قوله : ( وسكران ) أي ولو كان الزوج سكران لأن الشارع لما خاطبه في حال سكره بالأمر ، والنهي بحكم فرعي عرفنا أنه اعتبره كقائم العقل تشديدا عليه في الأحكام الفرعية ، وقد فسروه هنا بمذهب وهو من لا يعرف الرجل من المرأة ولا السماء من الأرض فإن كان معه من العقل ما يقوم به التكليف فهو كالصاحي . أبي حنيفة
والحاصل أن المعتمد في المذهب أن السكران الذي تصح منه التصرفات من لا عقل له يميز به الرجل من المرأة إلى آخره وبه يبطل قول من ادعى أن الخلاف فيه إنما هو فيه بمعنى عكس الاستحسان ، والاستقباح مع تمييزه الرجل من المرأة ، والعجب ما صرح به في بعض العبارات من أنه معه من العقل ما يقوم به التكليف ولا شك أن على هذا التقدير لا يتجه لأحد أن يقول لا تصح تصرفاته وما في بعض نسخ من تقييد وقوع طلاق المكره ، والسكران بالنية فليس مذهبا لأصحابنا ولأنه إذا قال نويت به يجب أن يقع بالإجماع ، وفي البزازية : قال أمير المؤمنين القدوري رضي الله عنه لا يقع عثمان وبه أخذ طلاق السكران الشافعي والطحاوي والكرخي ومحمد بن سلام ا هـ .
وقد اختاروا قولهما في تفسيره في وجوب الحد وهو الذي أكثر كلامه هذيان واختاروا في نقض طهارته أنه الذي في مشيته خلل وكذا في يمينه أن لا يسكر أطلقه فشمل من سكر مكرها أو مضطرا فطلق .
وقد جزم في الخلاصة بالوقوع معللا بأن زوال العقل حصل بفعل هو محظور في الأصل ، وإن كان مباحا بعارض الإكراه ولكن السبب الداعي للحظر قائم فأثر قيام السبب في حق الطلاق ا هـ .
وصححه الشمني وصحح قاضي خان في شرح الجامع الصغير وفتاواه عدم الوقوع وكذا في غاية البيان معزيا إلى التحفة وقال في فتح القدير أنه الأحسن ، وفي المحيط أنه حسن لكنه خلاف إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن بعضهم قالوا لا يقع معذورا أو غير معذور ومنهم من قال يقع في الحالين فمن فرق بينهما كان قوله : بخلاف قول الصحابة فيكون باطلا ا هـ .
وشمل أيضا من سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب ، والعسل وهو قول وقال محمد : الثاني لا يقع قال في فتح القدير ويفتى بقول الإمام لأن السكر من كل شراب محرم ا هـ . محمد
وصحح قاضي خان في فتاويه عدم الوقوع ، وفي البزازية المختار في زماننا لزوم الحد لأن الفساق يجتمعون عليه وكذا المختار وقوع الطلاق لأن الحد يحتال لدرئه ، والطلاق يحتاط فيه فلما وجب ما يحتال لأن يقع ما يحتاط أولى ، وقد طالب نافي الحد بالفرق بينه وبين السكر من المباح كالمثلث فعجزوا ثم قال وجدت نصا عن صدر الإسلام البزدوي على لزوم الحد وشمل أيضا من غاب عقله بأكل الحشيش فطلق وهو المسمى بورق القنب ، وقد اتفق على وقوع طلاقه فتوى مشايخ المذهبين الشافعية ، والحنفية لفتواهم بحرمته وتأديب باعته حتى قالوا من قال بحله فهو زنديق كذا في المبتغى بالمعجمة وتبعه المحقق محمد ابن الهمام في فتح القدير وممن صرح بحرمة الحشيش ، والبنج ، والأفيون الحدادي في الجوهرة في آخر الأشربة وصرح بتعزير آكله وشمل أيضا من غاب عقله بالبنج ، والأفيون فإنه يقع طلاقه إذا استعمله للهو وإدخال الآفات قصدا لكونه معصية .
وإن كان للتداوي فلا لعدمها وعن هذا قلنا إذا لا يقع لأن زوال العقل مضاف إلى الصداع لا إلى الشراب كذا في فتح القدير وهو صريح في حرمة البنج الأفيون لا للدواء ، وفي البزازية : والتعليل ينادي بحرمته لا للتداوي ا هـ . شرب الخمر فتصدع فزال عقله بالصداع فطلق
وفي الخانية من كتاب الخلع سائر تصرفات السكران جائزة إلا الردة ، والإقرار بالحدود ، والإشهاد على شهادة نفسه ومن كتاب [ ص: 267 ] السير هذا إذا كان لا يعرف الأرض من السماء أما إذا كان يعرف فكفره صحيح ، وفي باب حد الشرب أن الصحيح أنها لا تنفذ كما لا تنفذ من الذي زال عقله بالبنج ، وفي الينابيع من الأيمان تصرفات السكران من المتخذة من الحبوب ، والفواكه لا يقع لأن كلامه خرج جوابا لها ، وفي المجتبى : سكران وهب لزوجته درهما فقالت له : إنك تسترده مني إذا صحوت فقال إن استردتيه فأنت طالق ثم أخذه للحال وهو سكران لا يقع لأن ضرره يرجع إلى الموكل ولم يجز ا هـ . سكر الوكيل فطلق
وهو ضعيف ، والصحيح كما في الظهيرية من الأشربة ، والخانية من الطلاق الوقوع بخلاف ما إذا ، وفي القنية سكران قرع الباب فلم يفتح له فقال إن لم تفتحي الباب الليلة فأنت طالق فلم يكن في الدار أحد فمضت الليلة ولم تفتح لا تطلق ا هـ . جن الوكيل فطلق
وفي المحيط لا تطلق امرأته لأنه في تلك الساعة في غاية النشاط فالظاهر أنه كان يقول من قلبه ا هـ . سكران قال لآخر وهبت داري هذه منك ثم قال إن لم أقل من قلبي فامرأته طالق ثم أفاق ولم يذكر من هذا شيئا
وفي البزازية إن كان التوكيل على طلاق بمال لا يقع ولو كان التوكيل في حال الصحو ، والإيقاع في حال السكر لا يقع ، وإن كانا في حال السكر يقع إذا كان بلا مال ولو كان بمال لا يقع مطلقا لأن الرأي لا بد منه لتقدير البدل ا هـ . وهو تفصيل حسن . وكله بالطلاق فطلقها في حال السكر