( قوله والمأمور بنكاح امرأة مخالف بامرأتين ) ; لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة ولا إلى التنفيذ في أحدهما غير عين للجهالة ولا إلى التعيين لعدم الأولوية فتعين التفريق عند عدم الإجازة وهو مراد صاحب الهداية بدليل أنه قال في صدر المسألة لم تلزمه واحدة منهما فكان كلامه مستقيما فاندفع به ما ذكره الشارح من عدم استقامته ، ولذا عبر المصنف بالمخالفة ليفيد عدم النفاذ وأنه عقد فضولي وإن أجاز نكاحهما أو إحداهما نفذ فيه بالأمر بواحدة ; لأنه لو جاز إلا إذا أمره أن يزوجه امرأتين في عقدة فزوجه واحدة فحينئذ لا يجوز كذا في غاية البيان ومثله في المحيط لو قال لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة واحدة جاز ولو أمره أن يزوجه امرأتين في عقدة فزوجهما في عقدتين لا يجوز والفرق أن في الأول أثبت الوكالة حالة الجمع ولم ينف الوكالة حال التفرد نصا بل سكت عنه والتنصيص على الجمع لا يدل على نفي ما عداه وفي العقد الثاني نفى الوكالة حالة التفرد والنفي مفيد ; لأن فائدته في الجمع أكثر لما فيه من تعجيل مقصوده فلا بد من مراعاة النفي فلم يصر وكيلا حالة الانفراد ا هـ . قال لا تزوجني امرأتين إلا في عقدتين فزوجهما في عقدة
وهذا بخلاف البيع لو أمره أن يشتري ثوبين في صفقة لا يملك التفريق ; لأن الثياب إذا اشتريت جملة تؤخذ بأرخص مما تشترى على التفاريق فاعتبر قوله فيه ، فأما هاهنا بخلافه كذا في النهاية وفي الخانية لوفأيتهما زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الجهالة وإن زوجهما جميعا في عقدة واحدة لم يجز واحدة منهما كما لو وكله أن يزوجه فلانة أو فلانة لم يجز ا هـ . وكل رجلا أن يزوجه امرأة فزوجه امرأتين في عقدة واحدة
وقيد بكون المرأة منكرة أخذا من التنكير ; لأنه لو عينها فزوجها وأخرى معها تلزمه المعينة وقيد في الهداية نكاح المرأتين بأن يكون في عقد واحد ; لأنه لو زوجهما في عقدتين تلزمه الأولى ونكاح الثانية موقوف على الإجازة ; لأنه فضولي فيه ، ولذا قال في المختصر بامرأتين ولم يقل بعقدين وفرعوا على أن التنصيص على الشيء لا ينفي الحكم عما عداه لو فإنه يجوز كما في الخانية . قال زوج ابنتي هذه رجلا يرجع إلى علم ودين بمشورة فلان وفلان فزوجها رجلا على هذه الصفة من غير مشورة
[ ص: 151 ] وأما إذا فإنه يجوز بخلاف ما إذا قال لا تبعه إلا بشهود فباعه بغير شهود فإنه لا يجوز كما في الظهيرية ( قوله لا بأمة ) أي لا يكون المأمور بنكاح امرأة مخالفا بنكاح أمة لغيره فينفذ على الموكل عند قال له بع عبدي هذا بشهود أو بمحضر فلان فباعه بغير شهود أو بغير محضر فلان رجوعا إلى إطلاق اللفظ وعدم التهمة وقالا لا يجوز أن يزوجه كفؤا ; لأن المطلق ينصرف إلى المتعارف وهو التزوج بالأكفاء قلنا العرف مشترك أو هو عرف عملي فلا يصح مقيدا وذكر في الوكالة أن اعتبار الكفاءة في هذا استحسان عندهما ; لأن كل واحد لا يعجز عن التزوج بمطلق الزوجة فكانت الاستعانة في التزوج بالكفء كذا في الهداية وظاهره ترجيح قولهما ; لأن الاستحسان مقدم على القياس إلا في مسائل معدودة ليس هذا منها ، ولذا قال أبي حنيفة الإسبيجابي قولهما أحسن للفتوى واختاره أبو الليث
وفي فتح القدير والحق أن قول ليس قياسا ; لأنه أخذ بنفس اللفظ المنصوص فكان النظر في أي الاستحسانين أولى ا هـ . أبي حنيفة
قيد بكونه أمره بنكاح امرأة ولم يصفها ; لأنه لو لم يجز ولو زوجه في عكسه مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة جاز وأطلق في الآمر فشمل الأمير وغيره ووضعها في الهداية في الأمير ليفيد أن غيره بالأولى وقيد بكون الآمر رجلا ; لأنها لو وكله بتزويج حرة فزوجه أمة أو عكسه كان مخالفا على قول وكلته في تزويجها ولم تعين فزوجها غير كفء أيضا على الأصح كما في الخانية لاعتبارها من جهة الرجال وإن كان كفؤا إلا أنه أعمى أو مقعد أو صبي أو معتوه فهو جائز ، وكذا لو كان خصيا أو عنينا وإن كان لها التفريق بعد ذلك وأفاد أبي حنيفة المصنف أن الأمر المطلق يجري على إطلاقه ولا يجوز تقييده إلا بدليل وأن العرف المشترك لا يصح مخصصا فالوكيل بتزويج امرأة ليس مخالفا لو زوجه عمياء أو شوهاء فوهاء لها لعاب سائل وعقل زائل وشق مائل أو شلاء أو رتقاء أو صغيرة لا يجامع مثلها أو كتابية أو امرأة حلف بطلاقها أو زوجه امرأة على أكثر من مهر مثلها ولو بغبن فاحش عند الإمام أو زوجها رجلا بأقل من مهر مثلها كذلك أو امرأة كان الموكل آلى منها أو في عدة الموكل والأصيل أن الوكيل إذا خالف إلى خير أو كان خلافه كلا خلاف نفذ عقده كما لو أمره بعمياء فزوجه بصيرة وليس منه ما إذا أمره بالفاسد فزوجه صحيحا بل لا يجوز لعدم الوكالة بالنكاح أصلا
وأما العدة بعد الدخول فيه وثبوت النسب فليس حكما له بل للوطء إذ لم يتمحض زنا بخلاف أمره بالبيع الفاسد له البيع صحيحا وليس منه أيضا ما إذا وكله بألف فلم ترض المرأة حتى زادها الوكيل ثوبا من مال نفسه فإنه موقوف على إجازة الزوج لكونه ضررا على تقدير استحقاق الثوب أو هلاكه قبل التسليم فإنها ترجع بقيمته على الزوج لا الوكيل كما في الذخيرة وللزوج الخيار وإذا دخل بها قبل العلم وإن اختار التفريق فكالنكاح الفاسد وليس منه أيضا ما إذا أمره ببيضاء فزوجه سوداء أو على القلب أو من قبيلة كذا فزوجه من أخرى فإنه غير نافذ وقيدنا بكون الأمة لغيره ; لأنه لو زوجه أمة نفسه ولو مكاتبته كما في المحيط فإنه لا ينفذ للتهمة كما لو زوجه بنته فإن كانت صغيرة لا يجوز اتفاقا ، وكذا موليته كبنت أخيه الصغيرة
وإن كانت كبيرة فكذلك عنده خلافا لهما ولو زوجه أخته الكبيرة برضاها جاز اتفاقا والوكيل من قبل المرأة إذا زوجها من أبيه أو ابنه لا يجوز في قول وفي كل موضع لا ينفذ فعل الوكيل فالعقد موقوف على إجازة الموكل وحكم الرسول كحكم الوكيل في جميع ما ذكرنا وضمانهما المهر صحيح وإنكار المرسل والموكل الرسالة والوكالة بعد الضمان ولا بينة لا يسقط الضمان عنهما فيجب نصف المهر وتوكيل المرأة المتزوجة بالتزويج إذا طلقت وانقضت عدتها صحيح كتوكيله أن يزوجه فلانة وهي متزوجة فطلقت وحلت فزوجها فإنه صحيح وإذا أبي حنيفة فلا ضمان على الوكيل كما في الخانية وفي الذخيرة زوج [ ص: 152 ] الوكيل موكله زوجة الغير أو معتدته أو أم امرأته ودخل بها الموكل غير عالم ولزمه المهر فهو نافذ ولزم الوكيل تسليمه وإذا سلم لا يرجع على الزوج بشيء ولو كان مكان النكاح خلعا يرجع على المرأة بما أدى ولو الوكيل بتزويج امرأة إذا زوجه امرأة على عبد للوكيل أو عرض له بأن قال زوجتك هذه المرأة بألف من مالي أو بألفي هذه جاز والمال على الزوج ولا يطالب الوكيل بالألف المشار إليه لعدم تعينها في المعاوضات وتمامه فيها وفي المحيط ولو زوجه على عبد الزوج جاز استحسانا وعلى الزوج قيمة عبده لا تسليم عينه والله تعالى أعلم . زوجه الوكيل امرأة بألف من ماله
[ ص: 150 ]