قوله ( ومن فهي حصتها وإن لم يبين أو قال من ثمنهما ) أما إذا لم يبين فلما ذكرنا أن أمرهما يحمل على الصلاح ، وأما إذا قال خذ هذا من ثمنهما فلأن التثنية قد يراد بها الواحد منهما قال الله تعالى { باع سيفا حليته خمسون بمائة ونقد خمسين نسيا حوتهما } والناسي أحدهما ، وقال تعالى { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } والمراد أحدهما وفي الحديث فأذنا وأقيما والمراد أحدهما فيحمل عليه لظاهر حالهما بالإسلام ونظيره في الفقه إذا حضتما حيضة أو ولدتما ولدا علق بأحدهما للاستحالة ، بخلاف ما إذا لم يذكر المفعول به للإمكان وقد فاته صورتان الأولى أن يبين ويقول خذ هذا نصفه من ثمن الحلية ونصفه من ثمن السيف ، الثانية أن يجعل الكل من ثمن السيف وفيهما يكون المقبوض ثمن الحلية لأنهما شيء واحد فيجعل عن الحلية لحصول مراده هكذا ذكره الشارح وفي المعراج معزيا إلى المبسوط لو انتقض البيع في الحلية ; لأن الترجيح بالاستحقاق عند المساواة في العقد أو الإضافة ولا مساواة بعد تصريح الدافع بكون المدفوع ثمن السيف خاصة والقول في ذلك قوله ; لأنه هو المملك فالقول له في بيان جهته . ا هـ . قال خذ هذه الخمسين من ثمن السيف خاصة ، وقال الآخر نعم أو قال لا وتفرقا [ ص: 213 ] على ذلك
وهكذا في العناية وفي السراج الوهاج ولو قال هذا الذي عجلته حصة السيف كان عن الحلية وجاز البيع ; لأن السيف اسم للحلية أيضا ; لأنها تدخل في بيعه تبعا ، ولو قال هذا من ثمن الجفن والنصل خاصة فسد البيع ; لأنه صرح بذلك وأزال الاحتمال فلم يمكن حمله على الصحة ا هـ .
ويمكن التوفيق بأن يحمل ما ذكره الشارح على ما إذا قال من ثمن السيف ولم يقل خاصة فيوافق ما في السراج الوهاج ، وأما ما في المبسوط وإنما قال خاصة وحينئذ كأنه قال خذ هذا عن النصل فليتأمل وسيتضح بعد ، قيد بقوله بمائة ; لأنه لو باعه بخمسين أو بأقل منها لم يجز للربا وإن باعه بفضة لم يدر وزنها لم يجز أيضا لشبهة الربا ففي ثلاثة أوجه لا يجوز البيع وفي واحد يجوز وهو ما إذا علم أن الثمن أزيد مما في الحلية ليكون ما كان قدرها مقابلا لها والباقي في مقابلة النصل هذا إذا كان الثمن من جنس الحلية فإن كان من خلاف جنسها زكى فما كان لجواز التفاصيل ولا خصوصية للحلية مع السيف والطوق مع الجارية بل المراد إذا جمع مع الصرف غيره فإن النقد لا يخرج عن كونه صرفا بانضمام غيره إليه ، وعلى هذا بيع المزركش والمطرز بالذهب أو الفضة وفي المبسوط وكان يكره بيعه بجنسه وبه نأخذ لاحتمال الزيادة والأولى بيعه بخلاف جنسه . محمد بن سيرين
قوله ( ولو افترقا بلا قبض صح في السيف دونها إن تخلص بلا ضرر وإلا بطلا ) أي بطل العقد فيهما ; لأن حصة الصرف يجب قبضها قبل الافتراق ، فإذا لم يقبضها حتى افترقا بطل فيه لفقد شرطه وكذا في السيف إن كان لا يتخلص إلا بضرر لتعذر تسليمه بدون ضرر كبيع جذع من سقف وإن كان يتخلص بدونه جاز لمقدرة على التسليم فصار كالجارية مع الطوق ، وذكر الشارح هنا ما نقلناه عن المبسوط سابقا ثم قال : قال الراجي عفو ربه : ينبغي أن تكون هذه كالمسألة المتقدمة من أنه يصرف إلى الحلية ومن أنه على التفصيل المتقدم ذكره يعني إن كانت الحلية تتخلص بغير ضرر صح في السيف خاصة وإلا بطل في الكل وفي المحيط لو قال من ثمن النصل خاصة فإن لم يمكن التمييز إلا بضرر [ ص: 214 ] يكون المنقود ثمن الصرف ويصحان جميعا ; لأنه قصد صحة البيع ولا صحة له إلا بصرف المنقود إلى الصرف فحكمنا بجوازه تصحيحا للبيع وإن أمكن تمييزها بغير ضرر بطل الصرف فعلى هذا ما ذكر في المبسوط محمول على ما إذا كانت الحلية تتخلص من غير ضرر توفيقا بينه وبين ما ذكر في المحيط ا هـ .
وفيه نظر ; لأن ما في المحيط إنما هو فيما إذا صرح بالنصل دون السيف ولا شك في عدم انصرافه إلى الحلية ; لأنه صريح كما قدمناه لكن بشرط أن يتخلص بلا ضرر وإلا صرفناها إلى الحلية وتركنا الصريح تصحيحا ; لأنه لولا ذلك بطل في الكل وما في المبسوط إنما هو فيما إذا قال خذ هذا من ثمن السيف خاصة فذكر السيف ولم يذكر النصل .
والحاصل أنه إن ذكر السيف ولم يقل خاصة صرف إلى الحلية مطلقا ، أعني سواء أمكن التمييز بلا ضرر أو لا ، وإن زاد خاصة أم لم يذكر السيف وإنما ذكر النصل لا ينصرف إليها ويصرف إلى النصل إن أمكن تخليصه بلا ضرر وإلا صرفناه إلى الحلية ، وفي البدائع إن ذكر أنه من ثمن السيف يقع عن الحلية وإن ذكر أنه من ثمن النصل ، فإن أمكن تخليصه بلا ضرر يقع عن المذكور ويبطل الصرف بالافتراق وإلا فالمنقود ثمن الصرف ويصحان . ا هـ .
وفي المغرب الحلية الزينة من الذهب أو فضة يقال حلية السيف والسرج وغيره وفي التنزيل { وتستخرجون حلية تلبسونها } أي اللؤلؤ والمرجان ا هـ .