( قوله ) أي لم يجز بيعه إهانة له لكونه نجس العين كأصله فالبيع هنا لو جاز لكان إكراما ، وفي الخمر والخنزير كذلك لو جاز لكان إعزازا ، وقد أمرنا بالإهانة ، وفي لبن المرأة لو جاز لكان إهانة لها ، وقد أمرنا بإعزاز الآدمي فالفعل الواحد ، وهو البيع هنا يجوز أن يكون إعزازا بالنسبة إلى محل ، وإهانة بالنسبة إلى آخر مثلا إذا أمر السلطان بعض الغلمان بالوقوف عند الفرس بحضرته كان إعزازا له ، ولو أمر القاضي بذلك لكان إهانة له ، وحاصله أن جواز بيع المهان إعزاز له ، وجواز بيع المكرم إهانة له ( قوله وينتفع به ) أي يجوز وشعر الخنزير دفعا لما يتوهم من منع بيعه ، ولكنه مقيد بالخرز للضرورة فإن ذلك العمل لا يتأتى بدونه ، ويوجد مباحا فلا حاجة إلى القول بجواز بيعه وشرائه حتى لو لم يوجد لم يكره شراؤه للأساكفة للحاجة ، وكره بيعه لعدمها كما أفتى به الانتفاع بشعر الخنزير ، وظاهر كلامهم منع الانتفاع به عند عدم الضرورة بأن أمكن الخرز بغيره ، ولذا قيل لا ضرورة إلى الخرز به لإمكانه بغيره ، وكان الفقيه أبو الليث لا يلبس خفا خرز بشعر الخنزير فعلى هذا لا يجوز بيعه ، ولا الانتفاع به ، ولذا روي عن ابن سيرين كراهة الانتفاع به إلا أن يقال إن إمكان الخرز بغيره ، وإن وقع لفرد بسبب تحمله مشقة في خاصة نفسه لا يجوز أن يلزم العموم حرجا مثله ، وحيث كان جواز الانتفاع به للضرورة [ ص: 88 ] والأصل أن ما ثبت للضرورة يتقدر بقدرها أفتى أبي يوسف بنجاسته فينجس الماء القليل إذا وقع فيه وطهره الإمام أبو يوسف لأن جواز الانتفاع به دليلها ، والصحيح قول محمد لما قدمناه ، وما ذكر في بعض المواضع من جواز صلاة الخرازين مع شعر الخنزير ، وإن كان أكثر من قدر الدرهم فهو مخرج على قول أبي يوسف بطهارته ، وأما على قول محمد فلا ، وهو الوجه لأن الضرورة لم تدعهم إلى أن يعلق بهم بحيث لا يقدرون على الامتناع عنه ، ويجتمع على ثيابهم هذا المقدار . أبي يوسف