ولا يفسق الأصحاب  ، وليس في الدين محاباة ، وإن كفرتم السلف بالاختلاف تأسينا بهم ، وذكر ابن حامد  أن قدرية أهل الأثر  كسعيد بن أبي عروبة  والأصم  مبتدعة ، وفي شهادتهم وجهان ، وأن الأولى لا تقبل ، لأن أقل ما فيه الفسق . 
وقال ابن الجوزي  في كتابه السر المصون : رأيت جماعة من العلماء أقدموا على تكفير المتأولين من أهل القبلة ، وإنما ينبغي أن يقطع بالكفر على من خالف إجماع الأمة ولم يحتمل حاله تأويلا ، وأقبح حالا من هؤلاء المكفرين قوم من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا أن من لا يعرف العقيدة بأدلتها المحررة فهو كافر ، وهذا مخالف للشريعة ، فإنها حكمت بإسلام أجلاف العرب  والجهال ، انتهى كلامه ، وجزم في  [ ص: 567 ] الفنون في مكان بأن الإسراء يقظة ، كقول أهل السنة  ، لأنه لا يسبح نفسه إلا عند كبيرة ، والعبد للروح والجسد ، ولا معنى لذكر المسافة في المنام ، ولأن المنام لا يحتاج إلى سمع وبصر ، ولو كان مناما لم ينكروه عليه . 
وذكر جماعة في خبر غير الداعية روايات : الثالثة إن كانت مفسقة قبل . 
وإن كانت مكفرة رد ، وسبقت المسألة في البغاة ، واختار شيخنا  لا يفسق أحد ، وقاله  القاضي  في شرح  الخرقي  في المقلد ، كالفروع ، لأن التفرقة بينهما ليست من أئمة الإسلام ولا تصح ، وإن نهى  الإمام أحمد  عن الأخذ عنهم لعلة الهجر ، وهي تختلف ، ولهذا لم يرو  الخلال  عن قوم ، لنهي  المروذي  ، ثم روى عنهم بعد موته ، قال : وجعل  القاضي  الدعاء إلى البدعة  قسما غير داخل في مطلق العدالة والبدعة المفسقة ، وعنه : الداعية كتفضيل  علي  على الثلاثة أو أحدهم ، أو لم ير مسح الخف أو غسل الرجل ، وعنه : لا يفسق من فضل  عليا  على عثمان  رضي الله عنهم ، ويتوجه فيه وفيمن رأى الماء من الماء ونحوه التسوية ، نقل ابن هانئ  في الصلاة خلف من يقدم  عليا  على أبي بكر   وعمر    : إن كان جاهلا لا علم له أرجو أن لا يكون به بأس . 
وقال صاحب المحرر : الصحيح أن كل بدعة لا توجب الكفر لا يفسق المقلد فيها  لخفتها ، مثل من يفضل  عليا  على سائر الصحابة ويقف عن تكفير من كفرناه من المبتدعة ، ثم ذكر رواية ابن هانئ   [ ص: 568 ] المذكورة ، وقول  المروذي  لأبي عبد الله    : إن قوما يكفرون من لا يكفر فأنكره ، وقوله في رواية أبي طالب    : من يجترئ أن يقول إنه كافر ؟ يعني من لا يكفر وهو يقول : القرآن ليس بمخلوق . 
قال صاحب المحرر : والصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية فإنا نفسق المقلد فيها ، كمن يقول بخلق القرآن ، أو أن ألفاظنا به مخلوقة ، أو أن علم الله مخلوق ، أو أن أسماءه مخلوقة ، أو أنه لا يرى في الآخرة ، أو يسب الصحابة تدينا ، أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد ، وما أشبه ذلك ، فمن كان عالما في شيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر عليه فهو محكوم بكفره ، نص  أحمد  صريحا على ذلك في مواضع ، قال : واختلف عنه في تكفير القدرية  بنفي خلق المعاصي على روايتين ، وله في الخوارج  كلام يقتضي في تكفيرهم روايتين ، نقل حرب    : لا تجوز شهادة صاحب بدعة  ، ولا شهادة قاذف حد أو لا ، جزم به الأصحاب ، لقول  عمر  لأبي بكرة    : إن تبت قبلت شهادتك . رواه  أحمد  وغيره ، 
واحتجوا به مع اتفاق للناس على الرواية عن أبي بكرة  ، مع أن  عمر  لم يقبل شهادته لعدم توبته من ذلك ، ولم ينكر ذلك ، وهذا فيه نظر ، لأن الآية إن تناولته لم تقبل روايته لفسقه ، وإلا قبلت شهادته ، كروايته ، لوجود المقتضي وانتفاء المانع ، ويتوجه تخرج رواية : بقاء عدالته من رواية أنه لا يحد . 
وفي العدة  للقاضي    : فأما أبو بكرة  ومن جلد معه فلا يرد خبرهم ، لأنهم جاءوا مجيء الشهادة ، وليس بصريح في القذف ، وقد اختلفوا في وجوب الحد فيه ، ويسوغ فيه الاجتهاد ، ولا ترد الشهادة بما يسوغ  [ ص: 569 ] فيه الاجتهاد ، ولأن نقصان العدد من جهة غيره ، فلا يكون سببا في رد شهادته ، وتوبته تكذيبه نفسه ، نص عليه ، لكذبه حكما . 
وقال  القاضي  والترغيب : إن كان شهادة قال : القذف حرام باطل ولن أعود إلى ما قلت ، وجزم في الكافي أن الصادق يقول قذفي لفلان باطل ندمت عليه ، وتقبل شهادة فاسق بتوبته  لحصول المغفرة بها وهي الندم والإقلاع والعزم أن لا يعود ، وقيل : مع قول إني تائب ونحوه ، وعنه : مجانبة قرينة فيه ، وعنه : مع صلاح العمل سنة ، وقيل فيمن فسقه بفعل ، وذكره في التبصرة رواية ، وعنه في مبتدع ، جزم به  القاضي  والحلواني  ، لتأجيل  عمر  صبيغا  ، وقيل في فاسق وقاذف مدة يعلم حالهما . 
وفي كتاب ابن حامد    : يجيء على مقالة بعض أصحابنا : من شرط صحتها وجود أعمال صالحة لظاهر الآية { إلا من تاب    } وقوله عليه السلام { من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما كان في الجاهلية ، ومن أساء أخذ بالأول والآخر   } . 
قال : وإن علق توبته بشرط فإنه غير تائب حالا ولا عند وجوده ، ويعتبر رد المظلمة وأن يستحله أو يستمهله معسر ، ومبادرته إلى حق الله تعالى حسب إمكانه ، ذكره في الترغيب وغيره ، وذكر  الشيخ  وغيره : يعتبر رد المظلمة أو بدلها أو نية الرد متى قدر ، وعنه : لا تقبل توبة مبتدع ، اختاره  أبو إسحاق    . 
				
						
						
