( قوله : كإذا مت فأنت حر وأنت حر يوم أموت ، أو عن دبر مني ، أو دبرتك ) بيان لبعض ألفاظه الصريحة فإنه إثبات العتق عن دبر ، واليوم هنا لمطلق الوقت فيعتق مات المولى ليلا ، أو نهارا لأنه قرن بفعل لا يمتد فإن نوى باليوم النهار دون الليل صحت نيته ; لأنه نوى حقيقة كلامه ، ثم لا يكون مدبرا ; لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة وهو موته بالنهار وربما يموت بالليل فلذا لا يكون مدبرا كذا في المبسوط أي لا يكون مدبرا مطلقا ، وإنما هو مقيد فيعتق بموته نهارا وله بيعه ومثل التعليق بإذا " متى " ، و " إن " والحدث كالموت فلو فهو مدبر ; لأنه تعورف الحدث والحادث في الموت ، وكذا الوفاة والهلاك ; لأن الاعتبار للمعنى وكذا قال إن حدث بي حدث فأنت حر فإنه تعليق العتق بالموت ، و " في " تستعار بمعنى حرف الشرط كما عرف في الأصول ، وقول [ ص: 286 ] أنت حر مع موتي أو في موتي الزيلعي تبعا لما في المحيط إن حرف الظرف إذا دخل على الفعل يصير شرطا تسامح ، وإنما هو بمعناه لأنه لو كان شرطا لطلقت في قوله لأجنبية أنت طالق في نكاحك مع أنها لا تطلق وأفاد بقوله أنت حر يوم أموت أن كل لفظ وقع به العتق للحال إذا أضيف إلى الموت فإنه يوجب التدبير كقوله أعتقتك ، أو أنت عتيق ، أو معتق ، أو محرر بعد موتي ، وفي الخانية والظهيرية قالوا يصير مدبرا ا هـ . : رجل قال لعبده : لا سبيل لأحد عليك بعد موتي
ولم يقيداه بالنية مع أن " لا سبيل لي عليك " كناية لا يعتق بها إلا بالنية لا أن يفرق بين قوله لي وبين قوله لأحد وكذا بعد موتي قرينة لا تتوقف على النية ، وفي الحاوي القدسي لو ا هـ . قال أعتقوه بعد موتي فهو مدبر
وقيد بكون السيد واحدا ; لأنه لو كان بين اثنين فقالا إذا متنا فأنت حر لم يصر بذلك مدبرا ولهما أن يبيعاه فإذا مات أحدهما صار مدبرا من قبل الثاني وصار حكمه حكم عبد بين رجلين دبره أحدهما ، ولو كان كل واحد منهما قال : إذا مت فأنت حر ، أو دبرتك أو دبرت نصيبي منك وخرج القولان منهما جميعا صار مدبرا بينهما فلا يجوز بيعه وأيهما مات عتق نصيبه وسعى العبد للآخر في قيمة نصيبه منه وكان ولاؤه بينهما كذا في الحاوي القدسي ولا فرق في العتق المضاف إلى الموت بين أن يكون معلقا بشرط آخر ، أو لا فلو صار مدبرا ; لأنه بعد الكلام صار التدبير مطلقا وكذا لو قال : إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه فلان كان مدبرا كذا في البدائع وذكر قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلمه في الأصل إذا محمد فإن نوى بقوله " إن شئت " الساعة فشاء العبد في ساعته تلك صار مدبرا ; لأنه علق التدبير بشرط وهو المشيئة وقد وجد كما إذا قال : أنت حر بعد موتي إن شئت وإن عنى به مشيئة بعد الموت فليس للعبد مشيئة حتى يموت المولى فإن مات المولى فشاء بعد موته فهو حر من ثلثه وذكر قال إن دخلت الدار فأنت مدبر الحاكم في مختصره أن المراد منه أن يعتقه الوصي أو الوارث .
وفي المحيط ولو نهاه عن المشيئة قبل موته جاز نهيه ولا فرق في التدبير بين أن يكون منجزا ، أو مضافا كما إذا فإذا جاء الوقت صار مدبرا وروى قال أنت مدبر غدا ، أو رأس شهر كذا هشام عن رحمه الله تعالى فيمن محمد فهو مدبر الساعة ; لأنه أضاف التدبير إلى ما بعد الموت ، والتدبير بعد الموت لا يتصور فيلغو قوله : بعد موتي فيبقى قوله : أنت مدبر ، أو يجعل قوله : أنت مدبر أي أنت حر فيصير كأنه قال أنت حر بعد موتي ، وفي الذخيرة معزيا إلى الأصل لو قال أنت مدبر بعد موتي لا يصح هذا التصرف عندنا أصلا بخلاف ما قال : أنت حر بعد موتي إن دخلت الدار والفرق أن في فصل المشيئة صححنا تصرفه بطريق الوصية ، وتعليق الوصية بالمشيئة صحيح وتعذر تصحيح هذا التصرف بطريق الوصية ; لأن تعليق الوصية بدخول الموصى له الدار باطل ا هـ . إذا قال أنت حر بعد موتي إن شئت
وفي المحيط لو تصير الأم مدبرة دون الولد لأن التدبير ثبت في الأم والولد منفصل عنها قبل الملك فلا يتصور سراية حق التدبير إلى الولد كما لو قال لأمة : إن ملكتك فأنت حرة بعد موتي فولدت فاشتراهما عتقت ولا يعتق ولد ولدته قبل الملك فكذا هذا ولو قال المولى : ولدت قبل التدبير وقالت : بل بعده فالقول للمولى مع يمينه على علمه والبينة لها ا هـ . قال : إن ملكتك فأنت حرة فملكها
وفي الظهيرية يعتق بعد الموت ا هـ . : أنت حر الساعة بعد موتي
وأشار المصنف بهذه الألفاظ إلى أنه لو فإنه يكون مدبرا ; لأن التدبير وصية فإذا أتى بصريحها كان مدبرا بالأولى ولأن الإيصاء للعبد برقبته إزالة ملكه عن رقبته ; لأنه لا يثبت الملك للعبد في رقبته إلا بإعتاقه فهو كبيع نفس العبد منه ولو قال العبد لا : أقبل فهو مدبر وليس رده بشيء كما في الظهيرية وعن قال : أوصيت لك برقبتك ، أو عتقك ، أو نفسك أو أوصيت لك بثلث مالي فيمن أبي يوسف فإنه يعتق بعد موته ولو أوصى له بجزء من ماله لم يعتق لأن السهم عبارة عن السدس فكان سدس رقبته داخلا في الوصية فأما الجزء عبارة عن شيء مبهم والتعيين فيه للورثة فلم تكن الرقبة داخلة تحت الوصية كذا في المحيط وما عن أوصى بسهم من ماله [ ص: 287 ] لعبده هنا جزم به في الاختيار وذكر أبي يوسف الولوالجي : لو صح الإيصاء وفرق بين هذا وبين ما إذا قال مريض أعتقوا فلانا بعد موتي إن شاء الله تعالى حيث لا يصح ، والفرق أن في المسألة الأولى أمرا بالإعتاق ، والاستثناء في الأمور باطل ، وفي المسألة الثانية إيجاب ، والاستثناء في الإيجاب صحيح ا هـ . قال : هو حر بعد موتي إن شاء الله تعالى
[ ص: 286 - 287 ]