( قوله ) أي وعفي دم السمك وما عطف عليه ، أما دم السمك فلأنه ليس بدم على التحقيق ، وإنما هو دم صورة ; لأنه إذا يبس يبيض والدم يسود وأيضا الحرارة خاصية الدم والبرودة خاصية الماء فلو كان للسمك دم لم يدم سكونه في الماء ، أطلقه فشمل السمك الكبير إذا سال منه شيء ، فإن ظاهر الرواية طهارة دم السمك مطلقا وعن ودم السمك ولعاب البغل والحمار وبول انتضح كرءوس الإبر نجاسته مطلقا وأنه مقدر بالكثير الفاحش وعنه نجاسة دم الكبير وما عن أبي يوسف ضعيف ذكره في المبسوط وتقدم الكلام على أنواع الدماء وأحكامها ، وأما أبي يوسف فقد قدمنا الكلام عليه في الأسآر وفي المجمع ويلحق بالخفيفة لعاب البغل ذو الحمار وطهراه والظاهر من غاية البيان أنه رواية عن لعاب البغل والحمار وإن ظاهر الرواية عنه كقولهما أبي يوسف
وأما البول المنتضح قدر رءوس الإبر فمعفو عنه للضرورة ، وإن امتلأ الثوب وعن وجوب غسله أطلقه فشمل ما إذا أصابه ماء فكثر فإنه يجب غسله أيضا وشمل بوله وبول غيره وقيد برءوس الإبر ; لأنه لو كان مثل رءوس المسلة منع وفي الكافي قيل قوله رءوس الإبر يدل على أن الجانب الآخر من الإبر معتبر وليس كذلك بل لا يعتبر الجانبان وبه اندفع ما في التبيين وحكى القول الأول في فتح القدير عن أبي يوسف الهندواني قال وغيره من [ ص: 248 ] المشايخ لا يعتبر الجانبان دفعا للحرج وأشار إلى ما قالوا لو لا ينجس ما لم يظهر لون النجاسة أو يعلم أنه البول ، وما ترشش على الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الامتناع عنه ما دام في علاجه لا ينجسه لعموم البلوى بخلاف الغسلات الثلاث إذا استنقعت في موضع فأصابت شيئا نجسته ، كذا في فتح القدير فالبول في المختصر قيد احترازي ، وقد قدمنا التصحيح في غسالة الميت قريبا ، وقد أطلق ألقى عذرة أو بولا في ماء فانتضح عليه ماء من وقعها المصنف رحمه الله العفو على الكل مع أن هذه الثلاثة طاهرة فتعقبه الشارح الزيلعي ; لأن العفو يقتضي النجاسة ، وقد يجاب بأن هذه ذكرت بطريق الاستطراد والتبعية ولا لبس لتصريحه في الكافي بالطهارة أو ; لأنه لم يقع الاتفاق على طهارتها كما قدمناه واتضح بمعنى ترشش وفي القنية ينبغي أن يكون كالدهن النجس إذا انبسط ، أبوال البراغيث لا تمنع جواز الصلاة والبول الذي يصيب الثوب مثل رءوس الإبر إذا اتصل وانبسط وزاد على قدر الدرهم لم يجزه ; لأن النجاسة غالبة في أسواقنا وقيل يجزئه وعن ، يمشي في السوق فتبتل قدماه بماء رش به السوق فصلى أبي نصر الدبوسي طين الشارع ومواطئ الكلاب فيه طاهر ، وكذا الطين المسرقن وردغة طريق فيه نجاسة طاهرة إلا إذا رأى عين النجاسة قال رحمه الله وهو الصحيح من حيث الرواية وقريب من حيث المنصوص عن أصحابنا ا هـ .