( قوله ولو يرد على بائعه ولو برضاه لا ) أي لا يرده على بائعه الأول لأنه بالقضاء فسخ من الأصل فجعل البيع كأن لم يكن غاية الأمر أنه أنكر قيام العيب لكنه صار مكذبا شرعا بالقضاء كما في الهداية ومنهم من جعله قول باع المبيع فرد عليه بعيب بقضاء وعند أبي يوسف ليس له أن يخاصم بائعه لتناقضه وعامتهم على أنه إن سبق منه جحود نصا بأن قال بعته وما به هذا العيب وإنما حدث عندك ثم رد عليه بقضاء ليس له أن يخاصم بائعه ومنهم من حملها على ما إذا كان ساكنا والبينة تجوز على الساكت ويستحلف الساكت أيضا لتنزيله منكرا كذا في المعراج أطلقه فشمل القضاء بإقرار وببينة ونكول عن اليمين . محمد
ومعنى القضاء بالإقرار أنه أنكر الإقرار فأثبت بالبينة كما في الهداية أو أقر وأبى القبول فقضى عليه كما في الكافي وصورة الإقرار أن يقول اشتريته وبه ذلك العيب ولم أعلم به وقضى به ثم ادعاه على بائعه وبرهن ببينة أو استحلف بائعه كذا في الولوالجية وليس المراد منه أنه بمجرد القضاء عليه بإقراره برده فليتأمل وإن قبله بغير قضاء ليس له رده على بائعه لأنه بيع جديد في حق الثالث وإن كان فسخا في حقهما والأول ثالثهما وأطلقه فشمل ما يحدث مثله وما لا يحدث مثله وهو قول العامة وتقييده في الجامع الصغير بما يحدث ليعلم حكم ما لا يحدث بالأولى وفي بعض روايات الأصل أن ما لا يحدث مثله فالرضا به كالقضاء وترك المصنف قيدا آخر وهو أن يكون بعد قبض المبيع لأنه لو كان قبل قبضه فهو فسخ في حق الكل سواء كان بقضاء أو رضا .
كذا في المعراج معزيا إلى المبسوط وقيد آخر وهو أن يكون البيع قبل الاطلاع على العيب إذ لو كان بعده ليس له الرد على بائعه ولو رد عليه بما هو فسخ كذا في الصغرى وأورد على كونه فسخا مسائل الأولى لو لم يبطل حق الشفيع في الشفعة الثانية لو كان المبيع عقارا فرد بعيب لم تصح دعوته ولو كان فسخا لصحت كما لو لم يبعها الثالثة لو أحال البائع غريمه على المشتري بالثمن ثم رد المبيع بعيب بقضاء لم تبطل الحوالة ولو كانت فسخا لبطلت وأجاب في المعراج بأنه فسخ فيما يستقبل لا في الأحكام الماضية ولهذا قال باع أمته الحبلى وسلمها ثم ردت بعيب بقضاء ثم ولدت فادعاه أبو البائع شيخ الإسلام قول القائل الرد بالقضاء يجعل العقد كأن لم يكن تناقض لأن العقد إذا جعل كأن لم يكن جعل الفسخ كأن لم يكن لأن الفسخ بدون العقد لا يتصور فإذا انعدم العقد من أصله انعدم الفسخ من الأصل وإذا انعدم الفسخ من الأصل عاد العقد لانعدام ما ينافيه ولكن يقال يجعل العقد كأن لم يكن في المستقبل لا في الماضي ا هـ .
والدليل على أن الفسخ إنما هو في المستقبل أن زوائد المبيع للمشتري ولا يردها مع الأصل ولهذا لو لا تجب الزكاة عليه فيما مضى كذا في المعراج ولو وهب مالا قبل تمام الحول ثم رجع الواهب بعد الحول لم يكن له الأخذ بشفعة كذا في فتح القدير وقد كتبنا في الفوائد أن الرد بالعيب [ ص: 61 ] بقضاء فسخ إلا في مسألة وإذا لم يرده في صورة الرضا لا رجوع له بالنقصان أيضا كما في المعراج وإذا كان له الرد فله الرجوع بالنقصان كما في التهذيب يعني لو وهب دارا وسلمها فبيعت دار بجنبها فأخذها الموهوب له بالشفعة ثم رجع الواهب فيها فله الأرش ولو برضا لا وقيد بالمبيع وهو العين احترازا عن الصرف فإنه يجعل فسخا إذا رد بعيب لا فرق بين القضاء والرضا لأنه لا يمكن أن يجعل بيعا جديدا لأن الدينار هنا لا يتعين في العقود فإذا حدث عيب ورده بقضاء فإنه يرده على بائعه لما ذكرنا كما في المحيط والخانية . اشترى دينارا بدرهم ثم باع الدينار من آخر ثم وجد المشتري الثاني بالدينار عيبا ورده على المشتري بغير قضاء
وفي الكافي المبيعان هنا واحد لأن المعيب ليس بمبيع بل المبيع السليم فيكون المبيع ملك البائع فإذا رده على المشتري يرده على بائعه أما هنا المبيعان موجودان فإذا قيل بغير قضاء فقد رضي بالعيب فلا يرده على بائعه ا هـ .
وذكر في الظهيرية ثم قال بعده وعلى هذا إذا فله أن يردها على الأول . ا هـ . قبض رجل دراهم على رجل وقضاها من غريمه فوجدها الغريم زيوفا فردها عليه بغير قضاء
وخرج عن قوله بقضاء مسألة ذكرها في المبسوط لو فليس للمشتري الأول المخاصمة مع بائعه إجماعا لأن المشتري الأول لم يصر مكذبا فيما أقر به ولم يوجد هنا قضاء على خلاف ما أقر به فبقي إقراره بكونها سليمة فلا يثبت له ولاية الرد ولكن لم يذكره أقام المشتري الثاني أن العيب كان عند المشتري الأول ولم يشهد أنه كان عند البائع الأول كذا في فتح القدير والمعراج . محمد
اعلم أن فله الرد على بائعه بالإباق السابق المحكوم به كما في الظهيرية وإقرار المشتري الأول بإباقه لا ينفذ على من لم يشتر منه من الباعة بخلاف إقرار البائع الأول بدين على العبد فإن للمشتري الآخر أن يرده على بائعه بإقرار الأول كما فيها أيضا وفي التهذيب القن إذا حكم برده بعيب الإباق على بائعه فاشتراه آخر فأبق عنده للقلانسي لو فله الرد ا هـ . وهب وسلم ثم رجع فيه بقضاء أو رضا
ثم معنى قوله يرد على بائعه أن له أن يخاصم الأول ويفعل ما يجب أن يفعل عند قصد الرد ولا يكون الرد عليه ردا على بائعه بخلاف الوكيل بالبيع فإنه إذا رد عليه ما باعه بعيب بقضاء ببينة أو نكول أو بإقرار [ ص: 62 ] من المأمور بالبيع حيث يكون ردا على موكله من غير حاجة إلى خصومة لأن تعدادها عند تعدد البيع وهنا البيع واحد فإذا ارتفع رجع إلى الموكل وهذا الإطلاق قيده فخر الإسلام بعيب لا يحدث مثله أما فيما يحدث مثله لا يرده بإقرار المأمور وإنما تعدى النكول إلى الموكل مع أنه إما إقرار أو بذل وليس له البذل لكونه ليس إقرارا ولا بذلا حقيقة وإنما جرى مجراه بدليل أنه لو عاد وحلف بعد نكوله صح ولو كان إقرارا لم يصح وصح القضاء بنكول المأذون عنها ولو كان بذلا حقيقة لم يصح فلا يلزم إجراؤه في كل الأحكام وفي الإيضاح إن رد على الوكيل بعيب لا يحدث مثله بإقراره لا يرد وهو أوجه .
وفي البزازية والوكيل بالعيب رد عليه بعيب بلا قضاء اقتصر عليه وأن لا يحدث مثله في المدة هو الصحيح وإن بقضاء ولا يحدث مثله في المدة ينظر جوابه والرد على الوكيل رد على الموكل مطلقا وأن يحدث مثله في المدة فإن بنكول أو ببينة فرد على الموكل وإن بإقرار فعلى الوكيل وله أن يخاصم الموكل والوكيل بالشراء له أن يخاصم قبل الدفع إلى الموكل كالمضارب فإن برهن البائع على رضا الآمر أو أقر به الوكيل سقط الرد ولا يحلف الآمر على الرضا ولا وكيله ويرده الموكل بعد موت الوكيل بعيب وإذا رده المشتري على الوكيل استرد الثمن منه إن كان نقده إليه وإلا فمن الموكل . ا هـ .
وفي الولوالجية إذا لزمه دون الموكل هو الصحيح مطلقا . رد على الوكيل بإقراره بالعيب بلا قضاء
وظاهر ما في البزازية من الوكالة وهنا أن له أن يخاصم الموكل فليراجع وقيد بخيار العيب لأنه لو رد على المشتري بخيار رؤية أو شرط فإنه يرده على بائعه سواء كان بقضاء أو رضا لكونه فسخا في حق الكل كما في المعراج والبزازية معزيا إلى الجامع جدد البائع مع المشتري ثانيا بأقل من الثمن الأول أو أكثر ثم رد عليه بعيب لم يكن له أن يرد على بائعه الأول ا هـ .
وفي الصغرى فله أن يرد على المالك ويسترد القيمة لأن سبب الضمان البيع والتسليم وقد صار ذلك كأن لم يكن . ا هـ . الغاصب إذا باع المغصوب وسلم فضمن القيمة للمالك ثم رد عليه بعيب
وقيد بقوله فرد لأنه لو لا يحدث مثله وحدث عنده عيب ورجع بنقصان العيب القديم فعند باعه فاطلع مشتريه على عيب قديم به لا يرجع البائع على بائعه بنقصان العيب القديم أبي حنيفة وعندهما له أن يرجع كذا ذكره الإسبيجابي ومثله في الصغرى .