( قوله وحل تزوج الكتابية ) لقوله تعالى { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } أي العفائف عن الزنا بيانا للندب لا أن العفة فيهن شرط وعن أنها لا تحل ; لأنها مشركة ; لأنهم يعبدون ابن عمر المسيح وعزيرا وحمل المحصنات في الآية على من أسلم منهن وللجمهور أن المشرك ليس من أهل الكتاب للعطف في قوله تعالى { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين } والعطف يقتضي المغايرة وفي قوله تعالى { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا } وفي التبيين ثم كل من يعتقد دينا سماويا وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فهو من أهل الكتاب فتجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم خلافا فيما عدا للشافعي اليهود والنصارى ، والحجة عليه ما تلونا وفي فتح القدير الكتابي من يؤمن بنبي ويقر بكتاب والسامرية من اليهود أطلق المصنف الكتابية هنا وقيدها في المستصفى بقوله : قالوا هذا يعني الحل إذا لم يعتقد المسيح إلها ، أما إذا اعتقده فلا ، ويوافقه ما في مبسوط شيخ الإسلام ويجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إذا اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيرا إله ولا يتزوجوا نساءهم قيل وعليه الفتوى ولكن بالنظر إلى الدلائل ينبغي أنه يجوز الأكل والتزوج . ا هـ .
وحاصله أن المذهب الإطلاق لما ذكره شمس الأئمة في المبسوط من أن حلال مطلقا سواء قال بثالث ثلاثة أو لا لإطلاق الكتاب هنا ، والدليل ورجحه في فتح القدير بأن القائل بذلك طائفتان من ذبيحة النصراني اليهود والنصارى انقرضوا لا كلهم [ ص: 111 ] مع أن مطلق لفظ المشرك إذا ذكر في لسان أهل الشرع لا ينصرف إلى أهل الكتاب وإن صح لغة في طائفة أو طوائف لما عهد من إرادته به من عبد مع الله غيره ممن لا يدعي اتباع نبي وكتاب إلى آخر ما ذكره ، وفي معراج الدراية أهل الكتاب والأصح أن اسم المشرك مطلقا لا يتناوله للعطف في الآية . ثم اختلف العلماء في أن لفظ المشرك يتناول : مشرك ظاهرا وباطنا كعبدة الأوثان ، ومشرك باطنا لا ظاهرا كالمنافقين ومشرك معنى المشرك ثلاثة كأهل الكتاب ، ففي قوله سبحانه وتعالى { عما يشركون } المراد مطلق الشرك ، وكذا في قوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به } فيتناول جميع الكفار وفي قوله { ولا تنكحوا المشركات } المراد به المشرك ظاهرا وباطنا وهو الوثني فلا يتناول أهل الكتاب والمنافقين ا هـ . وأطلقه أيضا فشمل الكتابية الحرة والأمة .
واتفق الأئمة الأربعة على حل الحرة ، واختلفوا في حل الأمة كما سيأتي هذا ، والأولى أن لا يتزوج كتابية ولا يأكل ذبائحهم إلا لضرورة وفي المحيط يكره ; لأن الإنسان لا يأمن أن يكون بينهما ولد فينشأ على طبائع أهل الحرب ويتخلق بأخلاقهم فلا يستطيع المسلم قلعه عن تلك العادة . ا هـ . والظاهر أنها كراهة تنزيه ; لأن التحريمية لا بد لها من نهي أو ما في معناه ; لأنها في رتبة الواجب وفي الخانية تزوج الحربية مكروه فإن خرج بها إلى دار الإسلام بقي النكاح ا هـ . تزوج الكتابية الحربية
وأشار المصنف إلى أنه يحل وطء الكتابية بملك اليمين ، وسيأتي أن بخلاف اليهودية إذا تنصرت أو عكسه . الكتابية إذا تمجست فإنه ينفسخ نكاحها من المسلم
وذكر الإسبيجابي أن وليس له إجبارها على الغسل من الحيض والجنابة وفي الخانية من فصل الجزية من السير : للمسلم منع الذمية إذا تزوجها من الخروج إلى الكنائس والبيع ; لأن شرب الخمر حلال عندها وله أن يمنعها عن اتخاذ الخمر في المنزل ا هـ . مسلم له امرأة ذمية ليس له أن يمنعها من شرب الخمر
وهو مشكل ; لأنه وإن كان حلالا عندها لكن رائحتها تضره فله منعها كمنع المسلمة من أكل الثوم والبصل ، ولذا قال الكركي في الفيض قبيل باب التيمم : إن كالمسلمة لو أكلت الثوم والبصل وكان زوجها يكره ذلك ، له أن يمنعها ا هـ . وهذا هو الحق كما لا يخفى . المسلم له أن يمنع زوجته الذمية من شرب الخمر
[ ص: 111 ]