( قوله : إلا يعني كل إهاب دبغ جاز استعماله شرعا إلا جلد الخنزير لنجاسة عينه وجلد الآدمي لكرامته ، وبهذا التقرير اندفع ما قيل إن الاستثناء من الطهارة نجاسة ، وهذا في جلد الخنزير مسلم ، فإنه لا يطهر بالدباغ وأما جلد [ ص: 106 ] الآدمي فقد ذكر في الغاية أنه إذا دبغ طهر ولكن لا يجوز الانتفاع به كسائر أجزائه فكيف يصح هذا الاستثناء وقيل جلد الخنزير والآدمي لا يقبلان الدباغ ; لأن لهما جلودا مترادفة بعضها فوق بعض ، وعلى هذا يكون الاستثناء منقطعا كما لا يخفى ، وإنما استثنى الجلد ولم يستثن الإهاب مع كونه مناسبا للمستثنى منه ، وهو قوله كل إهاب دبغ لما أن الإهاب هو الجلد قبل أن يدبغ فكان مهيأ للدباغ يقال تأهب لكذا إذا تهيأ له ، واستعد وجلد الخنزير والآدمي لا يتهيآن للدبغ ; فلذا استثنى بلفظ الجلد دون الإهاب ، وإنما قدم الخنزير على الآدمي في الذكر ; لأن الموضع موضع إهانة لكونه في بيان النجاسة وتأخير الآدمي في ذلك أكمل فحاصله أن من المشايخ من قال إنما لا يطهر جلد الخنزير بالدباغ ; لأنه لا يندبغ ; لأن شعره ينبت من لحمه ، ولو تصور دبغه لطهر وقال بعضهم : لا يطهر ، وإن اندبغ ; لأنه محرم العين كذا في معراج الدراية وفي المبسوط روي عن جلد الخنزير والآدمي ) أنه يطهر بالدباغ ، وفي ظاهر الرواية لا يطهر إما ; لأنه لا يحتمل الدباغ أو ; لأن عينه نجس . ا هـ . أبي يوسف
وأما الآدمي فقد قال بعضهم : إن جلده لا يحتمل الدباغة حتى لو قبلها طهر ; لأنه ليس بنحس العين لكن لا يجوز الانتفاع به ولا يجوز دبغه احتراما له ، وعليه إجماع المسلمين كما نقله وقال بعضهم : إن جلده لا يطهر بالدباغة أصلا احتراما له فالقول بعدم طهارة جلده تعظيم له حتى لا يتجرأ أحد على سلخه ودبغه واستعماله ابن حزم