( قوله : لا الدهن ) أي لا يجوز ; لأنه ليس بمزيل وما روي عن التطهير بالدهن من أنه لو أبي يوسف جاز فخلاف الظاهر عنه بل الظاهر عن غسل الدم من الثوب بدهن حتى ذهب أثره وصاحبيه خلافه ، كذا في شرح منية المصلي وكذا ما روي في المحيط من كون اللبن مزيلا في رواية فضعيف وعلى ضعفه فهو محمول على ما إذا لم يكن فيه دسومة وفي المجتبى والماء المقيد ما استخرج بعلاج كماء الصابون والحرض والزعفران والأشجار والأثمار والباقلا فهو طاهر غير طهور يزيل النجاسة الحقيقية عن الثوب والبدن جميعا كذا قال أبي حنيفة الكرخي وفي العيون لا يزيل عن البدن في قولهم جميعا والصحيح ما ذكراه ا هـ . والطحاوي
( قوله : والخف بالدلك بنجس ذي جرم وإلا يغسل ) بالرفع عطفا على البدن أي ، وإن لم يكن لها جرم فلا بد من غسله لحديث يطهر الخف بالدلك إذا أصابته نجاسة لها جرم أبي داود { } وفي حديث إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر ، فإن رأى في نعله أذى أو قذرا فليمسحه وليصل فيهما { ابن خزيمة } وخالف فيه فطهورهما التراب والحديث حجة عليه ، ولهذا روي رجوعه كما في النهاية قيد بالخف ; لأن الثوب والبدن لا يطهران بالدلك إلا في المني ; لأن الثوب لتخلخله يتداخله كثير من أجزاء النجاسة فلا يخرجها إلا الغسل والبدن للينه ورطوبته وما به من العرق لا يجف ، فعلى هذا فما روي عن محمد في محمد يمسحها بالتراب فمحمول على أن المسح لتقليل النجاسة لا للتطهير وإلا المسافر إذا أصاب يده نجاسة لا يجوز الإزالة بغير الماء وهما لا يقولان بالدلك إلا في الخف والنعل ، كذا في فتح القدير وظاهر ما في النهاية أن المسح للتطهير فيحمل على أن عن فمحمد روايتين ولم يقيده بالجفاف للإشارة إلى أن قول محمد هنا هو الأصح فإن عنده لا تفصيل بين الرطب واليابس وهما قيداه بالجفاف وعلى قوله أكثر المشايخ وفي النهاية والعناية والخانية [ ص: 235 ] والخلاصة وعليه الفتوى وفي فتح القدير وهو المختار لعموم البلوى ولإطلاق الحديث وفي الكافي والفتوى أنه يطهر لو مسحه بالأرض بحيث لم يبق أثر النجاسة ا هـ أبي يوسف
فعلم به أن المسح بالأرض لا يطهر إلا بشرط ذهاب أثر النجاسة وإلا لا يطهر وأطلق الجرم فشمل ما إذا كان الجرم منها أو من غيرها بأن ابتل الخف بخمر فمشي به على رمل أو رماد فاستجمد فمسحه بالأرض حتى تناثر طهر وهو الصحيح ، كذا في التبيين ، ثم الفاصل بينهما أن كل ما يبقى بعد الجفاف على ظاهر الخف كالعذرة والدم فهو جرم وما لا يرى بعد الجفاف فليس بجرم واشتراط الجرم قول الكل ; لأنه لو أصابه بول فيبس لم يجزه حتى يغسله ; لأن الأجزاء تتشرب فيه فاتفق الكل على أن المطلق مقيد فقيده بغير الرقيق وقيداه بالجرم والجفاف أبو يوسف
وإنما قيده به ; لأنه مفاد بقوله طهور أي مزيل ونحن نعلم أن الخف إذا تشرب البول لا يزيله المسح فإطلاقه مصروف إلى ما يقبل الإزالة بالمسح ، كذا في النهاية والعناية وتعقبه في فتح القدير بأنه لا يخفى ما فيه إذ معنى طهور مطهر ، واعتبر ذلك شرعا بالمسح المصرح به في الحديث الآخر الذي ذكرناه مقتصرا عليه وكما لا يزيل ما تشرب به من الرقيق كذلك لا يزيل ما تشرب من الكثيف حال الرطوبة على ما هو المختار للفتوى باعتراف هذا المجيب . أبو يوسف
والحاصل فيه بعد إزالة الجرم كالحاصل قبل الدلك في الرقيق فإنه لا يشرب إلا ما في استعداده قبوله ، وقد يصيبه من الكثيفة الرطبة مقدار كثير يشرب من رطوبته مقدار ما يشربه من بعض الرقيق . ا هـ .
وقد يفرق بأن التشرب ، وإن كان موجودا فيهما لكن عفي عنه في التشرب من الكثيف حال الرطوبة للضرورة والبلوى ولأنا نعلم أن الحديث يفيد طهارتها بالدلك مع الرطوبة إذ ما بين المسجد والمنزل ليس مسافة يجف في مدة قطعها ما أصاب الخف رطبا ولم يعف عن التشرب في الرقيق لعدم الضرورة والبلوى إذ قد جوزوا كون الجرم من غيرها بأن يمشي به على رمل أو تراب فيصير لها جرم فتطهر بالدلك فحيث أمكنه ذلك لا ضرورة في التطهير بدونه . والله سبحانه أعلم .
وذكر المصنف الدلك بالأرض تبعا لرواية الأصل وهو المسح فإنه ذكر في الأصل إذا مسحهما بالتراب يطهر وفي الجامع الصغير أنه إن حكه أو حته بعدما يبس طهر قال في النهاية قال مشايخنا لولا المذكور في الجامع الصغير . لكنا نقول : إنه إذا لم يمسحهما بالتراب لا يطهر ; لأن المسح بالتراب له أثر في باب الطهارة فإن قال في المسافر إذا أصاب يده نجاسة يمسحها بالتراب ، فأما الحك فلا أثر له في باب الطهارة فالمذكور في الجامع الصغير بين أن له أثرا أيضا . ا هـ . محمدا
وقد قدمنا مسألة مسح المسافر يده المتنجسة . واعلم أنا قد قدمنا أن الطهارة بالمسح خاصة بالخف والنعل وأن المسح لا يجوز في غيرهما كما قالوا وينبغي أن يستثنى منه ما في الفتاوى الظهيرية وغيرها إذا أجزأه عن الغسل هكذا ذكره مسح الرجل محجمه بثلاث خرقات رطبات نظاف ونقله في فتح القدير وأقره عليه ، ثم قال وقياسه ما حول محل الفصد إذا تلطخ ويخاف من الإسالة السريان إلى الثقب ا هـ . الفقيه أبو الليث
وهو يقتضي تقييد مسألة المحاجم بما إذا خاف من الإسالة ضررا كما لا يخفى والمنقول مطلق . وفي الفتاوى الظهيرية طهر للضرورة يعني من غير توقف على عصر الكرباس كما صرح به خف بطانة ساقه من الكرباس فدخل في خروقه ماء نجس فغسل الخف ودلكه باليد ، ثم ملأ الماء وأراقه البزازي في فتاويه ، ثم قال في الظهيرية أيضا الخف يطهر بالغسل ثلاثا إذا جففه في كل مرة بخرقة وعن أنه لا يحتاج إلى التجفيف وفي السراج الوهاج الخف إذا دهن بدهن نجس ، ثم غسل بعد ذلك فإنه يطهر . القاضي الإمام صدر الإسلام أبي اليسر