قوله ( والقول لمدعي الرداءة والتأجيل لا لنا في الوصف والأجل ) أي إذا كان القول لمن ادعى الاشتراط فيهما لا لمن نفاه ; لأنه مدعي الصحة إذ السلم لا يجوز إلا مؤجلا موصوفا فشهد له الظاهر ; لأن الفاسد حرام والظاهر أن المسلم لا يباشره أطلقه فشمل ما إذا كان رب السلم مدعي الوصف أو المسلم إليه وفي الأول خلافهما اختلفا في اشتراط وصف السلم بأن قال أحدهما شرطناه رديئا ، وقال الآخر لم نشترط شيئا أو قال أحدهما شرطنا الأجل ، وقال الآخر لم نشترط شيئا علل بأنه مدعي الصحة وهما عللا بأن المسلم إليه منكر فالقول له وشمل أيضا ما إذا كان مدعي الأجل المسلم إليه أو رب السلم وفي الأول خلافهما لإنكاره وإذا قبل في الثاني قول رب السلم اتفاقا رجع إليه في مقدار الأجل أيضا فيقبل قوله في أصله ومقداره ، والأصل عند فالإمام أن القول لمدعي الصحة سواء كان الآخر متعنتا أو لا الإمام وعندهما القول للمنكر إن لم يكن متعنتا وهو من أنكر ما ينفعه وغير المتعنت من أنكر ما يضره هذا في الشريعة وأما المتعنت في اللغة فهو من يطلب العنت وهو الوقوع فيما لا يستطيع الإنسان الخروج عنه ، كذا في البناية .
ولو قال المصنف والقول لمدعي الوصف الشامل للرداءة والجودة لكان أولى ; لأن أحدهما لو قال شرطناه جيدا ونفى الآخر الاشتراط أصلا فالقول للمثبت قيد الاختلاف في أصل التأجيل لأنهما لو اختلفا في مقداره فالقول للطالب مع اليمين لإنكاره الزيادة وأي برهن قبل وإن برهنا قضي ببينة المطلوب لإثباتها الزيادة وإن اختلفا في مضيه فالقول للمطلوب لإنكاره توجه المطالبة فإن برهنا قضي ببينة المطلوب لإثباتها زيادة الأجل فالقول قوله أي المسلم إليه والبينة بينته ، أما إذا نظرنا إلى الصورة فهو منكر وإن نظرنا إلى المعنى فمعناه ثبوت الحق في الشهر المستقبل ، فإذا أقاما البينة فبينة المسلم إليه بمعناها أثبتنا حقا له في شهر لم يتعرض ببينة رب السلم لذلك الشهر فكانت بينته أولى ، كذا في إيضاح الكرماني ، ثم اعلم أن وهو أن الاختلاف في مقدار الأجل يعني أنه ما هو لا يوجب التحالف وفي الوصف يوجبه لكونه يجري مجرى الأصل وفي الخلاصة إذا بين الأجل والوصف فرقا فالقاضي يرى اثنين من أهل تلك الصنعة وهذا أحوط والواحد يكفي فإن قالا جيد أجبره على القبول . شرط في السلم الثوب الجيد فجاء بثوب وادعى أنه جيد وأنكر الطالب
فإذا اختلفا في السلم يتحالفان استحسانا ويبدأ بيمين المطلوب عند ، ثم رجع وقال بيمين الطالب وهو قول أبي يوسف وأي برهن قبل فإن برهنا قضي ببينة رب السلم بسلم واحد عند محمد ويقال هو قول أبي يوسف والمسألة على ثلاثة أوجه ; لأن رأس المال إما عين أو دين وكل وجه على ثلاثة أوجه اتفقا على رأس المال واختلفا في المسلم فيه أو على القلب أو اختلفا فيهما ، فإن أبي حنيفة لا غير ، فقال الطالب هذا الثوب في كر حنطة ، وقال الآخر في نصف كر أو في شعير أو في الحنطة الرديئة وأقاما البينة قضي ببينة رب السلم إجماعا وإن اختلفا في رأس المال فقال أحدهما هذا الثوب ، وقال الآخر هذا العبد واتفقا في المسلم فيه أنه الحنطة أو قال أحدهما هذا الثوب في كر حنطة ، وقال الآخر في كر شعير وأقاما البينة قضي بالسلمين كان رأس المال عينا واختلفا في المسلم فيه رحمه الله مر على أصله فمحمد يقول كل يدعي عقدا غير ما يدعيه الآخر ، وإن كان رأس المال دراهم أو دنانير إن وأبو يوسف فالبينة لرب السلم ويقضى بسلم واحد عند اتفقا في رأس المال واختلفا في المسلم فيه وأقاما البينة خلافا أبي يوسف وإن كان الاختلاف على القلب فعلى هذا الاختلاف ، ولو اختلفا فيهما فقال أحدهما عشرة [ ص: 185 ] دراهم في كرى حنطة ، وقال الآخر خمسة عشر في كر وأقاما البينة فعند لمحمد تثبت الزيادة فيجب خمسة عشر في كرين ولا يقضى بسلمين وعند أبي يوسف يقضى بسلمين عقد بخمسة عشر في كر وعقد بعشرة في كرين . محمد
ولو لم يذكر هذا وينبغي أن يقضى بسلمين كما في الثوبين ، كذا في فتح القدير . ادعى أحدهما أن رأس المال دراهم والآخر دنانير
والحاصل أنهما إن اختلفا في الجنس والصفة أو المقدار تحالفا سواء كان في رأس المال أو في المسلم إليه وإن فالقول لمثبته لا لنا فيه وإن اختلفا في مقدار الأجل فالقول لرب السلم وإن اختلفا في مضيه فالقول للمسلم إليه ، وإن اختلفا في اشتراط الوصف أو الأجل فالقول للمطلوب وفي اشتراطه فلمن أثبته وفي الظهيرية إذا اختلفا في بيان مكان الإيفاء تحالفا وكذا في الصفة بخلاف الاختلاف في الصفة في بيع العين ، ولو اختلفا في مكان الإيفاء فالقول للمطلوب وإن برهنا فللطالب عنده اختلفا في جنس المعقود عليه وعندهما يتحالفان ويترادان السلم وقيل على العكس . ا هـ .
وفي الصحاح ردأ الشيء يردأ رداءة فهو رديء أي فاسد وأردأته أي أفسدته . ا هـ .
وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى أولا في الدعوى التأجيل وفي النفي الأجل فظاهره أنه لا فرق بينهما عنده وليس كذلك لما في القاموس الأجل غاية الوقت في الموت وحلول الدين ومدة الشيء والجمع آجال والتأجيل تحديد الأجل . ا هـ .
والتحديد بمعنى التقدير وقدمنا أنهما لو اختلفا في مقداره فالقول للطالب فتعين أن يكون التأجيل في كلامه بمعنى الأجل مجازا بدليل الثاني .
[ ص: 183 - 184 ]