( قوله : ) أما الفواسق ، وهي السبعة المذكورة هنا فلما في صحيح ولا شيء بقتل غراب وحدأة ، وذئب وحية وعقرب ، وفأرة وكلب عقور ، وبعوض ونمل وبرغوث ، وقراد وسلحفاة { البخاري } وزاد في سنن خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور أبي داود { } ، وفي رواية الحية والسبع العادي { الطحاوي } فلذا ذكر الذئب المصنف سبعة ، ومعنى الفسق فيهن خبثهن ، وكثرة الضرر فيهن ، وهو حديث مشهور فلذا خص به الكتاب القطعي كذا في النهاية ، وأطلق المصنف في نفي شيء بقتلها فأفاد أنه لا فرق بين أن يكون محرما أو حلالا في الحرم ، وأطلق في الغراب فشمل الغراب بأنواعه الثلاثة ، وما في الهداية من قوله والمراد بالغراب الذي يأكل الجيف أو يخلط ; لأنه يبتدئ بالأذى أما العقعق غير مستثنى ; لأنه لا يسمى غرابا ، ولا يبتدئ بالأذى ففيه نظر ; لأنه دائما يقع على دبر الدابة كما في غاية البيان وسوى المصنف بين الذئب والكلب العقور ، وهو رواية واختارها في الهداية ; لأن الذئب يبتدئ بالأذى غالبا والغالب كالمتحقق ; ولأنه ذكر في بعض الروايات ، وفرق بينهما الكرخي فلم يجعل الذئب من الفواسق ، وأطلق في الفأرة فشملت الأهلية والوحشية ، وقيد الكلب بالعقور اتباعا للحديث مع أن العقور وغيره سواء أهليا كان أو وحشيا ; لأن غير العقور ليس بصيد فلا يجب الجزاء به كما صرح به الإمام الطحاوي قاضي خان في فتاويه واختاره في الهداية ، وفي السنور البري روايتان .
ثم اعلم أن الكلام إنما هو في وجوب الجزاء بقتله ، وأما حل القتل فما لا يؤذي لا يحل قتله ; لأن الأمر بقتل الكلاب نسخ فقيد القتل بوجوب الإيذاء . وأما [ ص: 37 ] البعوض ، وما كان مثله من هوام الأرض فلأنها ليست بصيود أصلا ، وإن كان بعضها يبتدئ بالأذى كالبرغوث ، ودخل الزنبور والسرطان والذباب والبق والقنافذ والخنافس والوزغ والحلمة وصياح الليل وابن عرس ، وينبغي أن يكون العقرب والفأرة من هذا القسم ; لأن حد الصيد لا يوجد فيهما والبعوض من صغار البق الواحدة بعوضة بالهاء واشتقاقها من البعض ; لأنها كبعض البقة قال : الله تعالى { فالكلب الأهلي إذا لم يكن مؤذيا لا يحل قتله مثلا ما بعوضة } كذا في ضياء الحلوم ، وفيه الحدأة بكسر الحاء طائر معروف والجمع الحدأ ، وأما الحدأة بفتح الحاء فأس ينقر بها الحجارة لها رأسان والذئب بالهمزة معروف وجمعه أذؤب وأذواب وذئاب وذؤبان قيل اشتقاقه من تذاءبت الريح إذا جاءت من كل وجه ، وهو من أسماء الرجال أيضا ويصغر ذويب والسلحفاة بضم الحاء ، وفتح الفاء واحدة السلاحف من خلق الماء ، ويقال أيضا سلحفية بالياء والفأرة بالهمز واحدة الفأر وجمعه فيران .