( قوله ثم الصفا وقم عليه مستقبل البيت مكبرا مهللا مصليا على النبي صلى الله عليه وسلم داعيا ربك بحاجتك ) لما ثبت في حديث اخرج إلى الطويل وقد قدمنا أن هذا السعي واجب وليس بركن للحديث { جابر } قاله عليه السلام حين كان يطوف بين اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي الصفا والمروة فإنه ظني وبمثله لا يثبت الركن ; لأنه إنما يثبت عندنا بدليل مقطوع فما في الهداية من تأويله بمعنى كتب استحبابا فمناف لمطلوبه ; لأنه الوجوب وجميع السبعة الأشواط واجب لا الأكثر فقط فإنهم قالوا في باب الجنايات لو لزمه دم وإن ترك الأقل لزمه صدقة فدل على وجوب الكل إذ لو كان الواجب الأكثر لم يلزمه في الأقل شيء أشار بثم إلى تراخي السعي عن الطواف ، فلو سعى ثم طاف أعاده ; لأن السعي تبع ولا يجوز تقدم التبع على الأصل ، كذا ذكر ترك أكثر الأشواط الولوالجي ، وصرح في المحيط بأن وبهذا علم أن تأخير السعي عن الطواف واجب ، وإلى أن السعي لا يجب بعد الطواف فورا بل لو أتى به بعد زمان ولو طويلا لا شيء عليه والسنة الاتصال به كالطهارة فصح سعي الحائض والجنب ، وكذا الصعود عليه مع ما بعده سنة حتى يكره أن لا يصعد عليهما كما في المحيط ، وقد قدمنا أن المشي [ ص: 358 ] فيه واجب حتى لو سعى راكبا من غير عذر لزمه دم ولم يذكر أي باب يخرج منه إلى تقديم الطواف شرط لصحة السعي الصفا ; لأنه مخير ; لأن المقصود يحصل به ، وإنما خرج عليه السلام من باب بني مخزوم المسمى الآن بباب الصفا ; لأنه أقرب الأبواب إليه فكان اتفاقا لا قصدا فلم يكن سنة ، ولم يذكر رفع اليدين في هذا الدعاء ، وهو مندوب حذو منكبيه جاعلا باطنهما إلى السماء ، ثم اعلم أن أصل الصفا في اللغة الحجر الأملس وهو والمروة جبلان معروفان بمكة ، وكان الصفا مذكرا ; لأن آدم عليه السلام وقف عليه فسمي به ووقفت حواء على المروة فسميت باسم المرأة فأنث لذلك كذا ذكر القرطبي في تفسيره وفي التحفة الأفضل للحاج أن لا يسعى بعد طواف القدوم ; لأن السعي واجب لا يليق أن يكون تبعا للسنة بل يؤخره إلى طواف الزيارة ; لأنه ركن ، واللائق للواجب أن يكون تبعا للفرض .