( قوله والجنون ) لما ذكرنا ولا بد فيه من وجوده عند البائع ثم عند المشتري كذلك كما لا يخفى سواء اتحدت الحالة أو لا فلو فهو عيب لكونه عين الأول لأنه عن فساد في الباطن ولا يختلف سببه بالصغر والكبر كما في العيوب الثلاثة وهذا معنى قول جن عند البائع في صغره ثم عند المشتري في صغره أو بعد بلوغه أنه عيب أبدا وليس معناه عدم اشتراط العود في يد المشتري لأن الله تعالى قادر على إزالته وإن كان قل ما يزول كذا في الهداية وهو الصحيح وهو قول الجمهور وهو المذكور في الأصل والجامع الكبير وبه أخذ الإمام محمد ولكن ميل الطحاوي الحلواني وخواهر زاده إلى ظاهر كلام من عدم اشتراط العود عند المشتري للحديث { محمد من جن ساعة لم يفق أبدا } وقال الإسبيجابي ظاهر الجواب عدم اشتراط المعاودة في يد المشتري وقيل تشترط وهو الصحيح وقيل تشترط بلا خلاف بين المشايخ كذا في عامة الروايات فالحاصل أن المشايخ اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال فمنهم من جعله كالإباق والبول في الفراش فلا بد من المعاودة واتحاد السبب وهو قول أبي بكر الإسكاف البلخي كما في غاية البيان معزيا إلى أبي المعين في شرح الجامع الكبير ومنهم من لم يشترطه نظرا إلى قول في الجامع الصغير إن الجنون عيب لازم أبدا فإذا جن في يد البائع كفى للرد واختاره محمد كما في غاية البيان الفقيه أبو الليث والحلواني وخواهر زاده كما قدمناه وعامة المشايخ على اشتراط العود في يد المشتري وإن لم يتحد السبب واختاره الصدر الشهيد وقاضي خان وصاحب الهداية وصححوه وحكموا بغلط ما عداه وفي التلويح الجنون [ ص: 45 ] اختلال القوة المميزة بين الأشياء الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب ا هـ .
والأخصر اختلال القوة التي بها إدراك الكليات وبه يعلم تعريف العقل من أنه القوة التي بها ذلك
ثم اعلم أن الاختلاف لا يخص الجنون فقد نقل في البدائع عن بعض المشايخ أن البول في الفراش والإباق والسرقة والجنون لا يشترط معاودة ذلك في يد المشتري ووجودها عند البائع يكفي للرد والعامة على خلافه وفي المحيط تكلموا في قيل ساعة عيب وقيل أكثر من يوم وليلة وقيل المطبق دون غيره كذا في المعراج والمطبق بفتح الباء والأصل أن المعاودة عند المشتري بعد الوجود عند البائع شرط للرد إلا في مسائل الأولى زنا الجارية والثانية التولد من الزنا الثالثة ولادة الجارية عند البائع أو غيره فإنها عيب ترد به على رواية كتاب المضاربة وهو الصحيح وإن لم تلد ثانيا عند المشتري لأن الولادة عيب لازم لأن الضعف الذي حصل بها لا يزول أبدا وعليه الفتوى وفي رواية كتاب البيوع لا ترد كذا في فتح القدير وفي الصحاح جن الرجل جنونا وأجنه الله تعالى فهو مجنون ولا يقال مجن وقولهم في المجنون ما أجنه شاذ لا يقاس عليه لأنه لا يقال في مضروب ما أضربه ولا في المسلول ما أسله ا هـ . مقدار الجنون
وفي فتح القدير والحمق عيب وفسره في المغرب بنقصان العقل