قوله ( وبإقراره أربعا في مجالسه الأربعة كلما أقر رده ) معطوف على بالبينة أي وقدم الثبوت بالبينة عليه ; لأنه المذكور في القرآن ولأن الثابت بها أقوى حتى لا يندفع الحد بالفرار ولا بالتقادم ولأنها حجة [ ص: 7 ] متعدية ، والإقرار قاصر وللإقرار شرطان أحدهما أن يكون صريحا فلو يثبت الزنا بإقراره لا يحد للشبهة لعدم الصراحة وكذا أقر الأخرس بالزنا بكتابة أو إشارة لا تقبل لاحتمال أنه يدعي شبهة كما لو الشهادة على الأخرس بخلاف الأعمى ، فإنه يصح إقراره ، والشهادة عليه وكذا الخصي ، والعنين وعلى هذا فيزاد في تعريف الزنا الموجب للحد بعد قوله مكلف ناطق لما علمت أن الأخرس لا حد عليه لا بإقراره ولا ببينة . الثاني أن لا يظهر كذبه في إقراره فلو شهدوا على مجنون أنه زنى في حال إفاقته وذلك بأن تخبر النساء بأنها رتقاء قبل الحد وذلك ; لأن إخبارهن بالرتق يوجب شبهة في شهادة الشهود وبالشبهة يندرئ الحد ولو أقر فظهر مجبوبا أو أقرت فظهرت رتقاء لا حد على واحد منهما كذا في فتح القدير ولا بد أن يكون إقراره في حالة الصحو لما في المحيط أقر أنه زنى بخرساء أو هي أقرت بأخرس يحد ولو السكران إذا سرق أو زنى في حال سكره لا يحد ; لأن الإنشاء لا يحتمل الكذب ، والإقرار يحتمل الكذب فاعتبر هذا الاحتمال في حال سكره في الإقرار بالحد لا غير ا هـ . أقر بالزنا أو بالسرقة
ولا بد من أن لا يكذبه الآخر ، فإن درئ الحد عن الرجل سواء قالت إنه تزوجني أو لا أعرفه أصلا ويقضى بالمهر عليه إن ادعته المرأة . أقر الرجل بالزنا بفلانة فكذبته
وإن فلا حد عليها أيضا عند أقرت المرأة بالزنا بفلان وكذبها الرجل خلافا لهما في المسألتين كذا في الظهيرية وفي المحيط أصله أن الإمام لا يجب على الرجل بالإجماع ومتى لم يجب على الرجل أصلا لم يجب على المرأة بالإجماع ، وإن انعقد فعله موجبا للحد لكن بطل الحد عنه لمعنى عارض لا يمنع الوجوب على المرأة عنده خلافا لهما ا هـ . الحد متى لم يجب على المرأة أصلا أو تعذر استيفاؤه عليها
ولم يشترط المصنف بلوغ المقر وعقله كما في الهداية ; لأنهما شرطا لكل تكليف وليس من شرطه الحرية فصح ، وإن كان مولاه غائبا وكذا القطع ، والقصاص وفرق إقرار العبد بالزنا أو بغيره مما يوجب الحد أبو حنيفة بين حجة البينة وحجة الإقرار ولو ومحمد لزمه حد العبيد كذا في الظهيرية ، وإنما شرطنا تكرار الإقرار أربعا { قال العبد بعد ما أعتق زنيت وأنا عبد ماعز أنه عليه السلام أخر إقامة الحد عليه إلى أن تم إقراره أربع مرات في أربع مجالس } فلهذا قلنا لا بد من اختلاف المجالس ; لأن لاتحاده أثرا في جمع المتفرقات فعنده يتحقق شبهة الاتحاد فيه ، والعبرة لمجلس المقر ; لأنه قائم به دون مجلس القاضي وفسر لحديث المجالس المتفرقة أن يذهب المقر بحيث يتوارى عن بصر القاضي وينبغي للإمام أن يزجره عن الإقرار ويظهر له الكراهية من ذلك ويأمر بإبعاده عن مجلسه في كل مرة ; لأنه عليه السلام فعل كذلك وفي الظهيرية ولو أقر كل يوم مرة أو كل شهر مرة ، فإنه يحد ا هـ . محمد
وأشار المصنف باقتصاره على البينة ، والإقرار إلى أن وكذلك سائر الحدود الخالصة كذا في الذخيرة وإلى أن الإقرار ، والشهادة لا يجتمعان فلذا قال في الظهيرية ، والذخيرة الزنا لا يثبت بعلم القاضي لا يحد ولو كان الشهود عدولا ذكر أربعة فسقة شهدوا على رجل بالزنا وأقر هو مرة واحدة شمس الأئمة السرخسي أنه يحد وذكر غيره من المشايخ أن على قول يحد وعلى قول محمد لا يحد ا هـ . أبي يوسف
[ ص: 6 ]