( قوله : : شروع في بيان أحكامه فذكر بعضها ولا بأس ببيانها ، فنقول : إن الحيض يتعلق به أحكام : أحدها يمنع صحة الطهارة ، وأما أغسال الحج فإنها تأتي بها ; لأن المقصود منها التنظيف لا الطهارة ، وأما تحريم الطهارة عليها فمنقول في شرح المهذب يمنع صلاة وصوما ) للنووي ، وأما أئمتنا فقالوا : إنه يستحب لها أن تتوضأ لوقت كل صلاة وتقعد على مصلاها تسبح وتهلل وتكبر وفي رواية يكتب لها ثواب أحسن صلاة كانت تصلي وصحح في الظهيرية أنها تجلس مقدار أداء فرض الصلاة كي لا تنسى العادة .
الثاني : يمنع وجوب الصلاة وهو ظاهر ما في الكتاب وظاهر ما في أيضا فإنه قال : والحيض يسقط . فأفاد ظاهرا عدم تعلق أصل الوجوب بها وهذا لأن تعلقه يستتبع فائدته ، وهي إما الأداء أو القضاء والأول منتف لقيام الحدث مع العجز عن رفعه والثاني كذلك فضلا منه تعالى دفعا للحرج اللازم بإلزام القضاء لتضاعف الواجبات خصوصا فيمن عادتها أكثره فانتفى الوجوب لانتفاء فائدته لا لعدم أهليتها للخطاب ، ولذا تعلق بها خطاب الصوم لعدم الحرج إذ غاية ما تقضي في السنة خمسة عشر يوما إذا كان حيضها عشرة ، وبهذا اندفع ما في النهاية ومعراج الدراية وغيرهما من أن قوله يسقط يقتضي سابقة الوجوب عليها ويقولون [ ص: 204 ] أنه قول القدوري أبي زيد
وأما على قول عامة المشايخ لا يجب ، وقد نقل النووي الإجماع على سقوط وجوب الصلاة عنها .
الثالث : يحرمها .
الرابع : يمنع صحتها .
الخامس : يحرم الصوم .
السادس - يمنع صحته . وأما أنه يمنع وجوبه فلا لما قدمنا وسيأتي إيضاحه .
السابع : يحرم مس المصحف وحمله .
الثامن : يحرم قراءة القرآن .
التاسع : يحرم دخول المسجد .
العاشر : يحرم سجود التلاوة والشكر ويمنع صحته .
الحادي عشر : يحرم الاعتكاف .
الثاني عشر : يمنع صحته .
الثالث عشر : يفسده إذا طرأ عليه .
الرابع عشر : يحرم الطواف من جهتين دخول المسجد وترك الطهارة له . لكن لا يمنع صحته كما هو المشهور من مذهبنا فاندفع به ما نقله النووي في شرح المهذب من نقل الإجماع على عدم صحة طوافها مطلقا .
الخامس عشر : يمنع وجوب طواف الصدر .
السادس عشر : يحرم الوطء وما هو في حكمه .
السابع عشر : يحرم الطلاق .
الثامن عشر : تبلغ به الصبية .
التاسع عشر : يتعلق به انقضاء العدة .
العشرون : يتعلق به الاستبراء .
الحادي والعشرون : يوجب الغسل بشرط الانقطاع على ما حققناه .
الثاني والعشرون : لا يقطع التتابع في صوم كفارة القتل والفطر بخلاف كفارة اليمين ونحوها حيث تقطع على ما حققه الإمام الدبوسي في التقويم وهذه الأحكام كلها متعلقة بالنفاس إلا خمسة : وهي انقضاء العدة والاستبراء والحكم ببلوغها والفصل بين طلاقي السنة والبدعة وعدم قطع التتابع في الصوم فإن هذه مختصة بالحيض فظهر بما قررناه أن ما في النهاية ومعراج الدراية وغيرهما من أن اثنا عشر ثمانية مشتركة وأربعة مختصة بالحيض ليس بجامع . أحكام الحيض والنفاس
ثم هذه الأحكام التي ذكرناها منها ما يتعلق ببروز الدم على المذهب المختار وعند بالإحساس ومنها ما يتعلق بنصاب الحيض لكن يستند إلى ابتدائه ومنها ما يتعلق بانقضائه فالثاني هو الحكم ببلوغها ووجوب الغسل والثالث هو انقضاء العدة والاستبراء وبقية الأحكام متعلقة بالقسم الأول ( قوله : فتقضيه دونها ) أي محمد لما في الكتب الستة { فتقضي الصوم لزوما دون الصلاة معاذة قالت سألت فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت أحرورية أنت قلت لست بحرورية ولكني أسأل قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة عائشة } وعليه انعقد الإجماع ولأن في قضاء الصلاة حرجا بتكررها في كل يوم وتكرر الحيض في كل شهر بخلاف الصوم حيث يجب في السنة شهرا واحدا والمرأة لا تحيض عادة في الشهر إلا مرة فلا حرج ، وإنما وجب عليها قضاء الصوم ، وإن نفست رمضان كله ; لأن وجوده في رمضان كله نادر فلا يعتبر . عن
وذكر في آخر الفتاوى الظهيرية أن حكمته أن حواء لما رأت الدم أول مرة سألت آدم فقال لا أعلم فأوحي إليه أن تترك الصلاة فلما طهرت سألته فقال لا أعلم فأوحي إليه أن لا قضاء عليها ، ثم رأته في وقت الصوم فسألته فأمرها بترك الصوم وعدم قضائه قياسا على الصلاة فأمرها الله تعالى بقضاء الصوم من قبل أن آدم أمرها بذلك من غير أمر الله تعالى ، وفي معراج الدراية أن سبب قضائه ترك حواء السؤال له وقياسها الصوم على الصلاة فجوزيت بقضائه بسبب ترك السؤال ، فإن قيل إنها غير مخاطبة بالصوم حال حيضها لحرمته عليها فكيف يجب عليها القضاء ولم يجب عليها الأداء قلنا : أما من قال من مشايخنا وغيرهم بأن القضاء يجب بأمر جديد فلا إشكال ، وأما على قول الجمهور من مشايخنا أن القضاء يجب بما يجب به الأداء فانعقاد السبب يكفي لوجوب القضاء ، وإن لم تخاطب بالأداء وهل يكره لها قضاء الصلاة لم أره صريحا وينبغي أن يكون خلاف الأولى كما لا يخفى . والحرورية فرقة من الخوارج [ ص: 205 ] منسوبة إلى حروراء قرية بالكوفة كان بها أول تحكمهم واجتماعهم والمراد أنها في التعمق في سؤالها كأنها خارجية ; لأنهم تعمقوا في أمر الدين حتى خرجوا ، كذا في المغرب .
[ ص: 203 ]