( قوله والمزابنة ) هو بالجر في الكل عطفا على الميتة أي لم يجز { بيع المزابنة } أما المزابنة فقال في الفائق بيع الثمر في رءوس النخل بالتمر لأنها تؤدي إلى النزاع ، والمدافعة من الزبن ، وهو الدفع ، والمحاقلة من الحقل ، وهو القراح من الأرض ، وهي الطيبة التربة الخالصة من شائبة السبخ الصالحة للزرع ، ومنه حقل يحقل إذا زرع ، والمحاقلة مفاعلة من ذلك ، وهي المزارعة بالثلث أو الربع وغيرهما ، وقيل هي اكتراء الأرض بالبر ، وقيل بيع الطعام في سنبله بالبر ، وقيل بيع الزرع قبل إدراكه ، وفي رواية ، { لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع المزابنة ، والمحاقلة } قال العرية النخلة التي يعريها الرجل محتاجا أي يجعل له ثمرتها فرخص للمعري أن يبتاع ثمرتها من المعرى بتمر لموضع حاجته سميت عرية لأنه إذا وهب [ ص: 83 ] ثمرتها فكأنه جردها من الثمرة وعراها منها ثم اشتق منها الإعراء ا هـ . ورخص في العرايا
واقتصر في الهداية في تفسير المحاقلة على القول الثالث ، وجوز بيع المزابنة فيما دون خمسة أوسق لنهيه عن المزابنة ، ورخص في العرايا ، وهي أن يباع بخرصها تمرا فيما دون خمسة أوسق ، وأجاب أصحابنا بأن العرية العطية لغة ، وتأويله أن يبيع المعري له ما على النخيل من المعرى بتمر مجذوذ ، وهو بيع مجاز لأنه لا يملكه فيكون برا مبتدأ كذا في الهداية ، وأصحابنا خرجوا عن الظاهر من ثلاثة أوجه الأول إطلاق البيع على الهبة . الثاني قوله رخص يخالف ما قرروه ، وجوابه أنه رخصة في الوفاء بالوعد ، والعزيمة أن يفي بالموعود فأعطى غيره مع كونه ليس بإخلاف للوعد رخصة . الثالث التقييد بما دون خمسة أوسق فائدة ، وعلى مذهبنا لا فائدة له ، وجوابه لأن الواقعة في القليل ، ومن مشايخنا من ادعى أن الترخيص في بيع العرايا منسوخ بالنهي عن بيع العرايا ، ومنهم من قال تعارض المحرم والمبيح فقدم المحرم ، وهو مردود بأن الرخصة متصلة بالنهي فلا يصح القول بنسخ الترخيص للاتصال ، وقد ثبت في الشافعي أنه { البخاري } فبطل القول بالنسخ ، والله الموفق . نهى عن بيع المزابنة ثم رخص بعد ذلك في بيع العرايا
والخرص الحرز ، وكذا لا يجوز بيع العنب بالزبيب ، ومعنى النهي أنه مال الربا فلا يجوز بيعه بجنسه مع الجهل كما لو كانا موضوعين على الأرض ثم اعلم أن تعريف المزابنة بأنها بيع الثمر بالتمر خلاف التحقيق ، والأولى أن يقال بيع الرطب بتمر إلى آخره لأن الثمر بالمثلثة حمل الشجر رطبا أو غيره ، وإذا لم يكن رطبا جاز لاختلاف الجنس ، ولو كان الرطب على الأرض كالتمر لم يجز بيعه متساويا عند العلماء إلا لما سيأتي في باب الربا . أبا حنيفة