قوله : ( وإن تطلق ) أراد بالإضافة إلى الجملة أن يكون بطريق الوضع كأنت طالق وبما يعبر به عن الجملة بطريق التجوز كرقبتك وإلا فالكل يعبر به عن الجملة كذا في فتح القدير وذكر الشارح أن ما يضاف إلى الجملة أنت ، والروح ، والبدن ، والجسد وأما ما يعبر به عنها ما عداها ، والظاهر الأول كما لا يخفى وأشار بالتعبير به عنها إلى أنه لا بد أن يقول مثلا رقبتك طالق أما لو أضاف الطلاق إلى جملتها أو إلى ما يعبر به عنها كالرقبة ، والعنق ، والروح ، والبدن ، والجسد ، والفرج ، والوجه أو إلى جزء شائع منها كنصفها وثلثها لم يقع في الأصح لأنه لم يجعله عبارة عن الكل بل عن البعض بخلاف ما إذا لم يضع يده بل قال هذا الرأس طالق وأشار إلى رأس امرأته الصحيح أنه يقع كما لو قال الرقبة منك طالق أو الوجه أو وضع يده على الرأس أو العنق وقال هذا العضو طالق . قال رأسك هذا طالق
ولهذا لو جاز البيع كذا في الخانية وقيد بالرقبة وما بعدها لأنه لا يقع بالبطن ، والظهر ، والبضع ، والدم على الصحيح ولهذا لو قال لغيره بعت منك هذا الرأس بألف درهم وأشار إلى رأس عبده فقال المشتري قبلت لا يعتق ، وقد صححوا صحة التكفل بالدم لما يقال دمه هدر أي نفسه فكان العرف جرى به في الكفالة دون العتق ، والطلاق ، وصحح في الجوهرة وقوع الطلاق يقال ذهب دمه هدرا فحينئذ لا فرق بين الطلاق والكفالة وتقييدهم الجزء بالشائع ليس للاحتراز عن المعين لما في الخلاصة : لو قال دمك حر فقد وقعت هذه المسألة قال نصفك الأعلى طالق واحدة ونصفك الأسفل ثنتين ببخارى فأفتى بعضهم بوقوع الواحدة لأن الرأس في النصف الأعلى وبعضهم اعتبر الإضافتين لأن الفرج في الأسفل ا هـ .
وقد علم به أنه لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاقا ، وقد أطلق المصنف وقوع الطلاق بما ذكر فأفاد أنه صريح لا يتوقف على النية فلو قال أردت به العضو حقيقة لم يصدق قضاء ويصدق ديانة لكنه كيف يكون صريحا مع أنه إنما يكون بغلبة الاستعمال كما قدمناه ولقد أبعد الشارح الزيلعي حيث قال في بحث قوله أنا منك طالق لغو وكونه غير متعارف إيقاعه لا يخرجه من أن يكون صريحا كقوله عشرك طالق أو فرجك أو طلقتك نصف تطليقة ا هـ . لأن الصراحة إنما هي بغلبة الاستعمال ، والتحقيق أن الوقوع قضاء إنما هو إذا كان التعبير به عن الكل عرفا مشتهرا ولو اقتصر على التعبير عن الجملة لكان أولى لأن الإضافة إلى الجملة علمت من أول الباب من قوله كأنت طالق .
قوله : ( وإلى اليد ، والرجل ، والدبر لا ) أي لا تطلق بالإضافة إلى ما ذكر أي إلى ما لا يعبر به عن الجملة فدخل فيه الشعر ، والأنف ، والساق ، والفخذ ، والظهر ، والبطن ، واللسان ، والأذن ، والفم ، والصدر ، والذقن ، والسن ، والريق ، والعرق ، والكبد ، والقلب أطلقه فشمل ما إذا نوى به كل البدن لكن في البزازية وذكر الإمام الحلواني [ ص: 282 ] إن ذكر عضوا يعبر به عن جميع البدن ونوى اقتصار الطلاق عليه لم يبعد أن يصدق ولو فلنا أن نقول يقع الطلاق ، وإن كان جزءا لا يستمتع به كالسن ، والريق لا يقع ا هـ . ذكر اليد ، والرجل وأراد به كل البدن
وفي الظهيرية : لو أضافه إلى قلبها لا رواية لهذا في الكتاب ، وفي فتح القدير من كتاب الكفالة ولم يذكر ما إذا كفل بعينه قال محمد : لا يصح كما في الطلاق إلا أن ينوي به البدن والذي يجب أن يصح في الكفالة ، والطلاق إذ العين مما يعبر به عن الكل يقال عين القوم وهو عين في الناس ولعله لم يكن معروفا في زمانهم أما في زماننا فلا شك في ذلك ا هـ . البلخي
ومثل الطلاق الظهار ، والإيلاء ، والعفو عن القصاص ، والعتاق حتى لو أعتق أصبعه لا يقع قيدنا بكونه لا يعبر به عن الجملة لأن اليد وما معها لو كان عند قوم يعبرون به عن الجملة وقع الطلاق وهو محمل ما ورد منها مرادا به الجملة كالحديث { } وكقوله تعالى : { على اليد ما أخذت حتى ترد تبت يدا أبي لهب } وحاصله أنه ثلاثة صريح يقع قضاء بلا نية كالرقبة وكناية لا يقع بها إلا بالنية كاليد وما ليس صريحا ولا كناية لا يقع به ، وإن نوى كالريق ، والسن ، والشعر ، والظفر ، والعرق ، والكبد ، والقلب وقيد بالدبر لأنه لو وقع كفرجك كما في الخلاصة فالاست ، وإن كان مرادفا للدبر لا يلزم مساواتهما في الحكم . قال استك طالق
لأن الاعتبار هنا لكون اللفظ يعبر به عن الكل ألا ترى أن البضع مرادف للفرج وليس حكمه هنا كحكمه في التعبير وقيد بالطلاق في الجزء الشائع للاحتراز عن العتاق وتوابعه فإنه من قبيل ما يتجزأ فلو أعتق نصف عبده لم يعتق كله عند وللاحتراز عن النكاح فإنه لو تزوج نصفها لم يصح النكاح احتياطا كما في الخانية وبه ضعف قول الشارح أن الجزء الشائع محل للنكاح ، والعفو عن دم العمد وتسليم الشفعة كالطلاق ، والأصل أن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله . الإمام
[ ص: 281 ]