( قوله : ) لقوله تعالى { وبدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال وجهها وكفيها وإن كان ابن عباس فسره بالثياب كما رواه ابن مسعود من حديث إسماعيل القاضي مرفوعا بسند جيد ولأن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عباس نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب } ولو كانا عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والإعطاء فلم يجعل ذلك عورة وعبر بالكف دون اليد كما وقع في المحيط للدلالة على أنه مختص بالباطن وأن ظاهر الكف عورة كما هو ظاهر الرواية وفي مختلفات قاضي خان ظاهر الكف وباطنه ليسا بعورة إلى الرسغ ورجحه في شرح المنية بما أخرجه أبو داود في المراسيل عن مرفوعا { قتادة } ولأن الظاهر أن إخراج الكف عن كونه عورة معلول بالابتلاء بالإبداء إذ كونه عورة مع هذا الابتلاء موجب للحرج وهو مدفوع بالنص وهذا الابتلاء كما هو متحقق في باطن الكف متحقق في ظاهره . ا هـ . أن المرأة إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل
والمذهب خلافه وللتنصيص على أن الذراع عورة وعن ليس بعورة واختاره في الاختيار للحاجة إلى كشفه للخدمة ولأنه من الزينة الظاهرة وهو السوار وصحح في المبسوط أنه عورة وصحح بعضهم أنه عورة في الصلاة لا خارجها والمذهب ما في المتون لأنه ظاهر الرواية كما صرح به في شرح منية المصلي واعلم أنه لا ملازمة بين كونه ليس بعورة وجواز النظر إليه فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة مع انتفاء العورة ولذا حرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ولا عورة ، كذا في شرح المنية قال مشايخنا تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة وشمل كلامه الشعر المترسل وفيه روايتان وفي المحيط والأصح أنه عورة ، وأما غسله في الجنابة فموضوع على الصحيح واستثنى أبي يوسف المصنف القدم للابتلاء في إبدائه خصوصا الفقيرات وفيه اختلاف الرواية عن والمشايخ [ ص: 285 ] فصحح في الهداية وشرح الجامع الصغير أبي حنيفة لقاضي خان أنه ليس بعورة واختاره في المحيط
وصحح الأقطع وقاضي خان في فتاويه على أنه عورة واختاره الإسبيجابي والمرغيناني وصحح صاحب الاختيار أنه ليس بعورة في الصلاة وعورة خارجها ورجح في شرح المنية كونه عورة مطلقا بأحاديث منها ما رواه أبو داود عن والحاكم أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم { أم سلمة } ولظاهر الآية على ما تقدم من تفسيرها عن أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار فقال إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها عائشة موقوفا ومرفوعا وصرح في النوازل بأن نغمة المرأة عورة وبنى عليه أن تعلمها القرآن من المرأة أحب إلي من تعلمها من الأعمى ولهذا قال صلى الله عليه وسلم { وابن عباس } فلا يجوز أن يسمعها الرجل ومشى عليه التسبيح للرجال والتصفيق للنساء المصنف في الكافي فقال ولا تلبي جهرا ; لأن صوتها عورة ومشى عليه صاحب المحيط في باب الأذان وفي فتح القدير وعلى هذا لو قيل إذا جهرت بالقرآن في الصلاة فسدت كان متجها . ا هـ .
وفي شرح المنية الأشبه أن صوتها ليس بعورة ، وإنما يؤدي إلى الفتنة كما علل به صاحب الهداية وغيره في مسألة التلبية ولعلهن إنما منعن من رفع الصوت بالتسبيح في الصلاة لهذا المعنى ولا يلزم من حرمة رفع صوتها بحضرة الأجانب أن يكون عورة كما قدمناه وفي الظهيرية الصغيرة جدا لا تكون عورة ولا بأس بالنظر إليها ومنها وفي السراج الوهاج ، وأما فما داما لم يشتهيا فالقبل والدبر ، ثم يتغلظ بعد ذلك إلى عشر سنين ، ثم يكون كعورة البالغين ; لأن ذلك زمان يمكن بلوغ المرأة فيه وكل عضو هو عورة من المرأة إذا انفصل منها هل يجوز النظر إليه فيه روايتان إحداهما يجوز كما يجوز النظر إلى ريقها ودمعها والثانية لا يجوز وهو الأصح وكذا عورة الصبي والصبية والأصح أنه لا يجوز . ( قوله : الذكر المقطوع من الرجل وشعر عانته إذا حلق ) ; لأن قليل الانكشاف عفو عندنا للضرورة فإن ثياب الفقراء لا تخلو عن قليل خرق كالنجاسة القليلة والكثيرة مفسد لعدمها فاعتبر الربع وأقيم مقام الكل احتياطا ; لأن للربع شبها بالكل كما في حلق ربع الرأس فإنه يجب به الدم كما لو حلق كله وكشف ربع ساقها يمنع وكذا الشعر والبطن والفخذ والعورة الغليظة
وأما ما وقع في الهداية من التشبيه بمسح الرأس ففيه إشكال فإنه لم يكن الواجب فيه مسح جميع الرأس ; لأن النص لم يتناول إلا البعض ، أما في الإحرام فالنص تناوله كله قال الله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم } فأقيم ربعه مقام كله أطلق في الشعر فشمل ما على الرأس والمسترسل وفي الثاني خلاف ، وقد قدمنا أن الصحيح أنه عورة وأراد بالغليظة القبل والدبر وما حولهما والخفيفة ما عدا ذلك من الرجل والمرأة ونص على الغليظة للرد على القائل بأنه يعتبر في الغليظة ما زاد على قدر الدرهم قياسا على النجاسة المغلظة قال الكرخي المصنف في الكافي وهذا ليس بقوي ; لأنه قصد به التغليظ في الغليظة وهو في الحقيقة تخفيف ; لأنه اعتبر في الدبر أكثر من قدر الدرهم والدبر لا يكون أكثر منه فهذا يقتضي جواز الصلاة وإن كان الكل مكشوفا وهو تناقض ، وقد أجاب عنه في فتح القدير بأنه قد قيل الغليظة القبل والدبر مع ما حولهما فيجوز كونه اعتبر ذلك فلا يرد عليه ما قالوه . ا هـ .
وهو عجيب ; لأنه لا يفهم مما قيل أن المجموع عضو واحد بل بيان العورة الغليظة كيف ، وقد صرحوا بأن كلا من الذكر والخصيتين عضو مستقل وصححه في الهداية والخانية ; لأن كلا منهما يعتبر عضوا على حدته [ ص: 286 ] في الدية فكذا هنا للاحتياط وفي رواية أن الكل عضو واحد وعلى كل تقدير لم يقل أحد بأن القبل والدبر عضو واحد إلا أن يقال إن مراده أن القبل مع ما حوله عضو والدبر مع ما حوله عضو ، وأما الركبة مع الفخذ فالأصح أنهما عضو واحد ، كذا في التجنيس وهو المختار ، كذا في الخلاصة ; لأن الركبة ملتقى عظم الساق والفخذ فليست بعضو مستقل في الحقيقة ، وإنما جعلت عورة تبعا للفخذ احتياطا فعلى هذا لو فإنه يجوز ، كذا في المنية وفي شرحها والصحيح أن الكعب ليس بعضو مستقل بل هو مع الساق عضو واحد فعلى هذا إنما يمنع ربع الساق مع ربع الكعب أو مقدار ربعهما والدبر عضو واحد وكل ألية عضو واحد وهو الأصح وكل أذن عضو على حدة وثدي المرأة إن كانت ناهدة فهي تبع لصدرها وإن كانت منكسرة فهي أصل بنفسها والناهدة بمعنى النافرة من الصدر غير مسترخية والثدي يذكر ويؤنث والتذكير أشهر ولم يذكر في المغرب سوى التذكير وما بين السرة والعانة عضو والمراد منه حول جميع البدن ، كذا في المحيط وفي الزيادات امرأة صلت فانكشف شيء من فخذها وشيء من ساقها وشيء من صدرها وشيء من عورتها الغليظة ولو جمع بلغ ربع عضو صغير منها لم تجز صلاتها ; لأن جميع الأعضاء عند الانكشاف كعضو واحد فيجمع كالنجاسة المتفرقة في مواضع والطيب للمحرم في مواضع بخلاف الخروق كما قدمنا في المسح على الخفين صلى وركبتاه مكشوفتان والفخذ مغطى
وذكر الشارح أنه ينبغي أن يعتبر بالأجزاء وإلا يمنع القليل فلو انكشف نصف ثمن الفخذ ونصف ثمن الأذن وذلك يبلغ ربع الأذن أو أكثر لا ربع جميع العورة المنكشفة لا تبطل وحاصله أنه ينظر إلى مجموع الأعضاء المنكشفة بعضها وإلى مجموع المنكشف ، فإن بلغ مجموع المنكشف ربع مجموع الأعضاء منع وإلا فلا وهو ظاهر كلام في الزيادات في موضع آخر حيث قال إذا صلت وانكشف شيء من شعرها وشيء من ظهرها وشيء من فرجها إن كان بحال لو جمع بلغ الربع منع وإلا فلا ثم قال محمد الزاهدي ولم يذكر أنه بلغ ربع أصغرها أم أكبرها وفي شرح المجمع لابن الملك
اعلم أن انكشاف ما دون الربع معفو إذا كان في عضو [ ص: 287 ] واحد وإن كان في عضوين أو أكثر وجمع بلغ ربع أدنى عضو منها يمنع جواز الصلاة . ا هـ .
وهو تفصيل لا دليل عليه فإن الدليل اقتضى اعتبار الربع سواء كان في عضو واحد أو عضوين وأطلق في المنع وهو مقيد بما إذا كان في الزمن الكثير لما في فتح القدير الحاصل أن الانكشاف الكثير في الزمن القليل لا يفسد والانكشاف القليل في الزمن الكثير أيضا لا يفسد والمفسد الانكشاف الكثير في الزمن الكثير ، وقدر الكثير ما يؤدى فيه ركن والقليل دونه فلو انكشف فغطاها في الحال لا تفسد إن لم يكن بفعله وإن كان بفعله فسدت في الحال عندهم ، كذا في القنية وهو تقييد غريب وهذا عند أبي يوسف اعتبر أداء الركن حقيقة ، وعلى هذا الخلاف لو قام في صف النساء للازدحام أو قام على نجاسة مانعة ، وإنما عبر ومحمد المصنف بالمنع دون الفساد ليشمل ما إذا أحرم مكشوف العورة فإنه مانع من الانعقاد وما إذا انكشف بعد الإحرام فإنه يمنع صحتها ، وحكم النجاسة المانعة كالانكشاف المانع وتفرع على ما ذكرنا ما في المحيط أمة صلت بغير قناع فرعفت ، ثم أعتقت فتوضأت ، ثم تقنعت وعادت إلى الصلاة جازت ; لأنها ما أدت شيئا من الصلاة مع كشف العورة وإن عادت ، ثم تقنعت فسدت ; لأنها أدت شيئا من الصلاة مع الكشف .