( قوله موقوف كنكاح الفضولي ) شرع في بيان الفضولي وبعض أحكامه وهو من يتصرف لغيره بغير ولاية ولا وكالة أو لنفسه وليس أهلا له ، وإنما زدناه ليدخل نكاح العبد بغير إذن إن قلنا إنه فضولي وإلا فهو ملحق به في أحكامه والفضولي جمع فضل غلب في الاشتغال بما لا يعنيه وما لا ولاية له فيه فقول بعض الجهلة لمن يأمر بالمعروف أنت فضولي يخشى عليه الكفر وصفته أنه عقد صحيح غير نافذ والأصل أن كل عقد صدر من الفضولي وله مجيز انعقد موقوفا على الإجازة وقال ونكاح العبد والأمة بغير إذن السيد الشافعي كلها باطلة ; لأن العقد وضع لحكمه والفضولي لا يقدر على إثبات الحكم فيلغو ولنا أن ركن التصرف صدر [ ص: 148 ] من أهله مضافا إلى محله ولا ضرر في انعقاده فينعقد موقوفا حتى إذا رأى المصلحة فيه ينفذه ، وقد يتراخى حكم العقد عن العقد وفسر المجيز في النهاية بقابل يقبل الإيجاب سواء كان فضوليا أو وكيلا أو أصيلا فإن كان له مجيز حالة العقد توقف وإلا بطل بيانه الصبي إذا باع ماله أو اشترى أو تزوج أو زوج أمته أو كاتب عبده أو نحوه يتوقف على إجازة الولي في حالة الصغر فلو بلغ قبل أن يجيزه الولي فأجازه بنفسه نفذ ; لأنها كانت متوقفة ولا ينفذ بمجرد بلوغه ولو تصرفات الفضولي أو وهب أو تصدق أو زوج عبده أو باع ماله بمحاباة فاحشة أو اشترى بأكثر من القيمة بما لا يتغابن فيه أو غير ذلك مما لو فعله وليه لا ينفذ كانت هذه الصور باطلة غير متوقفة ولو أجازها بعد البلوغ لعدم المجيز وقت العقد إلا إذا كان لفظ الإجازة يصلح لابتداء العقد فيصح على وجه الإنشاء كأن يقول بعد البلوغ أوقعت ذلك الطلاق والعتاق ا هـ . طلق الصبي امرأته أو خلعها أو أعتق عبده على مال أو دونه
قال في فتح القدير ، وهذا يوجب أن يفسر المجيز هنا بمن يقدر على إمضاء العقد لا بالقابل مطلقا ولا بالولي إذ لا توقف في هذه الصور وإن قبل فضولي آخر أو ولي لعدم قدرة الولي على إمضائها ا هـ .
ومن الباطل لكونه لا مجيز له تزويجه أمة وتحته حرة أو أخت امرأته أو خامسة أو صغيرة في دار الحرب إذا لم يكن سلطان ولا قاض ، وأما فصحيح إذا أجاز بعد عتقه إلا في الأول فبغير إجازة لما عرف في التبيين ودخل تحت تعريف الفضولي ما لو علق طلاق زوجة غيره بشرط فهو موقوف فإن أجاز الزوج تعلق فتطلق بوجود الشرط ولو وجد قبلها لم تطلق عندها إلا إذا وجد ثانيا بعدها كما في فتح القدير ، ولذا قلنا من يتصرف ولم نقل من يعقد عقدا ، ولذا فسر في فتح القدير المجيز بمن يقدر على الإمضاء لا بالقابل إذ ليس في اليمين قابل وفي التجنيس كفالة المكاتب وتوكيله بعتق عبده ووصيته بعين من ماله جاز نكاح التاسعة والعاشرة ; لأنه لما تزوج الخامسة كان ردا لنكاح الأربع فلما تزوج التاسعة كان ردا لنكاح الأربع الآخر فبقي نكاح التاسعة والعاشرة موقوفا على إجازتهما . ا هـ . حر تزوج عشر نسوة بغير إذنهن فبلغهن الخبر فأجزن جميعا
وفي الخانية فإن لم يكن دخل بهن جاز نكاح الثالثة ; لأن الإقدام على نكاح الثالثة فسخ لنكاح الأولى والثانية فيتوقف نكاح الثالثة فينفذ بإجازة المولى وإن كان دخل بهن لا يصح نكاحهن ; لأن الإقدام على نكاح الثالثة في عدة الأولى والثانية لم يصح فلم يكن فسخا لما قبلها فلا تصح إجازة المولى كما لو تزوجهن في عدة واحدة ا هـ . عبد تزوج امرأة بغير إذن المولى ثم امرأة ثم امرأة ثم امرأة فبلغ المولى فأجاز الكل
وهذا يوجب تقييد ما في التجنيس أيضا وقوله موقوف أي على الإجازة فلو تزوج بغير إذن السيد ثم أذن السيد لا ينفذ ; لأن الإذن ليس بإجازة فلا بد من إجازة العبد العاقد وإن صدر العقد منه كما في التجنيس وتثبت الإجازة لنكاح الفضولي بالقول والفعل فمن الأول أجزت ونحوه ، وكذا نعم ما صنعت وبارك الله لنا وأحسنت وأصبت وطلقها إلا إذا قال المولى لعبده كما سيأتي في بابه ومن الثاني قبول المهر بخلاف قبول الهدية وقولها لا يعجبني هذا المهر ليس ردا فلها الإجازة ومن أحكام الفضولي أنه يملك فسخ ما عقده في بعض الصور دون بعض كما ذكره أصحاب الفتاوى قال في الظهيرية والفضولي في باب النكاح لا يملك الرجوع قبل الإجازة والوكيل في النكاح الموقوف يملك الرجوع قولا أو فعلا بيانه قولا أو فعلا بأن يزوجه أختها صح ولو كان فضوليا والمسألة بحالها لا يملك وروي عن رجل وكل رجلا بأن يزوجه امرأة فزوجه امرأة بالغة بغير إذنها أو زوجها أبوها فلم يبلغها حتى نقض الوكيل النكاح في قوله الأول أن الفضولي يملك الرجوع أيضا والفضولي في باب البيع يملك الرجوع بالإجماع ; لأن الرجوع فرار عن العهدة في باب البيع [ ص: 149 ] بخلاف النكاح وفي وجه الوكيل يملك الفسخ قولا لا فعلا بأن وكله بأن يزوجه امرأة بعينها فزوجها بغير رضاها ملك الوكيل نقضه قولا ; لأنه وكيل فيه ولا يملك نقضه فعلا حتى لو زوجه أختها لا ينقض نكاح الأولى ; لأنه فضولي في نكاح الثانية وفي وجه يملك الفسخ فعلا لا قولا نحو أن يوكل رجلا بأن يزوجه فأجاز الوكيل نكاحا باشره قبل ذلك صح استحسانا ولا يملك نقض هذا النكاح قولا ; لأنه كان فضوليا حين عقده ويملك نقضه فعلا بأن يزوجه أختها من غير رضاها ; لأنه وكيل في العقد الثاني . ا هـ . أبي يوسف
فحاصله أن كل عقد صدر من الفضولي في النكاح فإنه لا يملك نقضه قولا ولا فعلا ; لأنه لا عهدة عليه ليتخلص منها إلا إذا صار وكيلا بعده فله نقضه فعلا لضرورة امتثال ما وكل فيه ، وإنما ملك الوكيل في الموقوف الفسخ مع أنه لا عهدة عليه أيضا لتنجيز مراد الموكل فإنه لم يحصل مقصوده بالموقوف فللوكيل الانتقال عنه إلى غيره ، وإنما لم يجز له الفسخ فعلا في المسألة الثانية ; لأن الموكل بتزوجها معينة فحيث زوجها له انتهت وكالته فلم يملك تزويجا آخر ، ولذا كان فضوليا في الثاني وتفرع على الأصل المذكور ما لو فللزوج أن يختار أربعا منهن ويفارق الأخرى بخلاف ما لو تزوج الرجل خمس نسوة في عقد متفرقة بغير رضاهن ; لأن إقدامه على نكاح الخامسة يتضمن نقض نكاح الأربع دلالة بخلاف الفضولي لا يملك النقض لا صريحا ولا دلالة كذا في الظهيرية ومن أحكامه أيضا أن العقد النافذ من جانب إذا طرأ على غير نافذ من الجانبين يرفعه ولو طرأ موقوف على نافذ من أحد الجانبين لا يرفعه ولو طرأ نافذ من أحد الجانبين على نافذ من جانبه يرفعه بيانه زوج فضولي رجلا خمس نسوة في عقد متفرقة ينفسخ الأول ولو زوجها الوكيل إياه بألف درهم بغير إذنها ثم زوجها إياه بخمسين بغير إذنها يبقى الأول فإن أجازته جاز ويبطل الثاني ; لأن الأول كان نافذا من وجه كذا في الظهيرية أيضا ثم اعلم أن إجازة نكاح الفضولي صحيحة بعد موت العاقد الفضولي بخلاف رجل وكل رجلا بأن يزوجه امرأة بألف فزوجها إياه على خمسين دينارا بإذنها أو بغير إذنها ثم زوجها بألف ذكره إجازة بيعه بعد موته الزيلعي في بيع الفضولي فعلى هذا يشترط قيام المعقود له وأحد العاقدين لنفسه فقط بخلاف البيع فإنه يشترط قيام أربعة مع الثمن إن كان عرضا .
( قوله ولا يتوقف شطر العقد على قبول ناكح غائب ) أي لا يتوقف الإيجاب على قبول من كان غائبا عن المجلس بل يبطل ولا يلحقه إجازة ، وهذا بالاتفاق كما لو أوجب أحد المتعاقدين فلم يقبل الآخر في المجلس فإنه يبطل الإيجاب لا نعلم فيه خلافا ولا فرق في هذا بين البيع والنكاح وغيرهما من العقود فقوله ناكح ليس بقيد احترازي ثم اختلفوا في أن ما يقوم بالفضولي عقد تام فيصح أن يتولى الطرفين أو شطره فلا يتوقف فعند أبي حنيفة شطر فيبطل وعند ومحمد عقد تام فيتوقف ; لأنه لو كان مأمورا من الجانبين ينفذ فإذا كان فضوليا يتوقف فصار كالخلع والطلاق والإعتاق على مال ولهما أن الموجود شطر العقد ; لأنه شطر حالة الحضرة فكذا عند الغيبة وشطر العقد لا يتوقف على ما وراء المجلس كما في البيع بخلاف المأمور من الجانبين ; لأنه ينتقل كلامه إلى العاقدين وما يجري بين الفضوليين عقد تام فكذا الخلع واختاره ; لأنه يمين من جانبه حتى يلزم فيتم به فتفرع على هذا الأصل ست صور ثلاثة اتفاقية وهي أبي يوسف قول الرجل تزوجت فلانة أو المرأة تزوجت فلانا أو الفضولي زوجت فلانا من فلانة
وقيل آخر في الثلاث فالعقد متوقف لحصول الشطرين وثلاثة خلافية هي هذه إذا لم يقبل أحد فلا تقوم عبارة الفضولي مقام عبارتين سواء تكلم بكلام واحد أو بكلامين حتى لو قال زوجت فلانا وقبلت عنه لم يتوقف على قولهما وهو الحق خلافا لما ذكر في الحواشي لاتفاق أهل المذهب في نقل [ ص: 150 ] قولهما على أن الفضولي الواحد لا يتولى الطرفين وهو مطلق ولو عبر به المصنف لكان أولى وحاصل متولي الطرفين بالقسمة العقلية عشرة واحد منها مستحيل وهو الأصيل من الجانبين وأربعة هي من منطوق المتن على الخلاف الفضولي من الجانبين والفضولي من جانب الوكيل من جانب والفضولي من جانب الأصيل من جانب والفضولي من جانب الولي من جانب فعندهما لا يتوقف كما قدمناه والخمسة الباقية مستفادة من مفهوم المتن وهي نافذة بالاتفاق الوكيل من الجانبين والولي من الجانبين والأصيل من جانب الولي من جانب والوكيل من جانب الأصيل من جانب والولي من جانب الوكيل من جانب ثم إذا تولى الطرفين في هذه المسائل الخمس فقوله زوجت فلانة من نفسي يتضمن الشطرين فلا يحتاج إلى القبول بعده ، وكذا ولي الصغيرين القاضي وغيره والوكيل من الجانبين يقول زوجت فلانة من فلان وقال شيخ الإسلام خواهر زاده ، وهذا إذا ذكر لفظا هو أصيل فيه أما إذا ذكر لفظا هو نائب فيه فلا يكفي فإن قال تزوجت فلانة كفى وإن قال زوجتها من نفسي لا يكفي ; لأنه نائب فيه وعبارة الهداية صريحة في نفي هذا الاشتراط وصرح بنفيه في التجنيس أيضا في علامة غريب الرواية والفتاوى الصغرى قال يكفي ولا يحتاج أن يقول قبلت ، وكذا كل من يتولى طرفي العقد إذا أتى بأحد شطري الإيجاب يكفيه ولا يحتاج إلى الشطر الآخر ; لأن اللفظ الواحد يقع دليلا من الجانبين كذا في فتح القدير . رجل زوج بنت أخيه من ابن أخيه ، فقال زوجت فلانة من فلان