وأطلق في النظر بشهوة للاختلاف في محله فعند أبي يوسف يكفي وقال النظر إلى منابت الشعر لا تثبت حتى ينظر إلى الشق وعن محمد لا بد أن ينظر إلى الفرج الداخل [ ص: 108 ] ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت متكئة ، واختاره في الهداية وصححه في المحيط والذخيرة وفي الخانية وعليه الفتوى وفي فتح القدير وهو ظاهر الرواية ; لأن هذا حكم تعلق بالفرج والداخل فرج من كل وجه والخارج فرج من وجه وأن الاحتراز عن الفرج الخارج متعذر فسقط اعتباره ولا يقال إنه إذا تردد فالاحتياط القول بثبوتها ; لأن هذا الحكم وهو التحريم بالمس والنظر ثبوته بالاحتياط فلا يجب الاحتياط في الاحتياط لكن صحح في الخلاصة النظر إلى موضع الشق عن شهوة فهو تصحيح لقول أبي يوسف السابق ، وظاهر ما في الذخيرة وغيرها أنهم اتفقوا على أن محمد وحينئذ فإطلاق النظر بشهوة إلى سائر أعضائها لا عبرة به ما عدا الفرج المصنف في محل التقييد كما لا يخفى ، والعبرة لوجود الشهوة عند المس والنظر حتى لو وجدا بغير شهوة ثم اشتهى بعد الترك لا تتعلق به حرمة .
; لأنه لم ير فرجها ، وإنما رأى عكس فرجها ، وكذا لو والنظر من وراء الزجاج يوجب حرمة المصاهرة بخلاف المرآة ولو وقف على الشط فنظر إلى الماء فرأى فرجها لا يوجب الحرمة ولم يذكر كانت هي في الماء فرأى فرجها تثبت الحرمة المصنف للاختلاف ، فقيل : لا بد أن تنتشر آلته إذا لم تكن منتشرة أو تزداد انتشارا إن كانت منتشرة ، وقيل : حدها أن يشتهي بقلبه إن لم يكن مشتهيا أو يزداد إن كان مشتهيا ولا يشترط تحرك الآلة وصححه في المحيط والتحفة وفي غاية البيان وعليه الاعتماد وصحح الأول في الهداية ، وفائدة الاختلاف كما في الذخيرة تظهر في الشيخ الكبير والعنين والذي ماتت شهوته فعلى القول الأول لا تثبت الحرمة وعلى الثاني تثبت فقد اختلف التصحيح لكن في الخلاصة وبه يفتى أي بما في الهداية فكان هو المذهب لكن ظاهر ما في التجنيس وفتح القدير أن ميل القلب كاف في الشيخ والعنين اتفاقا وأن محل الاختلاف فيمن يتأتى منه الانتشار إذا مال بقلبه ولم تنتشر آلته وهو أحسن مما في الذخيرة كما لا يخفى . حد الشهوة
وأطلق المصنف ولم يقيد المس والنظر بشهوة بغير الإنزال للاختلاف فيما إذا أنزل ، فقيل يوجب الحرمة وفي الهداية والصحيح أنه لا يوجبها ; لأنه بالإنزال تبين أنه غير مفض إلى الوطء وفي غاية البيان وعليه الفتوى فقد أطلق المصنف أيضا في محل التقييد وأطلق في اللامس والملموس ليفيد أنه لا فرق بين الرجل والمرأة فلو تثبت الحرمة ، وأطلق فيهما أيضا فشمل المس والنظر المباحين والمحرمين وأراد بحرمة المصاهرة الحرمات الأربع : حرمة المرأة على أصول الزاني وفروعه نسبا ورضاعا وحرمة أصولها وفروعها على الزاني نسبا ورضاعا كما في الوطء الحلال ويحل لأصول الزاني وفروعه أصول المزني بها وفروعها ولو قال مست المرأة عضوا من أعضاء الرجل بشهوة أو نظرت إلى ذكره بشهوة المصنف توجب المحرمية لكان أولى لما في الخانية ; لأنه حرم عليه نكاح ابنتها على التأبيد ، وهذا دليل على أن المحرمية تثبت بالوطء الحرام وبما تثبت به حرمة المصاهرة . ا هـ . وإذا فجر الرجل بامرأة ثم تاب يكون محرما لابنتها
وفي كشف الأسرار من بحث النهي : وبعض أصحابنا قالوا حرمة المصاهرة تثبت بطريق العقوبة كما يثبت حرمان الإرث في حق القاتل عقوبة ، والأصل فيه قوله تعالى { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } وعلى هذا الطريق يقولون : المحرمية لا تثبت حتى لا تباح الخلوة والمسافرة ولكن هذا فاسد فإن التعليل لتعدية حكم النص لا لإثبات حكم آخر سوى المنصوص عليه فإن ابتداء الحكم لا يجوز إثباته بالتعليل والمنصوص به حرمة ثابتة بطريق الكرامة فإنما يجوز التعليل لتعدية تلك الحرمة لا لإثبات حرمة أخرى كذا في المبسوط قلت : وإنما اختار بعض مشايخنا هذا الطريق ; لأن هذه الحرمة لما كانت بطريق الاحتياط كان الاحتياط في إثبات حرمة المناكحة والمسافرة والخلوة جميعا كما قالوا فيما إذا كان الرضاع ثابتا [ ص: 109 ] غير مشهور لا تحل المناكحة ولا الخلوة والمسافرة للاحتياط ا هـ . كلامه .
وفي الخلاصة ثبتت الحرمة ولا يصدق أنه كذب وإن كانوا هازلين والإصرار ليس بشرط في الإقرار لحرمة المصاهرة . ا هـ . وهذا عند القاضي قيل : لرجل ما فعلت بأم امرأتك ؟ قال : جامعتها
وأما فيما بينه وبين الله تعالى إن كان كاذبا فيما أقر لم تثبت الحرمة كما في التجنيس ، وإذا لا يصدق في حقها فيجب كمال المهر المسمى إن كان بعد الدخول ونصفه إن كان قبله كما في التجنيس أيضا ، فإن قلت : لو أقر بجماع أمها قبل التزوج صح فما الفرق بينهما ؟ أجاب عنه في التجنيس : بأنه في مسألتنا أخبر عن فعله وهو الجماع والخطأ فيه نادر فلم يصدق وهنا أخبر عن فعل غيره وهو الإرضاع فله الرجوع والتناقض فيه معفو كالمكاتب إذا ادعى العتق قبل الكتابة والمختلعة إذا ادعت الطلاق قبل الخلع يصدقان بإقامة البينة . قال هذه أمي رضاعا ثم رجع وتزوجها
[ ص: 108 ]