( فصل ) في الجزية .
( لا يعدل عنها ) لأن الموجب هو التراضي فلا يجوز التعدي إلى غير ما وقع عليه التراضي وقد صالح عليه السلام الجزية لو وضعت بتراض بني نجران على ألف ومائتي حلة والجزية اسم لما يؤخذ من أهل الذمة والجمع جزى كلحية ولحى لأنها تجزئ عن القتل أي تقضي وتكفي فإذا قبلها سقط عنه القتل ( قوله وإلا توضع على الفقير في كل سنة اثنا عشر درهما وعلى وسط الحال ضعفه وعلى المكثر ضعفه ) أي إن لم توضع بالتراضي وإنما وضعت قهرا بأن غلب الإمام على الكفار وأقرهم على أملاكهم ومذهبنا منقول عن عمر وعثمان رضي الله عنهم ولم ينكر عليهم أحد من وعلي المهاجرين والأنصار ولأنه وجب نصرة للمقاتلة فيجب على التفاوت بمنزلة خراج الأرض وهذا لأنه وجب بدلا عن النصرة بالنفس والمال وذلك يتفاوت بكثرة الوفد وقتله فكذا ما هو بدله وظاهر كلامهم أن حد الغنى والمتوسط والفقر لم يذكر في ظاهر الرواية ولذا اختلف المشايخ فيه وأحسن الأقوال ما اختاره في شرح من أن من ملك عشرة آلاف درهم فصاعدا فهو غني والمتوسط من يملك مائتي درهم فصاعدا والفقير الذي يملك ما دون المائتين أو لا يملك شيئا وأشار بقوله في كل سنة إلى أن وجوبها في أول الحول وإنما الحول تخفيف وتسهيل وفي الهداية أنه يؤخذ من الغني في كل شهر أربعة دراهم ومن المتوسط درهمان ومن الفقير درهم وهذا الأجل التسهيل عليه لا بيان للوجوب لأنه بأول الحول كما ذكرنا كذا في البناية . الطحاوي
وأطلق الفقير هنا اكتفاء بما ذكره بعده من أن الفقير غير المعتمل لا جزية عليه والمعتمل هو القادر على العمل وإن لم يحسن حرفة وفي السراج المعتمل القادر على تحصيل الدراهم والدنانير بأي وجه كان وإن لم يحسن الحرفة وقال الكاكي والمعتمل هو المكتسب والاعتمال الاضطراب في العمل وهو الاكتساب فلو كان مريضا في السنة كلها أو نصفها أو أكثرها لا تجب عليه ولو ترك العمل مع القدرة عليه فهو كالمعتمل كمن قدر على الزراعة ولم يزرع وظاهر كلام المختصر أن القدرة على العمل شرط في حق الفقير فقط لقوله وفقير غير معتمل وليس كذلك بل هو شرط في حق الكل ولذا قال في البناية وغيرها لا يلزم الزمن منهم وإن كان مفرطا في اليسار وكذا لو مرض نصفها كما في الشرح فلو حذف الفقير لكان أولى وفي فتح القدير ويعتبر وجود هذه الصفات في آخر السنة ا هـ .
وينبغي اعتبارها في أولها لأنه وقت الوجوب ( قوله ) لقوله تعالى { وتوضع على كتابي ومجوسي [ ص: 120 ] ووثني عجمي من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد } الآية ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية على المجوس وأما عبدة الأوثان من العجم فلأنه يجوز استرقاقهم فيجوز ضرب الجزية عليهم إذ كل واحد منهما يشتمل على سلب النفس منهم فإنه يكتسب ويؤدي إلى المسلمين ونفقته في كسبه وإن ظهر عليهم قبل وضع الجزية فهم ونساؤهم وصبيانهم فيء لجواز استرقاقهم لا فرق في ذلك بين الأنواع الثلاثة كما في العناية وأشار بتقييد الوثني بالعجمي دون الأولين إلى أن الكتابي والمجوسي لا فرق فيهما بين العرب والعجم كما في العناية أيضا والكتابي شامل لليهود والنصارى .
ويدخل في اليهود السامرة لأنهم يدينون بشريعة موسى صلوات الله وسلامه عليه إلا أنهم يخالفونهم في فروع ويدخل في النصارى الفرنج والأرمن وفي الخانية وتؤخذ الجزية من الصابئة عند رحمه الله خلافا لهما أبي حنيفة والمجوس عبدة النار والوثن ما له جثة من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر ينحت والجمع أوثان وكانت العرب تنصبها وتعبدها والعجم جمع العجمي وهو خلاف العربي وإن كان فصيحا والأعجمي الذي في لسانه عجمة أي عدم إفصاح بالعربية وإن كان عربيا كذا في المغرب وفي السراج الوثن ما كان منقوشا في حائط ولا شخص له والصنم اسم لما كان على صورة الإنسان والصليب ما لا نقش فيه ولا صورة تعبد .