[ ص: 222 ] ( باب نكاح الكافر ) لما فرغ من نكاح المسلمين بمرتبتيه الأحرار ، والأرقاء شرع في بيان نكاح الكفار ، والتعبير بنكاح الكافر أولى من التعبير بنكاح أهل الشرك كما في الهداية لأنه لا يشمل الكتابي إلا على قول من يدخله في المشرك باعتبار قول طائفة منهم عزير ابن الله ، والمسيح ابن الله رب العزة ، والكبرياء المنزه عن الولد وهاهنا ثلاثة أصول الأول أن كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح إذا تحقق بين أهل الكفر لتضافر الاعتقادين على صحته ولعموم الرسالة فحيث وقع من الكفار على وفق الشرع العام وجب الحكم بصحته خلافا ويرده قوله تعالى { لمالك وامرأته حمالة الحطب } وقوله : عليه الصلاة والسلام { } كما في المعراج الثاني إن كل نكاح حرم بين المسلمين لفقد شرطه كالنكاح بغير شهود أو في العدة من الكافر يجوز في حقهم إذا اعتقدوه عند ولدت من نكاح لا من سفاح ويقران عليه بعد الإسلام الثالث إن كل نكاح حرم لحرمة المحل كنكاح المحارم اختلف فيه على قوله قال مشايخنا يقع جائزا وقال مشايخ أبي حنيفة العراق يقع فاسدا وسيأتي
( قوله : جائز ثم أسلما أقرا عليه ) يعني عند تزوج كافر بلا شهود أو في عدة كافر وذا في دينهم ووافقاه في الأول وخالفاه في الثاني لأن حرمة نكاح المعتدة مجمع عليها فكانوا ملتزمين لها وحرمة النكاح بغير شهود مختلف فيها ولم يلتزموا أحكامنا بجميع الاختلافات وبه اندفع قول أبي حنيفة من التسوية بينهما زفر أن الحرمة لا يمكن إثباتها حقا للشرع لأنهم لا يخاطبون بحقوقه ولا وجه إلى إيجاب العدة حقا للزوج لأنه لا يعتقده وإذا صح النكاح فحالة الإسلام ، والمرافعة حالة البقاء ، والشهادة ليست شرطا فيها وكذا العدة لا تنافيها كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة أطلق الكافر فشمل الذمي ، والحربي وبحث المحقق في فتح القدير في قولهم إن الحرمة لا يمكن إثباتها حقا للشرع لأنهم لا يخاطبون بحقوقه بأن أهل الأصول اتفقوا على أنهم مخاطبون بالمعاملات ، والنكاح منها وكونه من حقوق الشرع لا ينافي كونه معاملة فيلزم اتفاق الثلاث على أنهم مخاطبون بأحكام النكاح غير أن حكم الخطاب إنما يثبت في حق المكلف ببلوغه إليه ، والشهرة تنزل منزلته وهي متحققة في حق ولأبي حنيفة أهل الذمة دون أهل الذمة دون أهل الحرب فمقتضى النظر التفصيل بين أن يكون ذميا فلا يقر عليه وبين أن يكون حربيا فيقر عليه ا هـ .
وجوابه أن النكاح لم يتمحض معاملة بل فيه معنى العبادة ولهذا كان الاشتغال به أولى من التخلي للنوافل فما ذكره الأصوليين إنما هو في المعاملة المحضة فلا منافاة بين الموضعين فلا فرق بين الذمي ، والحربي في هذا الحكم وقيد بكونه في عدة كافر لأنها لو كانت في عدة مسلم فإنه لا يجوز لا يقران عليه اتفاقا وظاهر كلام الهداية أنه عند لا عدة من الكافر أصلا ، وفيه اختلاف المشايخ فذهب طائفة إليه وأخرى إلى وجوبها الإمام لكنها ضعيفة لا تمنع من صحة النكاح لضعفها كالاستبراء وفائدة الاختلاف تظهر في ثبوت الرجعة للزوج بمجرد طلاقها ، وفي ثبوت نسب الولد إذا أتت به لأقل من ستة أشهر فعلى الأول لا يثبتان وعلى الثاني يثبتان واختار في فتح القدير الأول ومنع عدم ثبوت النسب لجواز أن يقال لا تجب العدة وإذا علم من له الولد [ ص: 223 ] بطريق آخر وجب إلحاقه به بعد كونه عن فراش صحيح ومجيئها به لأقل من ستة أشهر من الطلاق مما يفيد ذلك فيلحق به وهم لم ينقلوا ذلك عن عنده بثبوته ولا عدمه بل اختلفوا أن قوله بالصحة بناء على عدم وجوبها فيتفرع عليه ذلك أولا فلا فلنا أن نقول بعدمها ويثبت النسب في الصورة المذكورة ا هـ . أبي حنيفة
وقيد بكونه جائزا في دينهم لأنه لو لم يكن جائزا عندهم يفرق بينهما اتفاقا لأنه وقع باطلا فيجب التجديد ، وفي فتح القدير : فيلزم في المهاجرة لزوم العدة إذا كانوا يعتقدون ذلك لأن المضاف إلى تباين الدار الفرقة لا نفي العدة وأطلق في عدم التفريق بالإسلام فشمل ما إذا أسلما ، والعدة منقضية أو غير منقضية لكن إذا أسلما وهي منقضية لا يفرق بالإجماع كما في المبسوط ولم يذكر عدم التفريق فيما إذا ترافعا إلينا لأنه معلوم من الإسلام بالأولى .
[ ص: 221 - 222 ]