( قوله وصح خيار الشرط لها لا له ) لما قدمنا أنه معاوضة من جهتها ، ويمين من جهته ، ولذا صح رجوعها قبل القبول ، ولا تصح إضافتها ، وتعليقها بالشرط ، ولا يتوقف على ما وراء المجلس ، وانعكست الأحكام من جانبه ، وهما منعاه من جانبها أيضا نظرا إلى جانب اليمين ، والحق ما قاله رضي الله تعالى عنه أطلقه فشمل الخلع والطلاق على مال ، ويتفرع على هذا الأصل مسائل منها ما لو الإمام بطل الخيار ، ووقع الطلاق ، ومنها ما لو قال أنت طالق على ألف على أني بالخيار ثلاثة أيام فقبلت إن ردت الطلاق في الأيام الثلاثة بطل الطلاق ، وإن اختارت الطلاق في الأيام الثلاثة وقع ، ووجب الألف له ، وعندهما الطلاق واقع في الوجهين ، والمال لازم عليها ، والخيار باطل في الوجهين كذا في الكافي ، وغيره ، وفي فتاوى قال أنت طالق على ألف على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت قاضي خان من باب الإكراه لو يقع الطلاق ، ولها الخيار في قول قال لامرأته أنت طالق على ألف على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت . ا هـ . أبي حنيفة
وهو مشكل ، والظاهر أنه سبق قلم فإن الطلاق لا يقع قبل إسقاط الخيار إما بالرضا أو بمضي المدة لا أنه وقع ثم يرتفع بالفسخ بالخيار ، ولذا قال في البدائع إن أبا يوسف يقولان في مسألة الخيار إن الخيار إنما شرع للفسخ ، والخلع لا يحتمل الفسخ ، وجواب ومحمدا عن هذا أن محل الخيار في منع انعقاد العقد في حق الحكم على أصل أصحابنا فلم يكن العقد منعقدا في حق الحكم للحال بل موقوف إلى وقت سقوط الخيار فحينئذ يعمل على ما عرف في البيوع ا هـ . أبي حنيفة
فإن قلت هل يصح اشتراط الخيار لها بعد الخلع قلت لم أره صريحا ، ومقتضى جعله كالبيع أن يصح لأن شرط الخيار اللاحق بعد البيع كالمقارن مع أن فيه إشكالا لأن الطلاق وقع حيث كان بلا شرط فكيف يرتفع بعد وقوعه ، وأطلق في المدة فشمل اشتراطه لها أكثر من ثلاثة عنده ، والفرق بينه وبين البيع أن اشتراطه في البيع على خلاف القياس لأنه من التمليكات فيقتصر على مورد النص ، وفي الخلع على وفقه لأنه من الإسقاطات ، والمال وإن كان مقصودا فيه بالنظر إلى العاقد لكنه تابع في الثبوت في الطلاق الذي هو مقصود العقد كما أن الثمن تابع في البيع ، وبالنظر إلى المقصود يلزم أن لا يتقدر بالثلاث كذا في الكشف من آخر بحث الهزل فعلى هذا إذا قدرا وقتا ، ومضى بطل الخيار سواء كان ثلاثة أو أكثر ، ووقع الطلاق ، ولزم المال ، وإذا أطلقا ينبغي أن يكون لها الخيار في مجلسها [ ص: 93 ] فقط فإن قامت منه بطل استنباطا مما إذا أطلقا في البيع لما أن له شبه البيع ، وذكر الشارح أن جانب العبد في العتاق مثل جانب المرأة في الطلاق حتى صح اشتراط الخيار له دون المولى ثم اعلم أنهم نقلوا هنا أنه لا يصح تعليقها للخلع لكونه معاوضة من جهتها ، وقد ذكر للإمام الحاكم في الكافي أنها لو فإن قبل في المجلس فله الألف . قالت إن طلقتني ثلاثا فلك علي ألف درهم
وإن قبل بعده فلا شيء له ، وعزاه إليه في فتح القدير ، ولم يتعقبه مع أنه تعليق منها له بصريح الشرط ، وظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين أن يعلق القبول أو الإيجاب ، وفي البزازية خالعها ، وقالت إن لم أؤد البدل إلى أربعة أيام فالخلع باطل فمضت المدة ، ولم تؤد فهذه بمنزلة شرط الخيار في الخلع ، وأنه على الخلاف إذا كان من جانبها ا هـ .
يعني : إذا مضت المدة قبل الأداء بطل الخلع ، وإن أدت في المدة وقع كمسألة خيار العقد في البيع ، واستفيد منه أن الخيار لا يتقيد بالثلاث كما قدمناه صريحا ، وقيد بخيار الشرط لأن خيار الرؤية لا يثبت في الخلع ، ولا في كل عقد لا يحتمل الفسخ كما ذكره العمادي في فصوله ، وأما فثابت في العيب الفاحش دون اليسير ، والفاحش ما يخرجه من الجودة إلى الوساطة ، ومن الوساطة إلى الرداءة . ا هـ . خيار العيب في بدل الخلع
وفي جامع الفصولين الأصل أن من له الرجوع عن خطابه قولا يبطل خطابه بقيامه ، ومن لا رجوع له لا يبطل بقيامه ثم قال : والحاصل أن الخلع من جانبه يبطل بقيامها لا بقيامه ، ومن جانبها يبطل بقيام كل منهما . ا هـ .
[ ص: 92 ]