( باب العدة ) .
لما ترتبت في الوجود على الفرقة بجميع أنواعها أوردها عقيب الكل وهي لغة الإحصاء عددت الشيء أحصيته إحصاء ، وفي شرح المجمع للمصنف العدة مصدر عد الشيء يعده { وسئل عليه السلام متى تكون القيامة قال إذا تكاملت العدتان } أي : عدة أهل الجنة وعدة أهل النار أي : عددهم وسمي زمان التربص عدة ; لأنها تعده ويقال على المعدود ، وفي الدر النثير أي : إذا تكاملت عند الله برجوعهم إليه ، وفي المصباح وعدة المرأة قيل أيام أقرائها مأخوذ من العد والحساب وقيل تربصها المدة الواجبة عليها والجمع عدد مثل سدرة وسدر وقوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } قال النحاة اللام بمعنى في أي : في عدتهن ا هـ .
وفي الشريعة ما ذكره بقوله ( هي تربص يلزم المرأة عند زوال النكاح أو شبهته ) أي : لزوم انتظار انقضاء مدة والتربص التثبت والانتظار قال الله تعالى { فتربصوا به حتى حين } وقال تعالى { ويتربص بكم الدوائر } وقال تعالى { فتربصوا إنا معكم متربصون } كذا في البدائع وإنما قدرنا اللزوم ; لأن التربص فعلها وقد قالوا إن ركنها حرمات أي : لزومات كحرمة تزوجها على الغير ونقلوا عن أن الشافعي التربص عنده وفرعوا على الاختلاف تداخل العدتين فعندنا يتداخلان خلافا له وانقضاؤه بدون علمها عندنا خلافا له ، وهذا أولى مما في البدائع من جعلها في الشرع عندنا اسما لأجل ضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح وعند ركنها اسما لفعل التربص ; لأنه على هذا التقدير يكون ركنها نفس الأجل وقد صرحوا بخلافه إلا أنه لو صح اندفع الإشكال الوارد على عدة الصغيرة ; إذ ليس في العدة وجوب شيء بل هي مجرد انقضاء الأجل . الشافعي
والثابت في هذه المدة عدم صحة التزوج لا خطاب أحد بل وضع الشارع عدم الصحة لو فعل ويرد على ما في الكتاب ; إذ لا لزوم في حقها ولا تربص واجب وأجيب بأنها ليست هي المخاطبة بل الولي هو المخاطب بأن لا يزوجها حتى تنقضي مدة العدة ولهذا لم يطلق أكثر المشايخ لفظ الوجوب على عدة الصغيرة لعدم خطابها وإنما يقولون تعتد وقيد بقوله يلزم المرأة ; لأن ما يلزم الرجل من التربص عن التزوج إلى مضي عدة امرأته في نكاح أختها ونحوه لا يسمى عدة اصطلاحا لاختصاصه بتربصها وإن وجد معنى العدة فيه ويجوز إطلاق العدة عليه شرعا كما أفهمه ما في فتح القدير فعلى هذا ما في الكتاب معناها الاصطلاحي ، وأما في الشريعة فهي تربص يلزم المرأة أو الرجل عند وجود سببه وقد ضبط الفقيه عدة الصغيرة رحمه الله في خزانة الفقه أبو الليث في عشرين موضعا نكاح أخت امرأته وعمتها وخالتها وبنت أختها وبنت أخيها [ ص: 139 ] والخامسة وإدخال الأمة على الحرة ونكاح أخت الموطوءة في نكاح فاسد أو في شبهة عقد ونكاح الرابعة كذلك ونكاح المعتدة للأجنبي المواضع التي يمتنع الإنسان من الوطء فيها حتى تمضي مدة ونكاح المطلقة ثلاثا ووطء الأمة المشتراة والحامل من الزنا إذا تزوجها والمسبية لا توطأ حتى تحيض أو يمضي شهران كانت لا تحيض لصغر أو كبر ونكاح المكاتبة ووطؤها لمولاها حتى تعتق أو تعجز نفسها والحربية إذا أسلمت في دار الحرب وهاجرت إلينا وكانت حاملا فتزوجها رجل لا يجوز حتى تسلم ودخل تحت شبهة النكاح الفاسد ونكاح الوثنية والمرتدة والمجوسية ولكن خرج عن التعريف ومن زفت إليه غير امرأته فوطئها فإنها واجبة عندنا مع أنها لم تكن عند زوال النكاح أو شبهته هذا ما أوردته قبل الاطلاع على الاصطلاح ثم رأيته عرفها فيه بما يدخل عدة أم الولد فقال هي اسم لأجل ضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح أو الفراش وقال في إيضاح الإصلاح لا بد منه لتنتظم عدة أم الولد ا هـ . عدة أم الولد إذا مات مولاها أو أعتقها
وفي بعض النسخ أو شبهه بإضافة الشبه إلى ضمير النكاح وعلى النسخة الأولى بإضافة الشبهة إليه فعلى النسخة الثانية تدخل عدة أم الولد ; لأنها تربص يلزمها عند زوال شبه النكاح لما أن لها فراشا كالحرة وإن كان أضعف من فراشها وقد زال بالعتق ولكن لا يدخل من وقلن امرأتك إلا على النسخة الأولى وعليها فينبغي أن يقال قوله أو شبهته معطوف على الزوال لا على النكاح ; لأنه لو عطف عليه لاقتضى أنها لا تجب إلا عند زوال الشبهة وليس كذلك ، وأما زفت إليه غير امرأته فلكل نوع منها سبب فعدة الأقراء لوجوبها أسباب منها الفرقة في النكاح الصحيح سواء كانت بطلاق أو بغير طلاق بعد وطء أو خلوة ومنها عدة النكاح الفاسد سببها تفريق القاضي أو المشاركة سبب وجوبها أن تكون بعد الوطء حقيقة ومنها عدة الوطء عن شبهة فسببها الوطء ومنها عدة أم الولد وسببها عتق المولى بإعتاقه أو موته . وشرطها
وأما عدة من لم تحض لصغر أو كبر سببها الطلاق إما الصغر أو الكبر أو عدم الحيض رأسا والثاني الدخول حقيقة أو حكما ، وأما عدة الحمل فسببها الفرقة أو الوفاة كذا في البدائع مختصرا وهو مخالف لما في فتح القدير من أن سبب وجوبها عقد النكاح المتأكد بالتسليم أو ما يجري مجراه من الخلوة والموت ، ولو فاسدا ، وأما الفرقة فشرطها ، فالإضافة في قولهم عدة الطلاق إلى الشرط ا هـ . وشرط وجوبها
والظاهر ما في فتح القدير لعدم صلاحية الطلاق والموت للسببية لما في المصفى كان القياس أن لا تجب العدة بالطلاق والموت ; لأنهما مزيلان للنكاح والشيء إذا زال يزول بجميع آثاره وإنما وجبت بالنص على خلاف القياس ا هـ .
حرمة نكاحها على غيره وحرمة نكاح أختها وأربع سواها كذا قالوا : وينبغي الاقتصار على الثاني ; لأن حرمة نكاحها على غيره من المحرمات التي قدمنا أنها الركن وحكمها حرمة التزين والتطيب خصوصا في المبانة والخروج من المنزل عموما كما سيأتي في الحداد ومحظوراتها حيض وأشهر ووضع حمل لتعرف براءة رحم وللتعبد ولإظهار حزن على زوج وإلى هنا ظهر أن الكلام فيها في عشرة مواضع معناها لغة وشرعا واصطلاحا وركنها وشرطها وسببها وحكمها ومحظوراتها وأنواعها ودليلها . وأنواعها