( فصل في التعزير ) .
هو تأديب دون الحد وأصله من العزر بمعنى الرد والردع كذا في المغرب وفي ضياء الحلوم هو ضرب دون الحد للتأديب . والتعزير التعظيم والنصر قال تعالى { وتعزروه } ا هـ .
فالظاهر أن ما في ضياء الحلوم معناه اللغوي وما في المغرب معناه الشرعي فإنه شرعا لا يختص بالضرب بل قد يكون به وقد يكون بالصفع وبفرك الأذن وقد يكون بالكلام العنيف وقد يكون بنظر القاضي إليه بوجه عبوس وذكر أبو اليسر والسرخسي أنه لا يباح لأنه من أعلى ما يكون من الاستخفاف فيصان عنه أهل الغفلة كذا في المجتبى وفي ضياء الحلوم الصفع الضرب على القفا ولم يذكر التعزير بالصفع التعزير بأخذ المال وقد قيل روي عن محمد أن أبي يوسف جائز كذا في الظهيرية وفي الخلاصة سمعت عن ثقة أن التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي ذلك أو الوالي جاز ومن جملة ذلك التعزير من السلطان بأخذ المال يجوز تعزيره بأخذ المال ا هـ . رجل لا يحضر الجماعة
وأفاد في البزازية أن على القول به إمساك شيء من ماله عنه مدة لينزجر ثم يعيده الحاكم إليه لا أن يأخذه الحاكم لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي وفي المجتبى لم يذكر كيفية الأخذ وأرى أن يأخذها فيمسكها فإن أيس من توبته يصرفها إلى ما يرى وفي شرح الآثار التعزير بالمال كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ . ا هـ . معنى التعزير بأخذ المال
والحاصل أن المذهب عدم التعزير بأخذ المال ، وأما فلم أره إلا في المجتبى قال وفي شرح التعزير بالشتم التعزير بالشتم مشروع ولكن بعد أن لا يكون قاذفا ا هـ . أبي اليسر
وصرح السرخسي بأنه ليس في التعزير شيء مقدر بل هو مفوض إلى رأي القاضي لأن المقصود منه الزجر وأحوال الناس مختلفة فيه وفي الشافي أشراف الأشراف وهم العلماء والعلوية بالإعلام وهو أن يقول له القاضي : إنك تفعل كذا وكذا فينزجر به وتعزير الأشراف وهم الأمراء والدهاقين بالإعلام والجر إلى باب القاضي والخصومة وتعزير الأوساط وهم السوقة بالجر والحبس وتعزير الأخسة بهذا كله وبالضرب . ا هـ . التعزير على مراتب
وظاهره أنه ليس مفوضا إلى رأي القاضي [ ص: 45 ] وأنه ليس للقاضي التعزير بغير المناسب لمستحقه وظاهر الأول أن له ذلك ، وقد ذكروا قال في التبيين وسئل التعزير بالقتل الهندواني عن قال : إن كان يعلم أنه ينزجر بالصياح والضرب بما دون السلاح لا وإن كان يعلم أنه لا ينزجر إلا بالقتل حل له القتل وإن طاوعته المرأة حل له قتلها أيضا وفي المنية رجل وجد رجلا مع امرأة أيحل له قتله قتل الرجل والمرأة جميعا . ا هـ . رأى رجلا مع امرأته وهو يزني بها أو مع محرمه وهما مطاوعتان
فقد أفاد الفرق بين الأجنبية والزوجة والمحرم ففي الأجنبية لا يحل القتل إلا بالشرط المذكور من عدم الانزجار بالصياح والضرب وفي غيرها يحل مطلقا وفي المجتبى الأصل في كل شخص إذا رأى مسلما يزني أن يحل له قتله وإنما يمتنع خوفا أن يقتله ولا يصدق في أنه زنى وعلى هذا القياس المكابرة بالظلم وقطاع الطريق وصاحب المكس وجميع الظلمة بأدنى شيء له قيمة وجميع الكبائر والأعونة والظلمة والسعاة فيباح قتل الكل ويثاب قاتلهم . ا هـ .
ولم يذكر المصنف قالوا لكل مسلم إقامته حال مباشرة المعصية ، وأما بعد الفراغ منها فليس ذلك لغير الحاكم قال في القنية من يقيمه فللمحتسب أن يعزر المعزر إن عزره بعد الفراغ منها قال رضي الله عنه قوله : إن عزره بعد الفراغ منها فيه إشارة إلى أنه لو عزره حال كونه مشغولا بالفاحشة فله ذلك وأنه حسن ; لأن ذلك نهي عن المنكر وكل واحد مأمور به وبعد الفراغ ليس بنهي عن المنكر ; لأن النهي عما مضى لا يتصور فيتمخض تعزيرا وذلك إلى الإمام . ا هـ . رأى غيره على فاحشة موجبة للتعزير فعزره بغير إذن المحتسب
وذكر قبله فإن القاضي يحتسب بذلك التعزير الذي أقامه بنفسه . ا هـ . من عليه التعزير إذا قال لرجل : أقم علي التعزير ففعل ثم رفع إلى القاضي
وفي المجتبى فأما إقامة التعزير فقيل لصاحب الحق كالقصاص وقيل للإمام ; لأن صاحب الحق قد يسرف فيه غلظا بخلاف القصاص ; لأنه مقدر بخلاف التعزير الواجب حقا لله تعالى حيث يتولى إقامته كل أحد بحكم النيابة عن الله تعالى . ا هـ .
وفي القنية أنهما يعزران [ ص: 46 ] بإقامة التعزير بالبادي منهما ; لأنه أظلم والوجوب عليه أسبق ا هـ ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب أيضا
[ ص: 44 ]