( قوله : إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وواحدة فدخلت يقع واحدة ، وإن أخر الشرط فثنتان ) بأن وهذا عند قال : أنت طالق واحدة وواحدة إن دخلت الدار وقالا يقع ثنتان فيهما ونسب أبي حنيفة القول بأن الواو للترتيب أخذا من قوله بوقوع الواحدة فيما إذا قدم الشرط لأنها لو كانت للجمع لتعلق الكل وليس بصحيح بل إنما قال بالواحدة لأن موجب هذا الكلام عنده تعلق المتأخر بواسطة المتقدم فينزلن كذلك فيسبق الأول فتبطل محليتها ، وتوضيحه أن الأول تعلق قبل الثاني لعدم ما يوجب توقفه وتعلق الثاني بواسطته ، والثالث بواسطتهما فينزل على الوجه الذي وقع عليه التعليق بخلاف ما إذا كرر الشرط لأن تعلق الثاني بغير شرط الأول ليس بواسطة الأول لأن كلا جملة مستقلة فتعلق بالشرط الواحد طلقات ليس شيء منها بواسطة شيء فينزلن جميعا عند الشرط بخلاف ما إذا أخر الشرط لأن تأخره موجب لتوقف الأول لأنه مغير فتعلق الكل به دفعة فينزل دفعة ونسب إليهما القول بأنها للمعية أخذا من قولهما بوقوع الثنتين وليس بصحيح بل قالا بعدما اشتركت في التعلق بواسطة أن تنزل دفعة لأن نزول كل حكم الشرط فتقترن أحكامه كما في تعدد الشرط قال في فتح القدير : قولهما أرجح وقول لأبي حنيفة تعلق الثاني بواسطة تعلق الأول إن أريد أنه علة تعلقه فممنوع بل علته جميع الواو إياه أي الشرط ، وإن أريد كونه سابق التعلق سلمناه ولا يفيد كالأيمان المتعاقبة ولو سلم أن تعلق الأول علة لتعلق الثاني لم يلزم كون نزوله علة لنزوله إذا لا تلازم فجاز كونه علة لتعلقه فيتقدم في التعلق [ ص: 320 ] وليس نزوله علة لنزوله بل إذا تعلق الثاني بأي سبب كأن صار مع الأول متعلقين بشرط وعند نزول الشرط ينزل المشروط ا هـ . الإمام
وهذا كله تقرير الأصول ، وأما تقرير الفروع فوجه قول أن المعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده ، ولو نجزه حقيقة لم يقع الثانية بخلاف ما إذا أخر الشرط لوجود المغير كذا ذكر الشارح وحاصل ما في الهداية : أن الواو لمطلق الجمع لا تصدق إلا في ضمن معية أو ترتيب فعلى اعتبار المعية يقع الكل وعلى اعتبار الترتيب لا يقع إلا واحدة فلا يقع الزائد بالشك وهو أقرب ما وجه به قول الإمام قيد بالواو لأنه لو عطف بالفاء وقدم الشرط وقعت واحدة اتفاقا على الأصح للتعقيب ، ولو عطف بثم وأخر الشرط وقعت واحدة منجزة ولغا ما بعدها ، وإن كانت مدخولا بها تعلق الأخير وتنجز ما قبله ، وإن تقدم الشرط تعلق الأول وتنجز الثاني فيقع المعلق عند الشرط بعد التزويج الثاني ولغا الثالث ، وفي المدخول بها تعلق الأول ونجز ما بعده وعندهما تعلق الكل بالشرط قدمه أو أخره إلا عند وجود الشرط تطلق المدخول بها ثلاثا وغيرها واحدة بناء على أن أثر التراخي يظهر في التعليق عنده فكأنه سكت بين كل كلمتين وعندهما يظهر في الوقوع عند نزول الشرط لا في التعليق . الإمام
والحاصل أن الحروف ثلاثة وكل على وجهين تقديم الشرط وتأخيره ففي الفاء ، والواو يقع واحدة إن قدمه واثنتان إن أخره ، وفي ثم إن قدم الشرط تعلق الأول وتنجز الثاني ولغا الثالث .
وإن أخره تنجز الأول ولغا ما بعده وقيد بحرف العطف لأنه لو ذكر بغير عطف أصلا نحو إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة واحدة واحدة ففي فتح القدير يقع واحدة اتفاقا عند وجود الشرط ويلغو ما بعده لعدم ما يوجب التشريك وأشار المصنف إلى أنه لو طلقت وسقط الظهار ، والإيلاء عنده لسبق الطلاق فتبين فلا تبقى محلا لما بعده وعندهما هو مطلق مظاهر مول وإلى أنه لو قال لغير المدخولة إن دخلت الدار فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي والله لا أقربك فدخلت فعلى الخلاف بخلاف ما لو قدم الظهار ، والإيلاء وقع الكل عند الكل أما عندهما فظاهر وأما عنده فلسبق الإيلاء ثم هي بعده محل للظهار ثم هي بعدهما محل للطلاق فتطلق كذا في فتح القدير وإلى أنه لو قال لأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي ووالله لا أقربك وتزوجها وقعت واحدة وبطلت الثنتان ، ولو قال لامرأة : يوم أتزوجك فأنت طالق وطالق وطالق فتزوجها وقعت الثلاث كذا في الحاوي القدسي وكذا لو قال : إن تزوجتك كما في المحيط . قال أنت طالق وطالق وطالق يوم أتزوجك
وفي تلخيص الجامع من أول كتاب الإيمان لو قال : ثلاثا لغير المدخولة إن كلمتك فأنت طالق انحلت الأولى بالثانية لاستئناف الكلام بخلاف فاذهبي يا عدوة الله لكن عند بالشرط [ ص: 321 ] كما لو اقتصر فعلت الثانية وعندنا بالجزاء فانعقدت إذ الجملة واحدة وإلا نزل اثنان على المدخولة بتكرير كلما كلمك فأنت طالق وانحلت بالثانية لا إلى جزاء ولغت هي بعدم الملك ، وفي إن حلفت بطلاقك لا تنحل اليمين الثانية إلا بتعليق طلاقها بالملك أو بعده إذ الشرط إدخالها في الجزاء كذا في تعليق طلاقها ومدخولة بالحلف بطلاقهما إنما تنحل الثانية بتعليق طلاقها بالملك أو بعده إذ الثالثة أنعقدت على المدخولة حسب فكانت الثالثة شطر الشرط وذا في حق الثالثة شطر أيضا فلا تنحل ما لم يحلف بطلاق المدخولة وهي البردعية ا هـ . زفر
يعني : أن هذه المسألة تلقب بالبردعية لأن أبا سعيد البرادعي بعدما تفقه ودرس سئل عنها فلم يهتد إلى جوابها فارتحل إلى بغداد وتعلم سبع سنين حتى صار من كبار أصحابنا وقيد بغير المدخولة لأن فيها يتعلق الكل بالشرط قدمه أو أخره ، وفي المحيط لو طلقت واحدة للحال وثلاثا إن دخلت الدار لأن قوله أنت طالق واحدة للتنجيز وأراد بقوله لا بل ثلاثا إن دخلت الدار تعليق الثلاث ، والرجوع عن إيقاع الواحدة فلا يصل الشرط المذكور آخرا بإيقاع الواحدة فصح تعليقه ولم يصح رجوعه عن الواحدة ، ولو قال لغير المدخول بها : أنت طالق واحدة لا بل ثلاثا إن دخلت الدار لم تطلق حتى تدخل لأن قوله لا بل ثلاثا غير مستقل تام بنفسه فتعذر أن يجعل تنجيزا فصار تعليقا ا هـ . والله أعلم بالصواب وإليه المرجع ، والمآب . قدم الشرط فقال : إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة لا بل ثلاثا