( قوله وتوقف فإن آمن نفذ وإن هلك بطل ) بيان لتصرفه حال ردته بعد بيان حكم إملاكه قبل ردته وهذا عند مبايعته وعتقه وهبته وقالا هو جائز مطلقا لأن الصحة تعتمد الأهلية وهي موجودة لكونه مخاطبا والنفاذ يعتمد الملك وهو موجود لقيامه قبل موته إلا أن عند الإمام أبي يوسف تصح كما تصح من الصحيح لأن الظاهر عوده إلى الإسلام وعند كما تصح من المريض لأنه يفضي إلى القتل ظاهرا وله أنه حربي مقهور تحت أيدينا على ما قررناه في توقف الملك [ ص: 144 ] وتوقف التصرفات بناء عليه فصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فيؤسر فتتوقف تصرفاته لتوقف حاله حيث كان للإمام الخيار بين استرقاقه وقتله فإن قتل أو أسر لم تنفذ منه هذه أو أسلم لم يؤخذ له مال فكذا هذا وفي الأهلية خلل لاستحقاقه القتل لبطلان سبب العصمة بخلاف الزاني وقاتل العمد لأن استحقاق القتل جزاء على الجناية قال محمد ما قالاه أحسن لأن المرتد لا يقبل الرق والقهر يكون حقيقيا لا حكميا والملك يبطل بالقهر الحكمي لا الحقيقي ولهذا المعنى لا يبطل ملك المقضي عليه بالرجم وحاصل مراده أن المنافي للملك الاسترقاق ليس غير لكنه ممنوع عند أبو اليسر بل نقول إنما أوجب استرقاق ذلك في الأصل للقهر الكائن بسبب حرابته وهو موجود في المرتد فيثبت فيه ذلك بطريق الأولى لأن الرق يتصور معه ملك النكاح بخلاف قهر المرتد كذا في فتح القدير أطلق المبايعة فشملت البيع والشراء والإجارة لأنها بيع المنافع وأشار بالعتق إلى ما هو من حقوقه كالتدبير والكتابة فهما موقوفان أيضا لكن لا يدخل الاستيلاد لأنه منه نافذ اتفاقا لأنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك حتى صح في جارية الابن وأشار بالهبة إلى كل تمليك هو تبرع فدخلت الوصية فإنها موقوفة أيضا . أبي حنيفة
ولما كان الرهن من المعاوضات في المال كالبيع كان داخلا فتوقف رهنه أيضا ولما كان قبض الدين مبادلة حكما دخل تحت المبايعة فتوقف قبضه الدين أيضا .
والحاصل أن ما يعتمد الملة لا يصح منه اتفاقا وهي خمسة النكاح والذبيحة والصيد بالكلب والبازي والرمي والإرث والشهادة وما لا يعتمد الملة ولاية ولا حقيقة ملك فإنه صحيح منه اتفاقا وهي خمس أيضا الاستيلاد والطلاق وقبول الهبة وتسليم الشفعة والحجر على عبده المأذون وصورة الاستيلاد ما في الخانية يثبت نسبه منه ويرث ذلك الولد مع ورثته وتصير الجارية أم ولد له ا هـ . إذا جاءت جاريته بولد فادعى الولد
وأورد كيف يقع طلاقه وقد بانت بردته وأجيب بأنه لا يلزم من وقوع البينونة امتناع الطلاق وقد سلف أن المبانة يلحقها الصريح في العدة وأورد طلب الفرق بين طلاقه وعتقه والفرق أن الطلاق لا يعتمد كمال الولاية بخلاف العتق بدليل وقوع طلاق العبد دون عتقه وفي الخانية وإذا لا يجوز عتق واحد منهما لأن الابن إنما يرث بعد الموت لا قبله وإعتاقه سابق على ملكه فلا يعتق وهو بخلاف ما إذا أعتق المرتد عبده ثم أعتقه ابنه المسلم وليس له وارث سواه فإنه ينفذ إعتاق الوارث لأن ثمة سبب الملك للوارث تام وإنما توقف الملك لحق الغرماء فإذا سقط حق الغرماء فإن إعتاق الوارث ينفذ وأما في المرتد سبب الملك للوارث إنما يتم بعد موت المرتد ا هـ . مات الرجل وترك عبدا وتركته مستغرقة بالدين فأعتقه الوارث ثم سقط دين الغرماء
ولا يمكن توقف التسليم لأنها بطلت به مطلقا وأما الحجر فيصح بحق الملك فبحقيقة الملك الموقوف أولى وفي المحيط في مسألة عتقه وإعتاق ابنه أنه على الرواية التي عند يعتبر كونه وارثا وقت الردة فيجب أن ينفذ عتقه لأنه يملكه من وقت الردة ا هـ . أبي حنيفة
وقد يقال أنه إنما يملكه من وقت الردة على تلك الرواية إذا مات أو قتل والكلام هنا قبله وأما ما يعتبر المساواة من التصرف أو ولاية متعدية فإنه لا ينفذ منه اتفاقا فالأول المفاوضة فإذا فاوض مسلما توقفت اتفاقا إن أسلم نفذت وإن هلك بطلت وتصير عنانا من الأصل عندهما وتبطل كذا في الخانية والثاني التصرف على ولده الصغير وفي مال ولده [ ص: 145 ] موقوف اتفاقا فقد ظهر أن عنده ولم أر تصرفاته على أربعة أقسام وفي غاية البيان من باب الاستيلاد حكم التقاطه لقيطا أو لقطة لم تصلح دعوى الجد الجد إذا وطئ جارية ابن ابنه والأب مرتد فادعاه الجد بعد الولادة عندهما وعند موقوفة فإن أسلم الأب لم تصح دعوى الجد وإن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وحكم بلحاقه تصح ا هـ . أبي حنيفة
وهذه لا ترد على ما في الكتاب لأنها تصرف المسلم وهو الجد لا تصرف المرتد وقيد بالمرتد لأن نافذة عند الكل لأنها لا تقتل وقد قدمناه مع بيان تصرفات المكاتب المرتد وأطلق الهلاك فشمل الحقيقي بالموت أو القتل والحكمي بالقضاء بلحاقه بدار الحرب كما في الخانية وعبر بالإيمان في قوله فإن آمن وأراد الإسلام فإنه المراد هنا كما عبر به في الهداية والخانية فإنه الانقياد الظاهر الذي تبتنى عليه الأحكام . تصرفات المرتدة