( قوله زائغة مستطيلة يتشعب عنها مثلها غير نافذة لا يفتح أهل الأولى فيها بابا بخلاف المستديرة ) أي سكة كما في المعراج وفسرها تاج الشريعة بالسكة غير النافذة سميت بذلك لزيغها عن الطريق الأعظم وفسرها في غاية البيان بالمحلة سميت بها لميلها من طرف إلى طرف من زاغت الشمس إذا مالت وفي التهذيب الزائغة الطريق الذي حاد عن الطريق الأعظم والمستطيلة الطويلة من استطال بمعنى طال ولم يقيد المؤلف الأولى صريحا بكونها غير نافذة تبعا لما في أكثر الكتب وقيدها في الهداية تبعا للفقيه أبي الليث والتمرتاشي ويمكن أن يفهم كلام المؤلف عليه لقوله مثلها غير نافذة فجعل الثانية كالأولى بقيد عدم النفاذ وصورة الطويلة هكذا فالذي يمكنه بأن يفتح بابا في الزائغة لقصوى هو صاحب الدار التي في ركن الزائغة الثانية وإنما قلنا ليس له ذلك ; لأن فتحه للمرور ولا حق لأهل الزائغة الأولى في المرور في الزائغة القصوى بل هو لأهلها على الخصوص ولذا لو بيعت دار في القصوى لم يكن لأهل الأولى شفعة بخلاف أهل القصوى [ ص: 32 ] فإن لأحدهم أن يفتح بابا في الأولى ; لأن له حق المرور فيها وبخلاف النافذة فإن المرور فيها حق العامة ولا خلاف أن له أن يفتح وقال البعض أنه لا يمنع من الفتح بل من المرور ; لأن فتح الباب رفع جداره وله رفعه كله فله رفع بعضه .
والأصح المنع من الفتح نص عليه في الجامع ولأن المنع بعد الفتح لا يمكن لعسر المراقبة وربما على طول الزمان يدعي حق المرور مستدلا بفتح الباب ويكون القول له للظاهر الذي معه وهو فتح الباب وقوله بخلاف المستديرة معناه لو كانت المتشعبة مستديرة فلهم أن يفتحوا ; لأن لكل منهم حق المرور في كلها إذ هي ساحة مشتركة غاية الأمر أن فيها اعوجاجا ولذا الكل يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار فيها وهذه صورتها وهنا فصول الأول في تصرف أهل المحلة فيها الثاني في تصرف الجيران فيما بينهم الثالث في تعمير المشترك إذا خرب وما يتعلق بالمشترك أما الأول ففي فتح القدير محمد لا يمنع وكذا لو أراد أن يبني آريا أو دكانا وهو المصطبة ا هـ . زقاق غير نافذ أراد إنسان من أهله أن يتخذ طينا إن ترك من الطريق قدر الممر للناس ويرفعه سريعا ويفعل في الأحايين مرة
وفي الخلاصة المختار أنه ليس له ذلك ا هـ . لرجل دار ظهرها إلى سكة غير نافذة مشتركة بينه وبين غيره أراد أن يفتح بابا
وزاد في البزازية وإن جعلها مسجدا إن كان الجدار إلى الطريق الأعظم جاز وإلا فهو مسجد ضرار ثم قال وفي الفتاوى قال سكة غير نافذة مشتركة بين عشرة لكل منهم دار غير أن لأحدهم دارا في سكة أخرى لا طريق لها في هذه السكة وليست بحيال داره التي في هذه غير أن حائطها في هذه السكة أبو نصر له فتح باب في هذه السكة ; لأن أهل السكة شركاء فيها من أعلاها إلى أسفلها ا هـ .
وفي التتمة ليس له ذلك ا هـ . زقاق غير نافذ قد اشترى رجل في القصوى دارا فأراد أن يهدمها ويجعلها طريقا نافذا
زاد في البزازية وإن أراد أن يجعلها مسجدا له ذلك ولمن شاء أن يدخله ويصلي فيه وليس لهم أن يتخذوه طريقا يمرون فيه وفي العمادية جعل الخان لنزول الناس فيه كالمسجد ولو أراد أن يجعلها طريقا خاصا له قال الفقيه أبو القاسم يرفع أهل السكة الأمر إلى القاضي فيوجه عدلين يصوران له الأمر على كاغدة فإن كان ضررا فاحشا منعه وإلا لا كذا في الذخيرة ولو كانت فالقياس أن له ذلك وأفتى له دار في محلة عامرة فأراد أن يخربها بالمنع استحسانا وقال الكرخي الصدر الشهيد الفتوى اليوم على القياس وإذا تضرر الجيران من ذلك هل لهم جبره على البناء في غصب فتاوى سمرقند لهم ذلك وقال الصدر الشهيد المختار أنهم ليس لهم ذلك ا هـ .
وفي التتمة قال في سكة غير نافذة ليس لأصحابها بيعها ولا قسمتها بينهم ; لأن الطريق الأعظم إذا كثر فيه الناس كان لهم الدخول للزحام الثاني في تصرف الجيران أبو حنيفة لم يكن للجار منعه وقال أراد الجار أن يعلي حيطانه في هواء مشترك السعدي بالمنع وهو مروي عن ولذا كان الراجح وله صورتان أيضا منها محمد فله منعه ومنها حائط بين رجلين قدر قامة فأراد أحدهما أن يزيد في طوله وأبى الآخر ففي التتمة ليس له منعه إلا أن يكون شيئا خارجا عن الرسم بما كان أكثر من ذراعين كما في البزازية وفي شرح المنظومة . نقض الشريكان الجدار الذي بينهما فأراد أحدهما أن يرفعه أطول مما كان
وينبغي أن يكون هذا هو المعتمد وفي الخلاصة وغيرها أراد أن يتخذ داره بستانا ليس لجاره منعه إذا كانت الأرض صلبة ولا يتعدى ضرر الماء إلى جاره وإن كانت رخوة فله منعه وعلى هذا إذا جعلها طاحونة أو للقصارة أو أراد أن يبنيها حماما أو إصطبلا ا هـ .
وذكر في كتاب الاستحسان أن الرازي كما يكون في الدكاكين أو رحى للطحين أو مدقات للقصارين لم يجز ; لأن ذلك [ ص: 33 ] يضر بجيرانه ضررا فاحشا لا يمكن التحرز عنه فإنه يأتي منه الدخان الكثير الشديد ورحى الطحن ودق القصارين يوهن البناء بخلاف الحمام فإنه لا يضر إلا بالنداوة ويمكن التحرز عنه بأن يبني حائطا بينه وبين جاره وبخلاف التنور الصغير المعتاد في البيوت قال الدار إذا كانت مجاورة للدور فأراد صاحبها أن يبني فيها تنورا للخبز الدائم الحسام الشهيد وكان أبو عبد الله الصيمري تارة يفتي بمنع بناء التنور في ملكه للخبز الدائم في وسط البزازين وتارة يفتي بأن له ذلك والقياس أن له ذلك في الكل لكن ترك القياس وأخذ بالاستحسان لأجل المصلحة واختلف أصحابنا فمنهم من فصل ومنهم من لم يفصل على حسب الحال .
قال وكان الشيخ الإمام الأجل برهان الأئمة يفتي بأنه إن كان الضرر بينا يمنع وبه يفتى هكذا ذكر في كتاب الحيطان للحسام والظاهر أن برهان الأئمة هو والده فقد نقل عنه ذلك البزازي وأن والده كان يفتي به وعليه الفتوى قال وهذا جواب المشايخ وجواب الرواية عدم المنع ثم قال فقال يسد علي الريح والشمس له الرفع وله أن يتخذه حماما أو تنورا فإن كف عما يؤذي جاره فهو أحسن فقد جاء في الحديث أن { أصابه ساحة في القسمة فأراد أن يبني عليها ويرفع له البناء ومنعه الآخر من أذى جاره ورثه الله تعالى داره } وقد جرب فوجد كذلك وقال نصير والصفار له المنع ولو فتح صاحب البناء في علو بنائه بابا أو كوة لا يلي صاحب الساحة منعه بل له أن يبني ما يستر جهته ولو لم يجبر عليه ولا يضمن عليه إلا إذا انهدم من النز اتخذ في ملكه بئرا أو بالوعة تنز إلى حائط جاره وطلب منه تحويله والإمام ظهير الدين كان يفتي بجواب الرواية وفيها وعن أستاذنا أنه يفتى بقبول وصحح الإمام النسفي في الحمام أن الضرر إن كان فاحشا يمنع وإلا فلا .
والحاصل أن الذي عليه غالب المشايخ من المتأخرين الاستحسان في أجناس هذه المسائل وأفتى طائفة بجواب القياس المروي واختار في العمادية المنع إذا كان الضرر بينا وظاهر الرواية خلافه وذكر العلامة ابن الشحنة أن في حفظه أن المنقول عن أئمتنا الخمسة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر أنه لا يمنع عن التصرف في ملكه وإن أضر بجاره قال وهو الذي أميل إليه وأعتمده وأفتي به تبعا لوالدي شيخ الإسلام رحمه الله تعالى . ا هـ . والحسن بن زياد
ورجح في فتح القدير أيضا جواب الرواية وقال إنه ظاهر المذهب قال وحكي عن أن رجلا شكا إليه من بئر حفرها جاره في داره فقال احفر في دارك بقرب تلك البئر بالوعة ففعل فتنجست البئر فكبسها صاحبها ولم يفته بمنع الحافر بل هداه إلى هذه الحيلة ثم قال : وأما قوله صلى الله عليه وسلم { أبي حنيفة } فلا شك أنه عام مخصوص للقطع بعدم امتناع كثير من الضرر كالتعازير والحدود إلى آخر ما ذكره وفي غصب البزازية لا ضرر ولا ضرار إن دخل الوهن بسبب ما ألقى وحمل ضمن هدم داره فانهدم من ذلك بناء جاره لا يضمن ، وأما الثالث وهو ما يتعلق بالمشترك وفيه نوعان الأول فيما لأحدهما فعله والثاني في تعميره إذا خرب أما الأول ففي وقف النوازل دار مشتركة بين قوم لبعضهم أن يربطوا الدابة فيها وأن يضعوا الخشبة على وجه لا يضر بصاحبه وأن يتوضئوا بحيث لا تضيق عليهم الطريق لمرورهم ولو عطب بها أحد لا يضمن ولو حفر الأرض يؤمر أن يسويها فإن نقص الحفر يضمن النقصان وكذا لو كان الطريق بين قوم وهو غير نافذ غير أن في الطريق لا يضمن نقصان الحفر . ا هـ . هدم بيته وألقى ترابا كثيرا لزيق جدار جاره ووضع فوقه لبنا كثيرا حتى انهدم جدار جاره
ولو أن يقال له إما أن تتركه يدخل ويصلح ويفعل أو تفعل بمالك كذا روي عن لرجل حائطا ووجهه في دار رجل فأراد أن يطين حائطه ولا سبيل إليه إلا بدخوله دار الرجل أو انهدم الحائط فوقع نقضه في داره فأراد أن يدخل ليشيل الطين وغيره فمنعه صاحب الدار أو له مجرى ماء في داره فأراد حفره وإصلاحه ولا يمكن إلا بدخول دار الرجل وهو يمنعه وبه أخذ محمد كذا في فتح القدير وفي جامع الفصولين من فصل الحيطان لو لأحدهما عليه خشبة فللآخر وضع مثله إن كان الحائط يحتمل وإلا يؤمر شريكه برفع بعض الخشبة إلى آخره ، وأما الثاني فلا جبر على الآبي ; لأن الإنسان لا يجبر [ ص: 34 ] على إصلاح ملكه سواء كانت دارا أو حماما أو حائطا هكذا في أكثر الكتب وفي خزانة الأكمل من كتاب الشركة الفقيه أبو الليث لا يجبر أحدهما على البناء مع شريكه ولكن لشريكه أن يبني ثم يؤجره ويأخذ من غلته نفقته فكذا في تحويل آبار القناة أو أنهار آبارها أما لو احتاجت القناة إلى مرمة من رفع طين وفتح سدد وعيون فإنه يجبر على مساعدة شريكه ا هـ . حمام بينهما انهدم فامتنع أحدهما من المرمة
فلا جبر إلا في هذه المسألة ونحوها وفي تهذيب القلانسي من كتاب الدعوى وفي البئر المشترك والدولاب ونحوه يجبر الشريك على العمارة وفي حائط ساتر لا بناء عليه إن ظهر تفتته يفتى بالجبر ; لأنه ليس له منفعة تمنعه عنها دون الستر وهو يحصل بالبناء . ا هـ .
هذا إذا لم يكن مال يتيم أو وقف فإن كان مال اليتيم فقال في وصايا الخانية قال جدار بين داري صغيرين عليه حمولة يخاف عليه السقوط ولكل صغير وصي فطلب أحد الوصيين مرمة الجدار فأبى الآخر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل يبعث القاضي أمينا ينظر فيه إن علم أن في تركه ضررا عليهما يجبر الآبي أن يبني مع صاحبه وليس هذا كإباء أحد المالكين ; لأن ثم الآبي رضي بدخول الضرر عليه فلا يجبر أما هاهنا فأراد الوصي إدخال الضرر على الصغير فيجبر على أن يرم مع صاحبه ا هـ .
قلت : ويجب أن يكون الوقف كمال اليتيم فإذا يجبر على التعمير من مال الوقف وقد صار حادثة الفتوى وإذا علم أنه لا جبر على الشريك فلطالب المرمة الإنفاق والتعمير ويرجع إن كان مضطرا بأن كان المشترك لا يمكن قسمته بأن كانت دارا صغيرة لا يمكن قسمتها أو حماما أو حائطا غير عريض فإن لم يكن مضطرا كالدار الكبيرة التي يمكن قسمة عرصتها والبناء في نصيبه فلا رجوع وذكر كانت الدار مشتركة بين وقفين احتاجت إلى المرمة فأراد أحد الناظرين وأبى الآخر الحلواني ضابطا فقال كل من أجبر أن يفعل مع شريكه فإذا فعل أحدهما بغير أمر الآخر لم يرجع ; لأنه متطوع إن كان يمكنه أن يجبره مثل كري الأنهار وإصلاح السفينة المعيبة وفداء العبد الجاني وإن لم يجبر لا يكون متطوعا كمسألة انهدام العلو والسفل . ا هـ .
ومن ذلك لو لم يرجع لتمكنه من رفعه إلى القاضي ليجبره بخلاف الزرع المشترك إذا أنفق عليه بلا إذن فإنه يرجع ; لأنه لا يجبر شريكه كما في المحيط فكان مضطرا وقدمنا كيفية الرجوع وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام مسائل الحيطان في الدعوى والقسمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وفي دعوى الملتقط أنفق الشريك على الدابة بغير إذن شريكه كان متطوعا إذا لم يكن لصاحبه عليها جذوع ولا له وإن كان له عليها جذوع يمنع صاحبه عن وضع الجذوع حتى يأخذ نصف ما أنفق في الجدار . ا هـ . حائط بين اثنين انهدم فبنى أحدهما بغير إذن صاحبه
[ ص: 31 ]