( قوله ) لأن المحتال هو صاحب الحق وتختلف عليه الذمم فلا بد من رضاه لاختلاف الناس في الإيفاء ، وأما المحال عليه فيلزمه المال ويختلف عليه الطلب والناس متفاوتون قيد برضاهما ; لأنها لا تصح مع إكراه أحدهما كما قدمناه وأراد من الرضا القبول في مجلس الإيجاب لما قدمناه أن قبولهما في مجلس الإيجاب شرط الانعقاد ، وهو مصرح به في البدائع ولكن في البزازية لو برضا المحتال والمحال عليه صحت ولا تصح في غيبة المحتال كالكفالة إلا أن يقبل [ ص: 270 ] رجل له الحوالة ا هـ . أحال على غائب فقبل بعدما علم
فجعل القبول من المحتال والرضا منهما مع أنه قال الحوالة تعتمد قبول المحتال والمحال عليه ، ولم يذكر المصنف رضا المحيل فإنه ليس بشرط على ما ذكره في الزيادات وشرطه محمد وإنما شرطه للرجوع عليه فلا اختلاف في الروايات كما في إيضاح الإصلاح . القدوري
والحاصل أنها إن كانت بغير رضا المحيل وكان له دين على المحال عليه فله مطالبته بدينه وإن لم يكن له دين عليه فلا رجوع للمحال عليه ; لأنه قضى دينه بغير أمره كما في السراج الوهاج ، .
وكذا حضرته ليست شرطا حتى لو صحت فليس له أن يرجع بعد ذلك ، بخلاف ما لو قيل لصاحب الدين لك على فلان ألف فاحتل بها علي ورضي الطالب بذلك وأجاز لا يجوز عند قيل للمديون عليك ألف لفلان فأحله بها علي فقال المديون أحلت ، ثم بلغ الطالب فأجاز الإمام كذا في البزازية ، وكذا لو كان المحتال غائبا كما قدمناه وفيها معزيا إلى المنتقى ومحمد فالحوالة جائزة ا هـ . قال الآخر أحلني على فلان وسكت ، ثم قال لم أقبل
ولم يقيد المصنف رحمه الله تعالى بأن يكون الدين المحال به معلوما ، ولا بد منه لصحتها لما في البزازية بأن قال احتلت بما يذوب لك على فلان لا تصح الحوالة مع جهالة المال ، ولا تصح أيضا الحوالة بهذا اللفظ ، والحوالة متى حصلت مبهمة يثبت الأجل في حق المحتال عليه كما في الكفالة ، ولو احتال بمال مجهول على نفسه فهو جائز ، وإن كان المال حالا على الذي عليه الأصل من قرض أو غصب فأحاله به على رجل إلى سنة عاد المال إلى المحيل حالا ، فرق بين الحوالة والكفالة فإن الكفيل إذا كفل بدين وأجل الطالب الدين ولم يضف الأجل إلى الكفيل صار الأجل مشروطا للأصيل حتى لو مات الكفيل كان الدين على الأصيل مؤجلا ، وفي الحوالة متى أضاف الأجل إلى الدين ولم يضف إلى المحتال عليه لا يصير الأجل مشروطا في حق الأصيل حتى لو مات المحتال عليه مفلسا لا يعود [ ص: 271 ] الدين إلى الأصيل حالا ا هـ . مات المحتال عليه قبل انقضاء الأجل
ومن الغريب ما في المجتبى أحال الغريم بغير رضا المحال عليه لا يجوز وقيل يجوز كالتوكيل بقبض الدين ، وفي شروط الظهيرية رضا من عليه الحوالة ليس بشرط إجماعا .
قلت : معناه إذا كان المحال به مثل الدين . ا هـ .
والمذهب المعتمد أنه لا بد من رضا المحال عليه سواء كان عليه دين أو لا ، وسواء كان المحال به مثل الدين أو لا ، ثم اعلم أن ففي البزازية الحوالة إذا صحت برضا المحال عليه وغاب المحيل فادعى المحال عليه ما يوجب براءة المحيل ليبرأ فهل تسمع دعواه لا تصح دعواه ، وإن برهن على ذلك كما في الكفالة ا هـ . غاب المحيل وزعم المحتال عليه أن مال المحتال على المحيل كان ثمن خمر
وفي فروق الكرابيسي لو لا تقبل بينته ولو ادعى أنها كانت أبرأت زوجها عن صداقها ، أو أن الزوج أعطاها المهر أو باع بصداقها منها شيئا ، وقبضت قبلت بينته وإن كان المبيع غير مقبوض لا تقبل بينته ، والفرق أن مدعي فساد النكاح متناقض أو ; لأنه يدعي أمرا مستنكرا فلا تسمع دعواه بخلاف دعوى الإبراء أو البيع ; لأنه غير مستنكر وكذا هذا في الكفالة ا هـ . أحال امرأته بصداقها على رجل وقبل الحوالة ثم غاب الزوج فأقام المحتال عليه بينة أن نكاحها كان فاسدا ، وبين لذلك وجها
فعلى هذا لو ادعى المحيل أنه أوفاه الدين بعدها تسمع وتقبل بينته ; لأنه غير مستنكر .