( قوله وثلاثة أشهر إن لم تحض ) أي : مدة ثلاثة أشهر لقوله تعالى { عدة الحرة إن لم تكن من ذوات الحيض لصغر أو كبر واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر } في حق الآيسة وقوله تعالى { واللائي لم يحضن } في حق الصغيرة ومن بلغت بالسن ولم تحض وشمل قوله إن لم تحض أيضا البالغة إذا لم تر دما أو رأت وانقطع قبل التمام ومن بلغت مستحاضة والمستحاضة التي نسيت عادتها وهو مما يلغز به فيقال شابة ترى ما يصلح حيضا في كل شهر وعدتها بالأشهر لكن في التحقيق لما نسيت عادتها جاز كونها أول كل شهر وآخره فإذا قدرت بثلاثة أشهر علم أنها حاضت ثلاث حيض بيقين بخلاف ما لم تنس فإنها ترد إلى أيام عادتها فجاز كون عدتها أول الشهر فتخرج من العدة بخمسة أو ستة من الثالث ، وفي فتح القدير أخذا من الزيلعي في الحيض واعلم أن إطلاقهم الانقضاء بثلاثة أشهر في المستحاضة الناسية لعادتها لا يصح إلا فيما إذا طلقها أول الشهر أما إذا فينبغي أن يعتبر ثلاثة أشهر غير باقي هذا الشهر ا هـ . طلقها بعدما مضى من الشهر قدر ما يصلح حيضة
اعلم أن ما ذكره في فتح القدير أن تقدير عدتها بثلاثة أشهر قول المرغيناني وذكر هو في الحيض اختلافا قال والفتوى على قول الحاكم من أن طهرها مقدر بشهرين فعلى هذا لا بد من ستة أشهر للأطهار وثلاث حيض بشهر احتياطا والمراد بالصغيرة من لم تبلغ سن الحيض والمختار المصحح أنه تسع وعن الإمام الفضلي أنها إذا فإن ظهر حبلها اعتدت بالوضع وإن لم يظهر فبالأشهر ا هـ . كانت مراهقة لا تنقضي عدتها بالأشهر بل يوقف حالها حتى يظهر هل حبلت من ذلك الوطء أم لا
وفي فتح القدير ويعتد بزمن التوقف من عدتها ; لأنه كان ليظهر حبلها [ ص: 142 ] فإذا لم يظهر كان من عدتها ا هـ .
وفي التتارخانية قال ليست هي آيسة وقال امرأة رأت الدم وهي بنت ثلاثين سنة مثلا رأت يوما دما لا غير ثم طلقها زوجها أبو جعفر تعتد بالشهور ; لأنها من اللائي لم يحضن وبه نأخذ ا هـ .
وفي الصغرى بالإجماع إنما الخلاف بين واعتبار الشهور في العدة بالأيام دون الأهلة وصاحبيه في الإجارة ا هـ . أبي حنيفة
وفي المجتبى جعله على الخلاف كالإجارة والدين وإنما تعتبر بالأيام إجماعا مدة العنين ، وفي التتارخانية فعدتها بالأشهر ا هـ . امرأة بلغت فرأت يوما دما ثم انقطع عنها الدم حتى مضت سنة ثم طلقها زوجها
وخرج بقوله إن لم تحض الشابة الممتد طهرها فلا تعتد بالأشهر وصورتها إذا فعدتها بالحيض إلى أن تبلغ إلى حد الإياس وهو خمس وخمسون سنة في المختار كذا في البزازية ومن الغريب ما في البزازية قال العلامة والفتوى في زماننا على قول رأت ثلاثة أيام وانقطع ومضى سنة أو أكثر ثم طلقت في مالك ا هـ . عدة الآيسة
ولو نفذ كما في جامع الفصولين ونقل في المجمع أن قضى قاض بانقضاء عدة الممتد طهرها بعد مضي تسعة أشهر يقول إن عدتها تنقضي بمضي حول وفي شرح المنظومة أن مالكا تنقضي بتسعة أشهر كما في الذخيرة معزيا إلى حيض منهاج الشريعة ، ونقل مثله عن عدة الممتد طهرها قال وهذه المسألة يجب حفظها ; لأنها كثيرة الوقوع وذكر ابن عمر الزاهدي وقد كان بعض أصحابنا يفتون بقول في هذه المسألة للضرورة خصوصا الإمام والدي ا هـ . مالك
قلت : لكنه مخالف لجميع الروايات فلا يفتى به نعم لو قضى مالكي به نفذ ، وفي فتح القدير ثم أكثر المشايخ لا يطلقون لفظ الوجوب على هذه الصغيرة ; لأنها غير مخاطبة بل يقولون تعتد ، وفي المبسوط قال بعض علمائنا : هي لا تخاطب بالاعتداد لكن الولي يخاطب بأن لا يزوجها حتى تنقضي مدة العدة مع أن العدة مجرد مضي المدة فثبوتها في حقها لا يؤدي إلى توجيه خطاب الشرع عليها ولا يخفى أن القائل الأول قوله مبني على أنه يراها الحرمات أو التربص الواجب فإن قلت على تقدير كونها مضي المدة أليس أن فيها يجب أن لا تتزوج فلا بد أن يتعلق خطاب نهي التزوج بالولي فجعلها المدة كما قال شمس الأئمة لا يستلزم انتفاء قول الأول ويخاطب الولي بأن لا يزوجها فالجواب لا يلزم فإنا إذا قلنا : إنها المدة فالثابت فيها عدم صحة التزوج لا خطاب أحد بل وضع الشارع عدم الصحة لو فعل ا هـ .
والحاصل أن الصغيرة أهل لخطاب الوضع ، وهذا منه كما خوطب الصغير والصغيرة بضمان المتلفات ، ولو تستأنف العدة بالحيض ، ولو حاضت الصغيرة في الأشهر الثلاثة استأنفت بالشهور تحرزا عن الجمع بين الأصل والخلف وقد فسر حاضت الكبيرة حيضة ثم أيست القاضي قوله تعالى { إن ارتبتم } شككتم وجهلتم ا هـ .
وإذا كان هذا مع الارتياب ففي غيره بالأولى كذا في غاية البيان ، وفي الفخر الرازي إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ الإياس أهو دم حيض أو استحاضة وروي أن { رضي الله عنه قال يا رسول الله قد عرفنا عدة التي تحيض فما عدة التي لم تحض فنزلت { معاذ بن جبل واللائي يئسن } فقام رجل فقال ما عدة الصغيرة فنزل { واللائي لم يحضن } أي : هي بمنزلة الكبيرة فقام آخر فقال ما عدة الحوامل فنزل { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } } ا هـ .
وذكر في الدر المنثور للأسيوطي أن [ ص: 143 ] السائل عن المسائل الثلاث أعني عن الكبرى والصغرى والحامل رضي الله عنه وأخرج عن أبي بن كعب في قوله تعالى { مجاهد إن ارتبتم } إن لم تعلموا الحيض أم لا فإن قلت لم لم يكتف بقوله { واللائي لم يحضن } عما قبلها قلت الآيسة يصدق عليها أنها حاضت فلم تدخل تحت قوله { واللائي لم يحضن } ; لأن المعنى لا حيض لهن أصلا إما للصغر أو بلغت ولم تحض فلذا أفردها .