( قوله : والأيام ، وأيام كثيرة والشهور والسنون عشرة ، ومنكرها ثلاثة ) بيان لأقل الجمع في باب الأيمان ، وهو على وجهين إما أن يكون معرفا أو منكرا فإذا كان معرفا كما إذا انصرف إلى عشرة من تلك المعدودات ، وكذلك لا يكلمه الأزمنة انصرف إلى خمس سنين ; لأن كل زمان ستة أشهر عند عدم النية ، وهذا كله عند حلف لا يكلمه الأيام أو الجمع أو الشهور أو السنين ، وقالا في الأيام ينصرف إلى أيام الأسبوع ، وفي الشهور إلى اثني عشر شهرا ، وفي الجمع والسنين والدهور والأزمنة إلى الأبد ; لأن اللام للعهد إذا أمكن ، وإن لم يمكن فهي للاستغراق والعهد ثابت في الأيام والشهور كما ذكرنا ، ولا عهد في خصوص ما سواهما فكان للاستغراق ، وهو استغراق سني العمر وجمعه ، وله أنه جمع معرف باللام فينصرف إلى أقصى ما عهد مستعملا فيه لفظ الجمع على اليقين ، وهو عشرة ; لأنه يقال ثلاثة رجال ، وأربعة رجال إلى عشرة رجال فإذا جاوز العشرة ذهب الجمع فيقال أحد عشر رجلا إلى آخره ، وإنما اعتبر أقصى المعهود ، وإن كان ما دونه معهودا أيضا ; لأنها لاستغراق المعهود ; لأن المعهود كل مرتبة من المراتب التي أولها ثلاثة ، وأقصاها عشرة ، ولا معين فالحاصل أنهم اتفقوا على أنها للعهد لكن اختلفوا في المعهود فهما قالا المعهود الأسبوع والسنة ، وهو قال العشرة نظرا إلى أنها أقصى المعهود ، وقد أطال في فتح القدير في بيانه إطالة حسنة وتعرض للرد على أبي حنيفة ، ولسنا بصدد ذلك ، وفي الذخيرة لو ابن العز فله أن يكلمه في غير يوم الجمعة ; لأن الجمع جمع جمعة ، وهو اسم خاص لليوم الذي تقام فيه الجمعة سمي به لاجتماع الناس فيه لإقامة هذا الأمر فيه فلا يتناول غيره من الأيام كما لو قال والله لا أكلمك الجمع ، ولا نية له ، وإن نوى أيام الجمعة نفس الأسبوع فهو على ما نوى . قال لا أكلمك الأخمسة والآحاد والأثانين
وذكر في النوادر أن من قال علي صوم جمعة إن نوى يوم الجمعة يلزمه صوم يوم الجمعة لا غير ، وإن نوى أيام الجمعة يعني الأسبوع أو لم تكن له نية يلزمه صوم الأيام السبعة بحكم غلبة الاستعمال يقول الرجل لغيره لم أرك منذ جمعة فعلى رواية النوادر صرف الجمعة إلى أيامها دون يوم الجمعة خاصة ، وعلى رواية الجامع الصغير صرف الجمعة المطلقة غير مقرونة باليوم إلى يوم الجمعة خاصة ; لأن هذا الاستعمال فيما إذا ذكرت الجمعة مطلقة بلفظ الواحد أي لا بلفظ الجمع حتى قال مشايخنا : إذا ينصرف اليمين إلى الأيام السبعة لا إلى يوم الجمعة خاصة كما ذكر في النوادر . ا هـ . قال والله لا أكلمك جمعة
فتبين بهذا أنه إذا حلف لا يكلمه الجمع يترك كلامه عشرة أيام كل يوم هو يوم الجمعة لا أنه يترك كلامه عشرة أسابيع كما قد يتوهم قال في التبيين ثم الجمع معرفا ، ومنكرا يقع على أيام الجمعة في المدة ، وله أن يكلمه فيما بين الجمعات ، وأما الجمع المنكر فذكر المصنف أنه إن وصفه بالكثرة فهو كالمعرف كقوله لا أكلمه [ ص: 370 ] أياما كثيرة ; لأنه لما وصفه بالكثرة علم أنه لم يرد به الأقل ، وهو الثلاث فينصرف إلى المعهود كالمعرف باللام فعنده للعشرة ، وعندهما للأسبوع .
وعلى هذا لو فعنده للعشرة ، وعندهما للأسبوع ، وإن لم يصفه بالكثرة انصرف إلى ثلاثة على ما ذكر في الجامع من غير خلاف ، وهو الصحيح ; لأنه ذكر لفظ الجمع منكرا فيقع على أدنى الجمع الصحيح ، وهو ثلاثة وذكر في الأصل أنه على عشرة أيام وسوى بين منكر الأيام ، ومعرفها بخلاف السنين منكرا فإنه على ثلاثة اتفاقا كما في البدائع ، ولم يذكر قال إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر المصنف الجمع المضاف ، وفيه تفصيل ففي الذخيرة لو يحنث ، وإن كان لفلان ثياب ودواب ، وعبيد أكثر من ثلاثة فرق بين هذا وبين ما إذا حلف لا يركب دواب فلان أو لا يلبس ثيابه أو لا يكلم عبيده ففعل بثلاثة مما سمى حيث لا يحنث ما لم يكلم الكل مما سمى . والفرق أن في الفصل الأول المنع في فلان لا لمعنى هذه الأشياء فتتقيد اليمين باعتبار منسوبين إلى فلان ، وقد ذكر النسبة باسم الجمع ، وأقل الجمع ثلاثة أما في الفصل الثاني المنع لمعنى في هؤلاء فتعلقت اليمين بأعيانهم وصار تقدير المسألة لا أكلم هؤلاء فما لم يكلم الكل لا يحنث ، وإن نوى الحالف في الفصل الأول الدواب كلها والغلمان كلها يدين فيما بينه وبين الله تعالى ، وفي القضاء ; لأنه نوى حقيقة كلامه كذا في الزيادات وظاهره أنه لا يحنث بواحدة في الكل . حلف لا يكلم زوجات فلان لا يكلم أصدقاء فلان لا يكلم أخوة فلان
وفي نوادر عن ابن سماعة أنه لا يحنث بالواحد في بني أبي يوسف آدم ويحنث في غيره فإذا لا يحنث ويمينه على الكل بخلاف لا أركب دوابه ، ولا ألبس ثيابه ، وفي الواقعات حلف لا يكلم عبيد فلان ، وله ثلاثة فكلم واحدا منهم فإن كان يعلم يحنث إذا كلم ذلك الواحد ; لأنه ذكر الجمع ، وأراد الواحد فإن كان لا يعلم لا يحنث ; لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع كمن قال والله لا أكلم أخوة فلان ، وله أخ والأخ واحد لا يحنث . ا هـ . حلف لا يأكل ثلاثة أرغفة من هذا الحب ، وليس له فيه إلا رغيف واحد ، وهو لا يعلم
وقيد المصنف بالأيام ونحوها ; لأنه لو يحنث ; لأنه اسم جنس بخلاف قوله رجالا أو نساء كذا في الواقعات ففي المنكر لا فرق بين الكل ، وأما في المعرف فإنه ينصرف للمعهود إن أمكن ، وإلا فهو للجنس ; لأن الألف واللام إذا دخلت على الجمع ، ولا عهد فإنه يبطل معنى الجمعية كقوله لا أشتري العبيد لا أتزوج النساء كما عرف في الأصول ، وفي الذخيرة الأصل أن الحكم إذا علق بجمع منكر كعبيد ورجال ونساء يتعلق وقوعه بأدنى الجمع الصحيح ، وهو الثلاثة دون المثنى ، ومتى علق بجمع معروف بالألف واللام يتعلق بأدنى ما ينطلق عليه ذلك الاسم عند عامة المشايخ إذا لم يكن ثمة معهود كالحكم المعلق باسم الجنس ، وعند بعض المشايخ ينصرف إلى كل الجنس . ا هـ . قال والله لا أكلم الفقراء أو المساكين أو الرجال فكلم واحدا منهم
وفي تهذيب القلانسي ، وأما الأطعمة والنساء والثياب يقع على واحد إجماعا ، ولو نوى الكل صحت نيته . ا هـ .
وفي الظهيرية لو حنث به ، ولو قال والله لا أكلمك كل يوم من أيام هذه الجمعة فكلمه في تلك الجمعة ليلا أو نهارا مرة واحدة لا يحنث حتى يكلمه في كل يوم ، ولو ترك كلامه يوما واحدا لا يحنث ، وإن كلمه كل يوم لا يحنث إلا مرة واحدة لاتحاد الاسم ، ولو حلف لا يكلم فلانا أيامه هذه قال قال والله لا أكلمك في كل يوم من أيام هذه الجمعة هو على ثلاثة أيام ، ولو قال لا أكلمه أيامه فهو على العمر ، ولو قال لا أكلمك يوما بعد الأيام عن أبو يوسف إن كلمه في سبعة أيام لا يحنث ، وبعد السبعة يحنث ، والمعنى فيه على أصل محمد ظاهر . ا هـ . والله أعلم . محمد
[ ص: 370 ]