( قوله لا في دين ولده ) أي ; لأنه لا يستحق العقوبة بسبب ولده [ ص: 315 ] ولذا لا قصاص عليه بقتله ولا بقتل مورثه ، ولا يحد بقذفه ولا بقذف أمه الميتة بطلبه ، وقولهم هنا أنه لا قصاص بقتله يقتضي أن المراد الأصل أبا أو أما أو جدا لأب أو لأم لتصريحهم في باب الجنايات أن الجد لأم لا قصاص عليه بقتل ولد بنته فكذا لا يحبس بدينه وفي المحيط ولا يحبس الأبوان والجدان والجدتان إلا في النفقة لولدهما ا هـ . لا يحبس أصل في دين فرعه
وظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين الموسر والمعسر ولكن ينبغي أن يتنبه لشيء وهو أنه إذا كان موسرا وامتنع من قضاء دين ولده ، وقلنا لا يحبس فالقاضي يقضي دينه من ماله إن كان من جنسه وإلا باعه للقضاء كبيعه مال المحبوس الممتنع عن قضاء دينه ، والصحيح عندهما بيع عقاره كمنقوله ، ولو قال المديون : أبيع عرضي وأقضي ديني أجله القاضي ثلاثة ولا يحبسه ولو له عقار يحبسه ليبيعه ويقضي الدين ولو بثمن قليل كما في البزازية ، وسيأتي تمامه في الحجر إن شاء الله تعالى فيبيع القاضي مال الأب لقضاء دين ابنه إذا امتنع ; لأنه لا طريق له إلا البيع ، وإلا ضاع وقيد بدين الولد ; لأن الولد يحبس بدين أصله ، ويحبس القريب بدين قريبه كما في الخانية وقد كتبنا في الفوائد الفقهية أن من لا يحبس سبعة الأول الأصل في دين فرعه . الثاني المولى في دين عبده المأذون غير المديون وإن مديونا يحبس لحق الغرماء . الثالث العبد لا يحبس بدين مولاه أطلقه الشارح فظاهره ولو كان مديونا . الرابع المولى لا يحبس بدين مكاتبه إن كان من جنس بدل الكتابة لوقوع المقاصة ، وإلا يحبس لتوقفها على الرضا . الخامس لا يحبس المكاتب بدين الكتابة وإن كان دينا آخر يحبس به للمولى ومنهم من منعه لأنه يتمكن من إسقاطه بالتعجيز ، وصححه في المبسوط وعليه الفتوى كما في أنفع الوسائل .
السادس لا يحبس صبي على دين الاستهلاك ولو له مال من عروض وعقار إذا لم يكن له أب ولا وصي والرأي إلى القاضي فيأذن في بيع بعض ماله للإيفاء ، وإن كان له أب أو وصي فإنه يحبس إذا امتنع من قضاء دينه من ماله ، ولا يحبس الصبي إلا بطريق التأديب حتى لا يتجاسر إلى مثله إذا باشر شيئا من أسباب التعدي قصدا ، أما إذا كان خطأ فلا كذا في المبسوط من كتاب الكفالة وفي المحيط لا على وجه العقوبة حتى لا يماطل حقوق العباد فإن الصبي يؤدب لينزجر عن الأفعال الذميمة . السابع إذا كان للعاقلة عطاء لا يحبسون في دية وأرش ، ويؤخذ من العطاء وإن لم يكن لهم عطاء يحبسون كذا في البزازية ، ويزاد هنا مسألتان قدمناهما لا يحبس المديون إذا علم القاضي أن له مالا غائبا أو محبوسا موسرا فصارت تسعا . قوله ( إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه ) فيحبس ; لأنها لحاجة الوقت وهو بالمنع قصد إهلاكه فيحبس لدفع الهلاك عنه ، ألا ترى أن له قتله دفعا عن نفسه وهكذا حكم الأجداد [ ص: 316 ] والجدات وإن علوا ; لأن في ترك الإنفاق سعيا في هلاكهم ، وقيد في السراج الوهاج الولد بالصغر والفقر فظاهره أنه إذا كان بالغا زمنا فقيرا لا يحبس أبوه إذا امتنع من الإنفاق عليه مع أن النفقة واجبة عليه وفيه تأمل لا يخفى . وللقاضي أن يحبس الصبي التاجر على وجه التأديب
والحاصل أنه إذا يحبس ، وفي فتح القدير ويتحقق الامتناع بأن تقدمه في اليوم الثاني من يوم فرض النفقة ، وإن كان مقدار النفقة قليلا كالدانق إذا رأى القاضي ذلك فأما بمجرد فرضها لو طلبت حبسه لم يحبسه ; لأن العقوبة تستحق بالظلم وهو بالمنع بعد الوجوب ، ولم يتحقق فهذا يقتضي أنه إذا لم يفرض لها ولم ينفق الزوج عليها في يوم ينبغي إذا قدمته في اليوم الثاني أن يأمره بالإنفاق فإن رجع فلم ينفق أوجعه عقوبة ، وإن كانت النفقة سقطت بعد الوجوب فإنه ظالم لها ، وهو قياس ما أسلفناه في باب القسم من قولهم إذا لم يقسم لها فرفعته يأمره بالقسم وعدم الجور فإن ذهب ولم يقسم فرفعته أوجعه عقوبة ، وإن كان ما ذهب لها من الحق لا يقضى ويحصل بذلك ضرر كبير ا هـ . امتنع من الإنفاق على أصله وإن علا وفرعه وإن سفل وعلى زوجته
وفي فتاوى قارئ الهداية إذا لم يكن الزوج صاحب مائدة وعلم القاضي أنه يضارها في الإنفاق فرض نفقتها عليه دراهم بقدر حالهما ، وإذا امتنع من أن يفرض شيئا حبس حتى يفرض ا هـ .
وهو مشكل ; لأن القاضي يفرض إذا امتنع فلا حاجة إلى فرض الزوج ليحبس إذا امتنع . والله أعلم .