( باب الحج عن الغير ) لما كان كالتبع أخره ، والأصل فيه أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو قراءة قرآن أو ذكرا أو طوافا أو حجا أو عمرة أو غير ذلك عند أصحابنا للكتاب والسنة أما الكتاب فلقوله تعالى { الحج عن الغير وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } ، وإخباره تعالى عن ملائكته بقوله { ويستغفرون للذين آمنوا } وساق عبارتهم بقوله تعالى { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } إلى قوله { وقهم السيئات } ، وأما السنة فأحاديث كثيرة منها ما في الصحيحين { } ، وهو مشهور تجوز الزيادة به على الكتاب ، ومنها ما رواه حين ضحى بالكبشين فجعل أحدهما عن أمته أبو داود { } وحينئذ فتعين أن لا يكون قوله تعالى : { اقرءوا على موتاكم سورة يس وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } على ظاهره ، وفيه تأويلات أقربها ما اختاره المحقق ابن الهمام أنها مقيدة بما يهبه العامل يعني ليس للإنسان من سعي غيره نصيب إلا إذا وهبه له فحينئذ يكون له ، وأما قوله عليه السلام : { } فهو في حق الخروج عن العهدة لا في حق الثواب فإن من لا يصوم أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد جاز ويصل ثوابها إليهم عند صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء أهل السنة والجماعة كذا في البدائع وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا والظاهر أنه [ ص: 64 ] لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره لإطلاق كلامه . ولم أر حكم من أخذ شيئا من الدنيا ليجعل شيئا من عبادته للمعطى وينبغي أن لا يصح ذلك وظاهر إطلاقهم يقتضي أنه لا فرق بين الفرض والنفل فإذا فإنه يصح لكن لا يعود الفرض في ذمته ; لأن عدم الثواب لا يستلزم عدم السقوط عن ذمته ، ولم أر منقولا . صلى فريضة وجعل ثوابها لغيره