( باب ) . الظهار
هو في اللغة مصدر ظاهر امرأته إذا كذا في الصحاح والمغرب ، وفي المصباح قيل إنما خص ذلك بذكر الظهر ; لأن الظهر من الدابة موضع الركوب والمرأة مركوبة وقت الغشيان فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ثم شبه ركوب الزوجة بركوب الأم الذي هو ممتنع وهو استعارة لطيفة فكأنه قال : ركوبك للنكاح حرام علي وكان الظهار طلاقا في الجاهلية فنهوا عن الطلاق بلفظ الجاهلية وأوجب عليهم الكفارة تغليظا في النهي ا هـ . قال لها أنت علي كظهر أمي
والمذكور في كتب الشافعية أنه كان طلاقا في الجاهلية يوجب حرمة مؤبدة لا رجعة فيه ، وفي الشريعة ما ذكره بقوله ( هو تشبيه المنكوحة بمحرمة عليه على التأبيد ) أراد بالمنكوحة ما يصح إضافة الطلاق إليه من الزوجة وهو أن يشبهها أو عضوا منها يعبر به عنها أو جزءا شائعا منها لما سيأتي وأراد بالمشبه به عضوا يحرم إليه النظر من عضو محرمة عليه على التأبيد لما سنذكره أيضا ، وأراد بالزوج المسلم ; لأنه لا ظهار للذمي عندنا وأطلقه فشمل السكران والمكره والأخرس بإشارته كما في التتارخانية وقيد بالمنكوحة احترازا عن الأمة والأجنبية على ما سيصرح به ولم يقيدها بشيء ليشمل المدخولة وغيرها الكبيرة والصغيرة الرتقاء وغيرها العاقلة والمجنونة المسلمة والكتابية وقيد بالتأبيد ; لأنه لو شبهها بأخت امرأته لا يكون مظاهرا ; لأن حرمتها مؤقتة بكون امرأته في عصمته .
وكذا المطلقة ثلاثا وأطلق الحرمة فشمل الحرمة نسبا وصهرية ورضاعا وأراد بالتأبيد تأبيد الحرمة باعتبار وصف لا يمكن زواله باعتبار وصف يمكن زواله فإن المجوسية محرمة على التأبيد ، ولو قال كظهر مجوسية لا يكون ظهارا ذكره في جوامع الفقه ; لأن التأبيد باعتبار دوام الوصف وهو غير لازم لجواز إسلامها بخلاف الأمية والأختية وغيرهما كذا في فتح القدير والتحقيق أن حرمة المجوسية ليست بمؤبدة بل هي مؤقتة بإسلامها أو بصيرورتها كتابية فلا حاجة إلى ما ذكره كما لا يخفى ، ولذا علل في المحيط بأنها ليست بمحرمة على التأبيد وضم إلى المجوسية المرتدة وشمل كلامه التشبيه الصريح والضمني فدخل ما لو فإنه يكون مظاهرا ولو بعد موتها وبعد التكفير باعتبار تضمن قوله لها أنت علي كظهر أمي فالتشبيه فيها باعتبار خصوص وجه الشبه المراد لا باعتبار نفس التشبيه بها . ظاهر من امرأته ثم قال للأخرى : أنت علي مثل هذه ينوي الظهار
وكذا لو كانت صح ولو كان بعد موتها ، وكذا لو امرأة رجل آخر ظاهر زوجها منها فقال : أنت علي مثل فلانة ينوي ذلك فالحاصل أن حقيقة ظاهر من امرأته ثم قال لأخرى : أشركتك في ظهارها تشبيه الزوجة أو جزء شائع منها أو ما يعبر به عن الكل بما لا يحل النظر إليه من المحرمة على التأبيد كذا قالوا ، ولو قالوا من محرم دون محرمة صفة لشخص المتناول للذكر والأنثى [ ص: 103 ] لكان أولى ; لأنه لو الظهار الشرعي كان مظاهرا ; إذ فرجهما في الحرمة كفرج أمه كذا في المحيط وينبغي عدم التقييد بالأب والقريب ; لأن فرج الرجل الأجنبي محرم على التأبيد أيضا وأشار بقوله بمحرمة إلى أن المشبه الرجل ; لأنه لو كان قال : أنت علي كفرج أبي أو قريبي فالصحيح كما في المحيط أنه ليس بشيء فلا حرمة ولا كفارة ومنهم من أوجب عليها الكفارة ثم اختلفوا هل هي كفارة يمين أو ظهار ورجح امرأة بأن قالت : أنت علي كظهر أمي أو أنا عليك كظهر أمك ابن الشحنة أنها كفارة يمين وذكر تفريعا على القول بوجوب الكفارة أنها تجب بالحنث إن كانت كفارة يمين وإن كانت كفارة ظهار فإن كان تعليقا يجب متى تزوجت به وإن كانت في نكاحه تجب للحال ما لم يطلقها ; لأنه لا يحل لها العزم على منعه من الجماع . ا هـ . . ابن وهبان