( قوله طلاق بائن ) أي بالخلع الشرعي أما الخلع فقوله عليه الصلاة والسلام الخلع تطليقة بائنة ، ولأنه يحتمل الطلاق حتى صار من الكنايات ، والواقع بالكناية بائن ، وفي الخلاصة ، ولو قضى بكون الخلع فسخا قيل ينفذ ، وقيل لا . ا هـ . الواقع به ، وبالطلاق على مال
والظاهر الأول لأنه قضى في فصل مجتهد فيه ، ومذهبنا قول الجمهور ، ومن العلماء [ ص: 78 ] من قال بعدم مشروعيته أصلا ، ومنهم من قيده بما إذا كرهته ، وخاف أن لا يوفيها حقها ، وأن لا توفيه ، ومنهم من قال لا يجوز إلا بإذن السلطان ، وقالت الحنابلة لا يقع به طلاق بل هو فسخ بشرط عدم نية الطلاق فلا ينقص العدد ، وقال قوم وقع به رجعي فإن راجعها رد البدل الذي أخذه ، وتمامه في فتح القدير أطلقه فشمل ما إذا كان بغير عوض أيضا ، وما إذا وقع بلفظ الخلع أو البيع أو المباراة ، وما إذا لم ينو الطلاق به ، ولكن بشرط ذكر العوض حتى لو قال لم أعن الطلاق مع ذكره لا يصدق قضاء ، ويصدق ديانة لأن الله تعالى عالم بما في سره لكن لا يسع المرأة أن تقيم معه لأنها كالقاضي لا تعرف منه إلا الظاهر كذا في المبسوط ، وحال مذاكرة الطلاق كالنية كذا في الخانية ، وفي البزازية فالقول له إلى أن قال ، والفتوى على صحة دعوى المغير والمبطل إلا إذا ظهر ما ذكرنا من التزام البدل أو قبضه أو نحوه ادعى الاستثناء ، وقال قبضت ما قبضت منك بحق لي عليك ، وقالت بل لبدل الخلع فالقول له لأنه أنكر وجوب البدل عليها ، وأقر أن له عليها مالا واحدا لا مالين ، والمرأة مقرة أن له عليها مالا آخر فيكون القول له بخلاف ما إذا لم يدع الاستثناء لأنه يدعي عليها بدل الخلع ، وهي تنكر فالقول لها ا هـ . ادعى الاستثناء أو الشرط في الخلع ، وكذبته فيه
وأما إذا لم يذكر العوض فهو من الكنايات فيتوقف على النية أو مذاكرة الطلاق إن كان بلفظ الخلع أو المباراة ، وإن كان بلفظ البيع كبعت نفسك أو طلاقك فلا لأنه خلاف الظاهر ، وقد أفاد بوقوع البائن حكمه ، وسيأتي بيان صفته أنه يمين من جانبه معاوضة من جانبها فلا يصح رجوعه عنه ، ولا يبطل بقيامه عن المجلس ، وصح مضافا منه ، وانعكست الأحكام في حقها لو بدأت كما سيأتي ، ولم يذكر لأن شرطه شرط الطلاق ، ولكن لا بد من القبول منها حيث كان على مال أو كان بلفظ خالعتك أو اختلعي ، ولذا قال في المحيط لو شرطه تطلق ، ويسقط المهر لأن قول اختلعي أمر بالطلاق بلفظ الخلع ، والمرأة تملك الطلاق بأمر الزوج فصار بمنزلة ما لو قال لها اختلعي فقالت اختلعت بخلاف قوله اشتري نفسك مني فقالت اشتريت لا تطلق ما لم يقل الزوج بعت لأنه أمر بالخلع الذي هو معاوضة لأن الشراء معاوضة فلا يصح الأمر إذا لم يكن البدل مذكورا معلوما ، وأما إذا ذكر مالا جهولا بأن قال اخلعي نفسك بمال فقالت اختلعت نفسي بألف درهم لا يتم الخلع ، ولا تطلق حتى يقول الزوج خلعت لأنه لم يصح تفويض الخلع إليها لأنه إذا ذكر المال كان خلعا حقيقة . قال لها طلقي نفسك طلاقا بائنا
والخلع لا يصح إلا بتسمية البدل ، والبدل هاهنا مجهول فلم يصح ، وإن ذكر مالا معلوما بأن قال اخلعي نفسك بألف درهم فقالت اختلعت بألف درهم ، ولم يقل الزوج خلعت أو قالت المرأة خالعني بألف درهم فقال الزوج خالعت ، ولم تقل [ ص: 79 ] المرأة قبلت تم الخلع في رواية ، ولم يتم في أخرى ، والكتابة والصلح عن دم العمد على الروايتين ، وكذا لو قال اشتري ثلاث تطليقات بكذا فقالت اشتريت بخلاف النكاح وفي النوادر ، ولو لا يتم الخلع ما لم يقل الزوج بعت ، وهو الصحيح إلا إذا أراد به التحقيق دون المساومة لأنه لم يوجد الأمر بالخلع ، والخلع معاوضة فلا يتم بركن واحد . ا هـ . قال لها اشتريت مني ثلاث تطليقات بكذا فقالت اشتريت
وفي جامع الفصولين كل طلاق وقع بشرط ليس بمال فهو رجعي ، وفيه أن القبول في المعلق إنما يكون بعد وجود الشرط ، وفي الكافي القبول في المضاف إنما يكون بعد وجود الوقت ، ولا يصح القبول قبله لأن الإيجاب معلق بالشرط ، والمعلق بالشرط عدم قبل الشرط فلا يصح القبول قبل الإيجاب . ا هـ .
وفي التجنيس ما يفيد صحة القبول في المعلق قبل وجود الشرط فإنه قال لو صح الخلع ، وفي الوجيز كما في الكافي ، وأقول : لو قيل بصحة القبول في المضاف قبل وجود الوقت لانعقاده سببا للحال عندنا ، وبعدم صحته في المعلق قبل وجود الشرط لعدم انعقاده سببا للحال لكان حسنا لتخريجه على الأصول ، وفي المجتبى باع طلاقها منها بمهرها فهو براءة من المهر ، والطلاق رجعي ، ويشترط في قبولها علمها بمعناه . قال إن دخلت الدار فقد خلعتك على ألف فتراضيا عليه ففعلت
فلو فالصحيح أنه لا يصح الخلع ما لم تعلم المرأة ذلك لأنه معاوضة كالبيع بخلاف الطلاق والعتاق ، والتدبير لأنه إسقاط محض ، والإسقاط يصح مع الجهل كذا في المحيط ، وقولها فعلت في جواب قوله خلعت نفسك مني بكذا ليس بقبول على الصحيح المختار إلا إذا أراد به التحقيق ، ولو قال لها اختلعي نفسك بكذا ثم لقنها بالعربية حتى قالت اختلعت ، وهي لا تعلم بذلك صار كقوله خلعتك لأن هذا يحتمل أن يكون جوابا فيجعل جوابا لها ، وهو المختار كما في الخانية ، ولو قال بعت منك طلاقك بمهرك فقالت طلقت نفسي بانت منه بمهرها بمنزلة قولها اشتريت لأنه يصح جوابا ، ويصح ابتداء فيجعل جوابا لها ، وقيل يقع رجعيا ، والأول أصح ، ولو قال لها اخلعي نفسك فقالت قد طلقت لزمها المال إلا أن ينوي بغير مال ، ولو قال بعت منك تطليقة فقالت اشتريت يقع الطلاق رجعيا مجانا لأنه صريح ، ولو قال لها بعت نفسك منك فقالت اشتريت يقع الطلاق بائنا لأن هذا كناية ، وهي بائنة ، ولو قالت لزوجها اخلعني على ألف درهم فقال الزوج مجيبا لها أنت طالق إن اختارت نفسها في المجلس وقع الطلاق ، ولزمها المال لأنه ملكها الطلاق بالمال فإذا اختارت فقد تملكت ، ولو قال لها بعت منك أمرك بألف درهم فالقبول إليها بعد التزوج فإن قبلت بعد التزوج طلاقها أو طلقتها يقع ، وإن قبلت قبله لا يقع لأن هذا الكلام من الزوج خلع بعد التزوج فيشترط القبول بعده . قال لامرأته كل امرأة أتزوجها فقد بعت طلاقها منك بدرهم ثم تزوج امرأة
ولو قالت المرأة بعت منك مهري ، ونفقة عدتي فقال اشتريت فالظاهر أنها لا تطلق لأن الزوج ما باع نفسها ، ولا طلاقها منها إنما اشترى مهرها ، وهذا لا يكون طلاقا لكن الأحوط أن يجدد النكاح كذا في المحيط ، وفي القنية في باب المعقود للمسائل التي لم يوجد فيها رواية ، ولا جواب شاف [ ص: 80 ] للمتأخرين آخرها يقع بائنا للمقابلة في المال كمسألة الزيادات أنت طالق اليوم رجعيا ، وغدا أخرى بألف فالألف مقابل بهما ، وهما بائنتان أم رجعيا ، وهل يبرأ الزوج لوجود الشرط صورة أو لا يبرأ ا هـ . قالت لزوجها أبرأتك من المهر بشرط الطلاق الرجعي فقال لها أنت طالق طلاقا رجعيا
وفي الذخيرة أنت طالق الساعة واحدة ، وغدا أخرى بألف درهم فقبلت وقعت واحدة في الحال بنصف الألف ، وأخرى غدا بغير شيء ، وإن تزوجها قبل مجيء الغد ثم جاء الغد تقع أخرى بخمسمائة أنت طالق الساعة واحدة أملك الرجعة ، وغدا أخرى بألف فقبلت وقعت واحدة للحال بغير شيء ، وفي الغد أخرى بالألف ، ولو وقع للحال واحدة بائنة بغير شيء ، وغدا أخرى بالألف ، ولو قال أنت طالق واحدة ، وأنت طالق أخرى بألف فقبلت وقعتا بألف ، ولو قال أنت طالق الساعة واحدة أملك الرجعة ، وغدا أخرى أملك الرجعة بألف فقبلت انصرف البدل إليهما ، وكذا لو قال أنت طالق الساعة ثلاثا ، وغدا أخرى بائنة بألف أو أنت طالق الساعة واحدة بغير شيء ، وغدا أخرى بغير شيء بالألف فالبدل ينصرف إليهما ا هـ . قال أنت طالق اليوم بائنة ، وغدا أخرى بألف