( قوله : الزمان والحين ، ومنكرهما ستة أشهر ) ; لأن الحين قد يراد به الزمان القليل قال الله تعالى { فسبحان الله حين تمسون } ، وقد يراد به أربعون سنة قال تعالى { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } ، وقد يراد به ستة أشهر قال تعالى { تؤتي أكلها كل حين } ، وهذا هو الوسط فينصرف إليه ، وهذا ; لأن القليل لا يقصد بالمنع لوجود الامتناع فيه عادة والمديد لا يقصد غالبا ; لأنه بمنزلة الأبد ، ولو سكت عنه يتأبد فتعين ما ذكرناه ، وكذا الزمان يستعمل استعمال الحين فيقال ما رأيتك منذ حين ، ومنذ زمان بمعنى واحد ، وهذا إذا لم تكن له نية أما إذا نوى شيئا فهو على ما نوى ; لأنه حقيقة كلامه ، ولا فرق في ذلك بين الزمان والحين ، وهو الصحيح كما في البدائع أطلقه فشمل الإثبات والنفي فإذا قال لأصومن حينا أو الحين فهو كقوله لا أكلمه حينا أو الحين ، وفي فتح القدير ويعتبر ابتداء الستة الأشهر من ، وقت اليمين بخلاف قوله لأصومن حينا أو زمانا كان له أن يعين أي ستة أشهر شاء وتقدم الفرق . ا هـ .
وأشار المصنف إلى أنه لو بالجمع فهو على عشر مرات ستة أشهر كما في شرح قال لا أكلمه الأحايين أو الأزمنة ، ولو الطحاوي فهو على أحد وعشرين يوما ، ولو قال كذا كذا فهو على أحد عشر ، ولو قال لا أكلمه كذا ، وكذا يوما فهو على ثلاثة عشر يوما ; لأن البضع من ثلاثة إلى تسعة فيحتمل على أقلها ، ولو حلف لا يكلمه بضعة عشر يوما فأول ذلك إذا لبس الناس الحشو والفراء وآخره إذا ألقوها في البلد الذي حلف فيه والصيف على ضده ، وهو من حين إلقاء الحشو إلى لبسه والربيع آخر الشتاء ، ومستقبل الصيف إلى أن ييبس العشب والخريف فصل ما بين الشتاء والصيف والمرجع في ذلك إلى اللغة . حلف لا يكلمه الشتاء
ولو قال يكلمه إذا أصبح يوم النحر ; لأنه أول الموسم وغرة الشهر ورأس الشهر أول ليلة ويومها ، وأول الشهر إلى ما دون النصف وآخره إذا مضى خمسة عشر يوما ، ولو حلف لا يكلمه إلى الموسم فعليه صوم يوم الخامس عشر والسادس عشر كذا في البدائع ( قوله : والدهر والأبد العمر ودهر مجمل ) يعني لو قال لله علي أن أصوم أول يوم من آخر الشهر وآخر يوم من أول الشهر فهو العمر أي مدة حياة الحالف ، وأما الدهر منكرا فقد قال حلف لا يكلمه الدهر معرفا أو الأبد معرفا أو منكرا لا أدري ما هو ، وقالا هو كالحين ، وهذا هو الصحيح خلافا لما يقوله بعضهم من أن الاختلاف بينهم [ ص: 369 ] في العرف أيضا لهما أن دهرا يستعمل استعمال الحين والزمان يقال ما رأيته منذ دهر ، ومنذ حين بمعنى واحد أبو حنيفة توقف في تقديره ; لأن اللغات لا تدرك قياسا والعرف لم يعرف استمراره لاختلاف في الاستعمال والتوقف عند عدم المرجح من الكمال ، وقد توقف وأبو حنيفة في أربعة عشر مسألة كما في السراج الوهاج ، وقد نقل لا أدري عن الأئمة الأربعة بل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن أبو حنيفة جبريل عليه السلام كما في الشرح وبهذا علم أن العلم بجميع المسائل الشرعية ليس بشرط في الفقيه أي المجتهد ; لأن الشرط التهيؤ القريب كما بيناه أول الكتاب .
وأشار المصنف إلى أنه لو قال لا أكلمه العمر فهو على الأبد ، واختلف جواب في المنكر نحو عمرا فمرة قال في لله علي صوم عمر يقع على يوم واحد ، ومرة قال هو مثل الحين ستة أشهر إلا أن ينوي أقل أو أكثر ، وفي البدائع أن الأظهر أنه يقع على ستة أشهر . بشر بن الوليد
[ ص: 368 ]