( قوله : وإذا عرض الإسلام على الآخر فإن أسلم وإلا فرق بينهما ) لأن المقاصد قد فاتت فلا بد من سبب تبتنى عليه الفرقة ، والإسلام طاعة فلا يصلح سببا فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد بالإسلام أو تثبت الفرقة بالإباء وإضافة أسلم أحد الزوجين الفرقة إلى الإسلام من باب فساد الوضع وهو أن يترتب على العلة نقيض ما تقتضيه وسيأتي أن الشافعي فإنه يبقى النكاح لجواز التزوج بها ابتداء فحينئذ صار المراد من عبارته هنا أنهما إما مجوسيان فأسلم الزوج أو المرأة أو كتابيا فأسلمت المرأة أو أحدهما كتابي ، والآخر مجوسي فأسلم الكتابي أو المجوسي وهو المرأة فالحاصل أنهما إما أن يكونا كتابيين أو مجوسيين أو أحدهما كتابي ، والآخر مجوسي وهو صادق بصورتين فهي أربعة وكل من الأربعة إما أن يكون المسلم الزوج أو الزوجة فهي ثمانية منها مسألتان لا يعرض الإسلام فيهما على الآخر وهما إذا زوج الكتابية إذا أسلم ، والباقية مراده هنا أطلق في الآخر فشمل البالغ ، والصبي لكن بشرط التمييز حتى يفرق بينهما بإباء الصبي المميز باتفاق على الأصح ، والفرق كانت المرأة كتابية ، والزوج كتابي أو مجوسي ، والمسلم هو الزوج بين ردته وإبائه أن الإباء تمسك بما هو عليه فيكون صحيحا فأما الردة فإنشاء لما لم يكن موجودا وهو يضره فلا يصح منه كذا في المبسوط ، وفيه الأصل أن كل من صح منه الإسلام إذا أتى به يصح منه الإباء إذا عرض عليه ا هـ . لأبي يوسف
وأما الصبي الذي لا يميز فإنه ينتظر عقله أي تمييزه ، والصبية كالصبي بخلاف ما إذا كان مجنونا فإنه لا ينتظر بل يعرض على أبويه لأنه ليس له نهاية معلومة كالمرأة إذا وجدت الزوج عنينا فإنه يؤجل ولو مجبوبا فإنه لا يؤجل بل يفرق للحال لعدم الفائدة في الانتظار بخلاف العنين يؤجل لإفادته ومعنى العرض على أبوي المجنون أن أي الأبوين أسلم بقي النكاح لأنه يتبع المسلم منهما كذا في فتح القدير ويرد على المصنف ما إذا داما على النكاح كما لو كانت يهودية أو نصرانية من الابتداء كذا في المبسوط وقوله : فإن أسلم وإلا فرق بينهما ينافيه وقيد بالإسلام لأن النصرانية إذا تهودت أو عكسه لا يلتفت [ ص: 227 ] إليهم لأن الكفر كله ملة واحدة وكذا لو أسلم الزوج وهي مجوسية فتهودت أو تنصرت فهما على نكاحهما كما لو كانت مجوسية في الابتداء ومعنى قوله وإلا فرق بينهما أنه إن لم يسلم الآخر بأن أبى عنه فرق بينهما وأما إذا لم يسلم ولم يمتنع بأن سكت فإنه يكرر العرض عليه لما في الذخيرة إذا صرح بالإباء فالقاضي لا يعرض الإسلام عليه مرة أخرى ويفرق بينهما تمجست زوجة النصراني
وإن سكت ولم يقل شيئا فالقاضي يعرض عليه الإسلام مرة بعد أخرى حتى تتم الثلاث احتياطا ا هـ .
( قوله : وإباؤه طلاق لا إباؤها ) وقال : لا يكون طلاقا في الوجهين لأن الفرقة سبب يشترك فيه الزوجان فلا يكون طلاقا كالفرقة بسبب الملك ولهما أنه بالإباء امتنع عن الإمساك بالمعروف مع قدرته عليه بالإسلام فينوب القاضي منابه في التسريح بالإحسان كما في الجب ، والعنة أما المرأة فليست بأهل للطلاق فلا ينوب منابها عند إبائها كذا في الهداية ومراده أنه لا ينوب منابها في الطلاق لأنه ليس إليها وإنما ينوب منابها فيما إليها وهو التفريق على أنه فسخ . أبو يوسف
والحاصل أنه نائب عن كل منهما فيما إليه لا كما يتوهم من عبارة الهداية أنه نائب عن الزوج لا عنها لأنه لو كان كذلك لم تتوقف الفرقة على القضاء فيما إذا كانت الآبية وليس مراده أن الطلاق يقع بمجرد إبائه كما هو ظاهر العبارة لما قدمه من قوله فرق بينهما أي فرق القاضي بينهما ولو وقع بمجرد إبائه لم يحتج إلى تفريق القاضي ولذا قالوا وما لم يفرق القاضي بينهما فهي امرأته حتى يجب كمال المهر لها بموته قبل الدخول وإنما لا يتوارثان لو مات أحدهما قبل التفريق للمانع منه وهو كفر أحدهما لا للبينونة وسيأتي حكم المهر في الارتداد حيث قال : والإباء نظيره وأطلق في الزوج فشمل الصغير ، والكبير ، والمجنون فيكون إباء الصبي المميز طلاقا على الأصح كما في المبسوط وإباء أحد أبوي المجنون طلاقا أيضا مع أن الطلاق لا يصح منهما لما ذكرنا من المعنى قالوا وهي من أغرب المسائل حيث يقع الطلاق منهما نظيره إذا كانا مجبوبين أو كان المجنون عنينا فإن القاضي يفرق بينهما ويكون طلاقا اتفاقا وتحقيقه أن الصبي ، والمجنون أهلان للوقوع لا للإيقاع بدليل أن الصبي إذا ورث قريبه فإنه يعتق عليه وما نحن فيه وقوع لا إيقاع ونظيره لو علق الزوج الطلاق بشرط [ ص: 228 ] وهو عاقل فجن ثم وجد الشرط وقع عليه وهو مجنون لما ذكرنا وأشار بالطلاق إلى وجوب العدة عليها إن كان دخل بها لأن المرأة إذا كانت مسلمة فقد التزمت أحكام الإسلام ومن حكمه وجوب العدة
وإن كانت كافرة لا تعتقد وجوبها لأن الزوج مسلم ، والعدة حقه وحقوقنا لا تبطل بديانتهم وأشار أيضا إلى وجوب النفقة لها ما دامت في العدة ، وإن كانت المرأة مسلمة لأن المنع من الاستمتاع جاء من جهة الزوج وهو غير مسقط بخلاف ما إذا لأن المنع من جهتها ولذا لا مهر لها إن كان قبل الدخول وأشار أيضا إلى وقوع طلاقه عليها ما دامت في العدة كما لو وقعت الفرقة بالخلع أو بالجب ، والعنة كذا في المحيط وظاهره أنه لا فرق في وقوع الطلاق عليها بين أن يكون هو الآبي أو هي وظاهر ما في فتح القدير أنه خاص بما إذا أسلمت وأبى هو ، والظاهر الأول ، وقد وقع في شرح المجمع كانت كافرة وأسلم الزوج فلا نفقة لها لابن الملك هنا سهو ونقله عن المحيط وهو بريء عنه فاجتنبه فإنه قال لو تكون فرقتها طلاقا وإنما الصواب وقعت الفرقة بلا عرض عليها كما في المحيط . كانت نصرانية وقت إسلامه ثم تمجست