قيد بالموت ; لأن مختلف فيه فجزم في النقاية بسقوطها به كالموت مسويا بينهما ، وكذا في الجوهرة وذكر في الخانية [ ص: 206 ] والظهيرية سقوط النفقة المقضي بها بالطلاق اختلفوا فيه فقال بعضهم لا تسقط ، وقال وكما تسقط المفروضة بموت أحد الزوجين هل تسقط بالطلاق القاضي الإمام أبو علي النسفي وجدت رواية في السقوط وذكر البقالي أن على قول تسقط ولا رواية عن محمد أبي يوسف وذكر شمس الأئمة الحلواني زاد في الخصاف لسقوط النفقة المفروضة سببا آخر فقال تسقط بموته وموتها وتسقط إذا طلقها أو أبانها ا هـ .
هذه عبارتها باللفظ وفي الخلاصة والبزازية وهل تسقط النفقة المفروضة بالطلاق حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي أنها تسقط وفي فتاوى البقالي ذكر الاختلاف بين أبي يوسف ا هـ . ومحمد
وفي الذخيرة لو طلقها الزوج في هذا الوجه يسقط ما اجتمع عليه من النفقات بعد فرض القاضي كذا حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي وكان يقول وجدنا رواية هذه المسألة في كتاب القاضي وبه كان يفتي الصدر الشهيد والشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني وشبهه بالذمي إذا اجتمع عليه خراج رأسه ، ثم أسلم يسقط عنه ما كان اجتمع عليه ووجه التشبيه به أن الذمي إنما كان يؤخذ منه خراج النفس لإصراره على الدين الباطل ، وقد زال ذلك المعنى بالإسلام فتسقط الجزية كذا ها هنا المرأة إنما تستحق النفقة بالوصلة التي كانت بينهما وتلك الوصلة قد انقطعت بالطلاق فأما إذا كانت النفقة مستدانة بأمر القاضي فإنها لا تسقط بالطلاق وهو الصحيح لما ذكرنا أنه كاستدانة الزوج بنفسه ا هـ .
ما في الذخيرة وفي المجتبى ، ولو طلقها الزوج في هذه الوجوه فإنه يسقط ما اجتمع عليه من النفقات بعد فرض القاضي ا هـ .
فقد ظهر من هذا أن الراجح عندهم سقوطها بالطلاق كالموت خصوصا قد أفتى به الشيخان كما في الذخيرة وظاهر كلامهم أنه لا فرق فيه بين الطلاق الرجعي والبائن ; لأنه في عبارة الخانية والظهيرية قد عطف البائن على الطلاق فعلم أن الطلاق رجعي قال العبد الضعيف ينبغي ضعف القول بسقوطها بالطلاق ، ولو بائنا لأمور ، الأول أنهم اتفقوا على أنه يحبس في النفقة المفروضة إذا امتنع من دفعها ، ولو كانت تسقط بالطلاق لأمكنه أن يطلقها فتسقط ثم يراجعها ، الثاني أنهم صرحوا بجواز أخذ الكفيل بالنفقة المفروضة بقدر المدة التي فرضها القاضي مع أن الكفالة لا تصح إلا بدين صحيح قالوا وهو الذي لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء فلو كان دين النفقة يسقط بالطلاق لم يكن صحيحا فلم تصح الكفالة به ولا يضرنا سقوطه بموت أحدهما ; لأنه لعارض أن أصله صلة والصلات تسقط بالموت قبل القبض ، الثالث وهو أقواها ما ذكروه في باب الخلع فإن الكل قد ذكروا أن الطلاق على مال لا يسقط شيئا من حقوق النكاح بخلاف الخلع على مال ولا بأس بذكر عباراتهم قال في البدائع ولا خلاف بينهم في الطلاق على مال أنه لا يبرأ به من سائر الحقوق التي وجبت لها بسبب النكاح ا هـ .
فقد أفاد عدم سقوط النفقة والكسوة المفروضتين بالطلاق على مال ; لأنه صرح بسائر الحقوق وهي ثلاثة المهر والنفقة والكسوة ولا يمكن حمله على المهر فقط ; لأنه يبطل به قوله سائر الحقوق ، وقال قبله ، وأما حكم الخلع فإن كان بغير بدل بأن قال خالعتك ونوى به الطلاق فحكمه أن يقع الطلاق ولا يسقط شيء من المهر والنفقة الماضية وإن كان ببدل إلى آخره فهذا صريح في المسألة أيضا وفي غاية البيان أما إذا كان ففي ظاهر الرواية تقع ; لأن لفظ الطلاق لا يدل على إسقاط الحق الواجب بالنكاح وفي رواية العقد بلفظ الطلاق على مال فهل تقع البراءة عن الحقوق المتعلقة بالنكاح الحسن عن تقع البراءة عنها لإتمام المقصود ا هـ . أبي حنيفة
وظاهره أن الطلاق إذا لم يكن على مال لا يسقط شيئا من الحقوق الواجبة اتفاقا فهذا كله يدل على ضعف الرواية السابقة خصوصا أن مفهوم الكتب حجة ، وقد قيدوا سقوطها بموت أحدهما ، وظاهر ما في الخانية والظهيرية أن الخصاف [ ص: 207 ] زاد الطلاق من عنده وليس له أصل في المذهب فالذي يتعين المصير إليه على كل مفت وقاض اعتماد عدم السقوط خصوصا ما تضمنه القول بالسقوط من الإضرار بالنساء حتى استفتيت وقت تأليف هذا المحل عن ولا يخفى ما في ذلك من الضرر فإن قلت لم لم تعتمد على تصحيح امرأة لها كسوة مفروضة تجمد لها عشر سنين ولم يدفع لها الزوج ، ثم إنها رفعته إلى قاض وحكم عليه بالدفع فاستمهلها يوما ، ثم ذهب إلى قاض رومي وخلعها عنده بغير علمها فحكم له القاضي الحنفي بسقوط الكسوة الماضية الزيلعي بقوله : وكذا لا تسقط بالطلاق في الصحيح لما ذكرنا قلت : لأن كلامه في النفقة المستدانة بأمر القاضي وكلامنا في المفروضة فقط
[ ص: 205 ]