( قوله ) لقوله تعالى { ولا تخرج معتدة الطلاق لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } أي : لا تخرجوا المعتدات من المساكن التي كنتم تسكنون فيها قبل الطلاق ، فإن كانت المساكن عارية فارتجعت من الساكن كان على الأزواج أن يعينوا مساكن أخرى بطريق الشراء أو الكراء وعلى الزوجات أيضا أن لا يخرجن حقا لله تعالى إلا لضرورة ظاهرة ، فإن خرجن ليلا أو نهارا كان حراما وقال رضي الله عنهما الفاحشة الزنا فيخرجن لإقامة الحد وبه قال الأكثرون وقال ابن عباس رضي الله عنهما خروجها قبل انقضاء العدة . ابن عمر
وقال بعضهم : العصيان الظاهر وهو النشوز عن المجاورة وجمع بين النهي عن الإخراج والخروج ; لأن الإخراج إخراج الزوج لها غصبا وكراهة أو حاجة إلى المسكن وأن لا يأذن لها في الخروج إذا طلبت والخروج خروجهن بأنفسهن إذا أردن ذلك وقرئ { مبينة } بالكسر والفتح وتمامه في التفسير الكبير وأخذ بتفسير أبو حنيفة رضي الله عنهما كذا ذكره ابن عمر الإسبيجابي وذكر في الجوهرة أن أصحابنا قالوا : الصحيح تفسيرها بالزنا كما فسره رضي الله عنه أطلقه فشمل الرجعي والبائن بنوعيه والمراد معتدة الفرقة سواء كانت بطلاق أو بغيره ولو كانت بمعصية كتقبيلها ابن الزوج كما في البدائع وما إذا ابن مسعود حتى إن المطلقة رجعيا وإن كانت منكوحة حكما لا تخرج من بيت العدة ، ولو أذن الزوج بخلاف ما قبل الطلاق ; لأن الحرمة بعده للعدة وهي حق الله تعالى فلا يملكان إبطاله بخلاف ما قبله ; لأن الحرمة لحق الزوج فيملك إبطاله بالإذن . خرجت بإذن المطلق وبغير إذنه
وسيأتي أنها تخرج حالة الضرورة كما إذا أخرجت أو انهدم البيت فهو مقيد بحالة الاختيار ولا بد من تقييدها بالحرية والتكليف ; لأن الأمة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة والمستسعاة يجوز لها الخروج في عدة الطلاق والوفاة ; لأن حالة العدة مبنية على حال النكاح ولا يلزمها المقام في منزل زوجها حال النكاح فكذا بعده ولأن الخدمة حق المولى فلا يجوز إبطاله إلا إذا بوأها منزلا فحينئذ لا تخرج وله الرجوع ، ولو بوأها في النكاح ثم طلقت فللزوج منعها من الخروج حتى يطلبها المولى ، وأما الصغيرة والمجنونة فلا يتعلق بهما شيء من أحكام التكليف كما قدمناه في الحداد ولكن للزوج أن يمنع المجنونة تحصينا لمائه من الخروج ويمنع الصغيرة إذا كانت مطلقة رجعيا كما في البدائع ، وفي [ ص: 166 ] المعراج وشرح النقاية المراهقة كالبالغة في المنع من الخروج وكالكتابية في عدم وجوب الإحداد ، وأما الكتابية فلا يحرم عليها الخروج ; لأنها غير مخاطبة بحق الشرع إلا إن منعها الزوج صيانة لمائه ، وكذا إذا كذا في البدائع ، وفي الظهيرية أسلم زوج المجنونة وأبت الإسلام بخلاف المسلمة فإنها لا تخرج لا بإذن الزوج ولا بعدم الإذن ا هـ . الكتابية لا تخرج إلا بإذن الزوج
وبين العبارتين فرق للمتأمل وقيد بمعتدة الطلاق ; لأن معتدة الوطء لا يحرم عليها الخروج كالمعتدة عن عتق كأم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها والمعتدة عن نكاح فاسد أو وطء بشبهة ; لأنه لا يفيد المنع عن الخروج قبل التفريق فكذا في عدته إلا إن منعها الزوج لتحصين مائه فله ذلك كذا في البدائع وينبغي أن يلحق به أم الولد إذا أعتقها سيدها فله منعها لتحصين مائه ، فإن أعتقت الأمة في العدة أو أسلمت الكتابية حرم الخروج كما في البدائع وينبغي أن يكون كذلك في الصغيرة إذا بلغت والمجنونة إذا أفاقت ، وفي الظهيرية وسائر وجوه الفرق التي توجب العدة من النكاح الصحيح والفاسد سواء يعني في حق حرمة الخروج من بيتها في العدة فهذا تنصيص على أن المنكوحة نكاحا فاسدا تعتد في بيت الزوج وحكي فتوى شمس الإسلام الأوزجندي أنها لا تعتد في منزل الزوج ; لأنه لا ملك له عليها ا هـ .
وفي المجتبى لا تمنع المعتدة عن نكاح فاسد من الخروج ، وفي التتارخانية إذا قبلت ابن زوجها فلا نفقة لها ولها السكنى فلها النفقة لا السكنى وشمل أيضا المنزل المملوك للزوج وغيره حتى لو كان غائبا وهي في دار بأجرة قادرة على دفعها فليس لها أن تخرج بل تدفع وترجع إن كان بإذن الحاكم وشمل خروجها إلى صحن دار فيها منازل لغيره بخلاف ما إذا كانت المنازل له وشمل أيضا المختلعة على نفقة عدتها فالصحيح المختار أنه لا يباح لها الخروج وبه أفتى ، والنصراني إذا طلق النصرانية الصدر الشهيد كما لو ويلزمها أن تكتري بيت الزوج كما في المعراج ، ولو اختلعت على أن لا سكنى لها كان عليها أن تعود إلى منزلها ذلك فتعتد كما في فتح القدير ، وفي المجتبى لو طلقت في غير مسكنها تعود إلى مسكنها بغير تأخير . زارت أهلها والزوج معها أو لا فطلقها