قوله ( ويصح تعليق الكفالة بشرط  ملائم كشرط وجوب الحق كإن استحق المبيع ) أي ملائم لمقتضى العقد والملاءمة فيه بكونه سببا لوجوبه عبر عنه بالشرط مجازا ; لأن استحقاقه سبب لوجوب الثمن على البائع للمشتري ومن هذا القبيل ما في الآية فإن الكفالة بالجعل معلقة بسبب وجوبه وهو المجيء بالصاع فإنه سبب وجوب الجعل وقدمنا الكلام على الآية ومنه ما في الخلاصة ناقلا عن الأصل قال للمودع إن أتلف المودع وديعتك أو جحدك فأنا ضامن لك  صح وكذا إن قتلك أو ابنك فلان خطأ فأنا ضامن للدية  صح بخلاف إن أكلك سبع ونحوه مما ليس ملائما . ا هـ . 
والإضافة إلى سبب الوجوب حقيقي كما في الكتاب وحكمي كما إذا كفل بالأجرة فإنها لا تجب على الكفيل إلا باستيفاء الأصيل أو التمكن أو شرط التعجيل كأنه مضاف إلى سبب الوجوب وتمامه في إجارة البزازية . ( قوله : أو لإمكان الاستيفاء كأن قدم زيد وهو مكفول عنه ) فإن قدمه سبب موصل للاستيفاء منه ولم يذكر الشارحون للمختصر مفهوم قوله وهو مكفول عنه ومفهومه أنه لو علقها بقدوم زيد الأجنبي لم يصح وظاهر ما في القنية الصحة على الأصح قال فيها لا يصح التعليق بشرط غير متعارف كدخول الدار أو قدوم زيد إلا أن الأصح ما ذكر أبو نصر  أنه يصح بقدوم زيد ذكره في تحفة الفقهاء . ا هـ . 
وهو بإطلاقه شامل للأجنبي ولكن ينبغي أن يحمل على أنه مكفول عنه لقوله في العناية قيد بكون زيد مكفولا عنه ; لأنه إذا كان أجنبيا كان التعليق به باطلا كما في هبوب الريح . ا هـ . 
وهكذا في فتح القدير ، والحق أنه لا يلزم أن يكون مكفولا عنه قال في البدائع لأن قدومه وسيلة إلى الأداء في  [ ص: 240 ] الجملة لجواز أن يكون مكفولا عنه أو مضاربه به . ا هـ . 
ويدل عليه أيضا ما قدمناه من الأصح وعبارة البدائع أزالت اللبس وأوضحت كل تخمين وحدس وفي البزازية قال ضمنت لك عن فلان ألفا ، فإذا قدم فلان فأنا بريء منه إن كان فلان غريما له بألف  جاز شرط البراءة فإن كان فلان أجنبيا ليس بينه وبين الطالب والمطلوب تعلق في هذا الألف تصح الكفالة ويبطل شرط البراءة . ا هـ . 
فكما يصح تعليقها بقدوم الأصيل يصح تعليق البراءة منها بقدومه . قوله ( أولتعذره كأن غاب عن المصر ) لأن غيبته سبب لتعذر الاستيفاء ومنه ما في المعراج ضمنت كل مالك على فلان إن توى  فهو جائز وكذا إن مات ولم يدع شيئا فهو ضامن ، وكذا إن حل مالك على فلان ولم يوافك به فهو علي أو إن حل مالك على فلان فهو علي وإن مات فهو علي    . ا هـ . 
ومنه ما في البزازية إن غاب ولم يوافك به فأنا ضامن لما عليه  فإن هذا على أن يوافي به بعد الغيبة ، وعن  محمد  قال إن لم يدفع مديونك مالك أو لم يقضه فهو علي ، ثم إن الطالب تقاضى المطلوب فقال المديون لا أدفعه ولا أقضيه  وجب على الكفيل الساعة ، وعنه أيضا إن لم يعطك المديون دينك فأنا ضامن إنما يتحقق الشرط إذا تقاضاه ولم يعطه ذلك ، وفي الفتاوى إن تقاضيت ولم يعطك فأنا ضامن فمات قبل أن يتقاضاه ويعطيه  بطل الضمان ولو بعد التقاضي قال أنا أعطيك فإن أعطاه مكانه أو ذهب به إلى السوق أو منزله أو أعطاه جاز وإن طال ذلك ولم يعطه من يومه لزم الكفيل ، عبد مأذون مديون طالبه غريمه بكفيل خوفا من أن يعتقه مولاه فقال رجل إن أعتقه مولاه فأنا ضامن  جازت الكفالة . ا هـ . 
ومنه ما في القنية قال للدائن إن لم يؤد فلان مالك عليه إلى ستة أشهر فأنا ضامن له  يصح التعليق لأنه شرط متعارف . ا هـ . 
قوله ( ولا يصح بنحو إن هبت الريح  فتصح الكفالة ويجب المال حالا ) ومثله التعليق بنزول المطر ودخول الدار وقدوم زيد وهو غير مكفول عنه  وذكر الشارح أن المذكور في المختصر مذكور في الهداية والكافي وهو سهو فإن الحكم فيه أن التعليق لا يصح ولا يلزم المال ; لأن الشرط غير ملائم فصار كما لو علقه بدخول الدار ونحوه مما ليس بملائم ذكره قاضي خان وغيره ، ولو جعل الأجل في الكفالة إلى هبوب الريح  لا يصح التأجيل ويجب المال حالا . ا هـ . 
وهو سهو منه فإن المصنف  لم يقل فتصح الكفالة ويجب المال حالا والموجود في  [ ص: 241 ] النسخ المعتمدة الاقتصار على قوله ولا تصح بنحو إن هبت الريح ، ولذا لم ينسب العيني  السهو إلى المصنف  وإنما نسبه إلى الهداية فعلى هذا الأنسب أن يقرأ ولا تصح بالتاء أي الكفالة لا بالياء ليكون للتعليق وكل منهما مخطئ في نسبته إلى الهداية وعبارة الهداية هكذا فأما ما لا يصح بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر وكذا إذا جعل كل واحد منهما أجلا إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا ; لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لم تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق . ا هـ . 
لأن قوله إلا أنه تصح الكفالة إنما يعود إلى الأجل بنحو إن هبت الريح لا إلى التعليق بالشرط وقوله لما صح تعليقها معناه لما صح تأجيلها بأجل متعارف مجازا ومجوزه عدم الثبوت في الحال في كل واحد منهما وإنما صحت مع الأجل الغير المتعارف ولم تصح مع التعليق بغير المتعارف ; لأن التعليق يخرج العلة عن العلية كما عرف في الأصول والأجل عارض بعد العقد فلا يلزم من انتفائه انتفاء معروضه كما أشار إليه في العناية ، وفي فتح القدير فالحاصل أن الشرط الغير الملائم لا تصح معه الكفالة أصلا ومع الأجل الغير الملائم تصح حالا ويبطل الأجل لكن تعليل المصنف  هذا بقوله ; لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط يقتضي أن في التعليق بغير الملائم تصح الكفالة حالة وإنما يبطل الشرط والمصرح به في المبسوط وفتاوى قاضي خان  أن الكفالة باطلة فتصحيحه أن يحمل لفظ تعليقها على معنى تأجيلها بجامع أن في كل منها عدم ثبوت الحكم في الحال وقلد المصنف  في هذا الاستعمال لفظ المبسوط فإنه ذكر التعليق وأراد التأجيل هذا وظاهر شرح الأتقاني  المشي على  [ ص: 242 ] ظاهر اللفظ ، وفي الخلاصة كفل بماله على أن يجعل له الطالب جعلا فإن لم يكن مشروطا في الكفالة فالشرط باطل وإن كان مشروطا فيها فالكفالة باطلة . ا هـ . 
وهذا يفيد أنها تبطل بالشروط الفاسدة إذا كانت في صلبها . ا هـ . 
وهكذا في معراج الدراية ونقل في البناية ما في العناية والمعراج ولم يتعقبه ، وقد ظهر لي أنه لا حاجة إلى جعل التعليق بمعنى التأجيل بل المراد إنما صحت الكفالة مع هذا التأجيل ; لأن الكفالة لما صح تعليقها بشرط في الجملة وهو الملائم لم تبطل بالشروط الفاسدة والتأجيل بغير المتعارف شرط فاسد فلم تبطل به ولا يخالفه فرع الخلاصة ; لأنه الأجل بعد العقد كما قدمناه فليس في صلبها وفي الخانية كفل عن رجل بدين له على أن فلانا وفلانا يكفلان عنه بكذا وكذا من هذا المال فأبى الآخران أن يكفلا  قال الفقيه أبو بكر البلخي  الكفالة الأولى لازمة ولا خيار له في ترك الكفالة ا هـ . 
     	
		 
				
						
						
