( باب القران ) هو مصدر قرن من باب نصر وفعال يجيء مصدرا من الثلاثي كلباس وهو الجمع بين شيئين يقال قرنت البعيرين إذا جمعت بينهما بحبل ، وسيأتي معناه شرعا ثم اعلم أن المحرمين أربعة مفرد بالحج إن أحرم به مفردا أو مفرد بالعمرة إن أحرم بها في غير أشهر الحج وطاف لها كذلك حج من عامه أو لا أو طاف فيها ولم يحج من عامه أو أحرم بها في أشهر الحج وطاف كذلك ولم يحج من عامه أو حج وألم بينهما بأهله إلماما صحيحا ، ومتمتع إن أتى بأكثر أشواط العمرة في أشهر الحج بعدما أحرم بها فقط مطلقا ، ثم حج من عامه من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا وقارن إن أحرم بهما معا ، أو أدخل إحرام الحج على إحرام العمرة قبل أن يطوف لها أكثر الأشواط أو أدخل إحرام العمرة إلى إحرام الحج قبل أن يطوف للقدوم ولو شوطا ولا إساءة في القسمين الأولين وهو قارن مسيء في الثالث ، وأما الإحرام المبهم كأن يحرم بنسك مبهم ثم يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة أو لهما الإحرام المعلق كأن يحرم بإحرام كإحرام زيد فليس خارجا عن الأربعة كما لا يخفى .
( قوله ) بيان لأمرين الأول جواز الثلاثة وهو مجمع عليه إلا ما ثبت في الصحيحين عن هو أفضل ثم التمتع ثم الإفراد وعن عمرو رضي الله عنهما أنهما كان ينهيان عن التمتع ، وحمله العلماء على نهي التنزيه حملا للناس على ما هو الأفضل لا أنهما يعتقدان بطلانه مع علمهما بالآية الشريفة ، وحمله على أن المراد به فسخ الحج إلى العمرة ضعيف ; لأن [ ص: 384 ] سياق الحديث في الصحيح يقتضي خلافه ، وهو ثابت بالكتاب والسنة أيضا ، أما الأول فقوله تعالى { عثمان ولله على الناس حج البيت } دليل الإفراد .
وقوله { وأتموا الحج والعمرة لله } دليل القران ، وقوله { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } دليل التمتع ، وأما الثاني فما في الصحيحين من حديث قالت { عائشة } وفي رواية خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج ، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج { لمسلم } الثاني تفضيل القران ثم التمتع ثم الإفراد ، وفضل منا من أهل بالحج مفردا ومنا من قرن ومنا من تمتع مالك الإفراد ، وفضل والشافعي التمتع وأصله الاختلاف في حجته صلى الله عليه وسلم وقد أكثر الناس الكلام فيها ، وأوسعهم نفسا في ذلك الإمام أحمد فإنه تكلم في ذلك زيادة على ألف ورقة ، وقد قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى ليس علي شيء من الاختلاف أيسر من هذا وإن كان الغلط فيه قبيحا من جهة أنه مباح يعني لما كانت الثلاثة مباحة لم يكن في الاختلاف تغيير حكم لكن لما كانت حجة واحدة ولم يتفقوا على نقلها كان اختلافهم قبيحا منهم فما يرجح أنه عليه السلام كان قارنا ما رواه علي في الصحيحين الشافعي في الصحيحين بروايات كثيرة وأنس في صحيح وعمران بن الحصين مسلم في صحيح وعمر بن الخطاب البخاري وأبي داود والنسائي وحفصة في الصحيحين في الصحيحين . وأبو موسى الأشعري
ومما يرجح أنه عليه السلام كان مفردا ما ثبت في الصحيح من رواية جابر وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ومما يرجح أنه كان متمتعا ما ثبت عن وعائشة ابن عمر في الصحيحين وعن وعائشة فيما رواه ابن عباس الترمذي وحسنه وعن في الصحيحين ، وجمع أئمتنا بين الروايات بأن سبب رواية الإفراد سماع من رأى تلبيته بالحج وحده ، ورواية التمتع سماع من سمعه يلبي بالعمرة ، ورواية القران سماع من سمعه يلبي بهما ، وهذا لأنه لا مانع من إفراد ذكر نسك في التلبية وعدم ذكر شيء أصلا وجهة أخرى مع نية القران فهو نظير سبب الاختلاف في تلبيته عليه السلام أكانت دبر الصلاة أو عند استواء ناقته أو حين علا على البيداء فروى كل بحسب ما سمع ، وما يرجح القران أن من روى الإفراد روى التمتع فتناقض بخلاف من روى التمتع وهو بلغة القرآن الكريم وعرف الصحابة أعم من القران ، وترجح الفرد المسمى بالقران في الاصطلاح بما في الصحيح عن عمران بن الحصين قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بوادي العقيق يقول { } وقل عمرة في حجة ولا بد له من امتثال ما أمر به في مقامه الذي هو وحي ولأئمتنا ترجيحات كثيرة . أتاني الليلة آت من ربي عز وجل فقال صل في هذا الوادي المبارك ركعتين
وقال النووي في شرح المهذب والصواب الذي نعتقده أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج أولا مفردا ثم أدخل عليه العمرة فصار قارنا وإدخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا وعلى الأصح لا يجوز لنا ، وجاز للنبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة للحاجة وأمر به في قوله لبيك عمرة وحجة فمن روى أنه كان مفردا اعتمد أول الإحرام ، ومن روى أنه كان قارنا اعتمد آخره ، ومن روى أنه كان متمتعا أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع بأن كفاه عن النسكين فعل واحد ويؤيده أنه عليه السلام لم يعتمر تلك السنة عمرة مفردة لا قبل الحج ولا بعده ، وقد قدمنا أن بلا خلاف ولو جعلت حجته عليه السلام مفردة لزم أن لا يكون اعتمر تلك السنة ، ولم يقل أحد أن الحج وحده أفضل من القران ا هـ . القران أفضل من إفراد الحج من غير عمرة
[ ص: 385 ] وبهذا تبين صحة ما في النهاية من أن محل الاختلاف بيننا وبين إنما هو أن إفراد كل نسك بإحرام في سنة واحدة أفضل أو الجمع بينهما بإحرام واحد أفضل ، وأنه لم يقل أحد بتفضيل الحج وحده على القران وتبين به بطلان ما ذكره الشارح هنا ردا على صاحب النهاية . الشافعي
وما روي عن أنه قال حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل عندي من القران فليس بموافق لمذهب محمد في تفضيل الإفراد فإنه يفضل الإفراد سواء أتى بنسكين في سفرة واحدة أو في سفرتين الشافعي إنما فضل الإفراد إذا اشتمل على سفرين ، وبهذا اندفع ما ذكره الشارح من لزوم موافقة ومحمد محمد . للشافعي
[ ص: 383 ]