوعا { مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه ، فإن لم يكن في كتاب الله فسنة نبي ماضية فإن لم تكن سنة نبي فما قال أصحابي ، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيها أخذتم به اهتديتم ، واختلاف أصحابي لكم رحمة   } ثم رواه من رواية جويبر  أيضا عن جواب ابن عبيد الله  مرفوعا مرسلا بنحوه ، قال  البيهقي    : حديث مشهور ، وهو ضعيف لم يثبت له إسناد . ومن العجب أن  عثمان بن سعيد الدارمي  صححه في الرد على الجهمية    . 
وقال  أحمد    : حدثنا معاذ بن هشام  ، حدثني أبي  عن  قتادة  أن  عمر بن عبد العزيز  كان يقول : ما يسرني أن أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة . 
وقال  سفيان الثوري  عن أفلح بن حميد  عن القاسم بن محمد  قال : اختلاف أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم رحمة لعباد الله تعالى . 
وقال  الليث  عن  يحيى بن سعيد  قال : أهل العلم أهل توسعة . واختار في الترغيب : ومجتهدا في مذهب إمامه ، للضرورة ، واختيار في الإفصاح والرعاية : أو مقلدا ، وقيل فيه : يفتي ضرورة . 
وقال  ابن بشار    : ما أعيب على من يحفظ خمس مسائل  لأحمد  يفتي بها ، وظاهر نقل عبد الله    : يفتي غير مجتهد ، ذكره  القاضي  ، وحمله شيخنا  على الحاجة . 
نقل عبد الله  فيمن عنده كتب فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة  [ ص: 423 ] والتابعين : لا يجوز عمله وقضاؤه بما يشاء حتى يسأل أهل العلم ما يؤخذ به ، فعلى هذا يراعي ألفاظ إمامه ومتأخرها ، ويقلد كبار مذهبه في ذلك ، وظاهره أنه يحكم ولو اعتقد خلافه ، لأنه مقلد وأنه لا يخرج عن الظاهر عنه ، فيتوجه مع الاستواء الخلاف في مجتهد ، ونقل عنه  الأثرم    : قوم يفتون هكذا يتقلدون قول الرجل ولا يبالون بالحديث . 
وقال  أحمد   لأحمد بن الحسن    : ألا تعجب ؟ يقال للرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقنع ، وقال فلان فيقنع . وقال له  أبو داود    : الرجل يسأل أدلة على إنسان يسأله ، قال : إذا كان يفتي بالسنة لا يعجبني رأي أحد . 
نقل أبو طالب    : عجبا لقوم عرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان  وغيره ، قال الله تعالى { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة    } الفتنة الكفر . 
				
						
						
